كيف صارت عهد التميمي رمزاً للمقاومة الفلسطينية؟

عضو في الكنيست يشكك في نسبها لأسرتها

عهد التميمي            (أ.ف.ب)
عهد التميمي (أ.ف.ب)
TT

كيف صارت عهد التميمي رمزاً للمقاومة الفلسطينية؟

عهد التميمي            (أ.ف.ب)
عهد التميمي (أ.ف.ب)

أصبحت الفتاة الفلسطينية عهد التميمي بشعرها الأشقر المجعد وعينيها الملونتين، والتي تحاكم حالياً بتهمة ضرب جنديين إسرائيليين، شخصية مكروهة في الدولة العبرية، ورمزاً للمقاومة الشعبية الفلسطينية.
وتاريخ عهد في مواجهة الجيش الإسرائيلي يعود إلى طفولتها، بعد انتشار شريط فيديو تظهر فيه وهي تحاول منع الجيش الإسرائيلي من اعتقال طفل من عائلتها. وظهرت الطفلة في حينه وهي تمسك بجندي إسرائيلي مع نساء من عائلتها من دون أي خوف أو تردد، في محاولة لإنقاذ الفتى من قبضة الجندي.
واعتقلت الفتاة في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد انتشار شريط فيديو آخر على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام تظهر فيه مع قريبتها نور وهما تقتربان من جنديين يستندان إلى جدار منزل عائلة عهد، وتبدآن في دفع الجنديين، ثم ركلهما وصفعهما وتوجيه لكمات لهما.
ولدت عهد باسم التميمي في عام 2001 في قرية النبي صالح في الضفة الغربية المحتلة. والدها ناشط معروف يقود مظاهرات أسبوعية في قريته النبي صالح احتجاجاً على استيلاء المستوطنين على أراضي القرية. وسجن لسنوات عدة لدى إسرائيل.
ويصف باسم التميمي عهد بـ«الخجولة»، لكن الإعلام الإسرائيلي يرى أنها تبحث عن «الاستفزاز»، وتعرف كيفية جذب اهتمام الإعلام إليها. بين الفلسطينيين المحبطين من احتلال لا أفق له، وغياب أي أمل بالتسوية، وإعلان أميركي أخيراً بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، تحولت عهد إلى أحد رموز المقاومة الشعبية.
ويقول والدها لوكالة الصحافة الفرنسية: إن عهد «صاحبة قناعة ترفض الاحتلال بوعي ومسؤولية».
على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفها فلسطينيون وعرب بـ«البطلة» وطالبوا بالإفراج عنها. وبين التعليقات «كم أنت عظيمة يا عهد»: «لك الله يا بطلة، أنت بألف رجل بشهامتك وكرامتك ووطنيتك. أنت فخر للفلسطينيين وهم حثالة البشرية لا يقدرون على الرجال فأصبحوا يحاكمون الصغار».
واتصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوالد عهد مساء الثلاثاء، مطمئناً إلى «صحة ومعنويات الأسيرة»، و«مشيداً بها وبعائلتها المتواجدة دائماً في المسيرات السلمية» في «النبي صالح» «ضد الاستيطان والاحتلال»، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء «وفا» الفلسطينية.
وكانت عهد تحلم بأن تصبح لاعبة كرة قدم، لكنها قررت دراسة القانون للدفاع عن عائلتها وقريتها الصغيرة القريبة من مدينة رام الله، مقر السلطة الفلسطينية. وهي حالياً طالبة في الثانوية العامة في مدرسة في مدينة رام الله.
في إسرائيل، أثارت شعبية الفتاة التي تنتهي الخميس فترة توقيفها الاحترازي في سجن عوفر، غضباً عارماً، إلى درجة كتب السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة وعضو الكنيست مايكل أورن تغريدة على موقع «تويتر» عبّر فيها عن شكوكه بأن يكون أفراد عائلة التميمي أقارب بيولوجيين. وقال إنه يعتقد أن العائلة تستأجر الأطفال وتلبسهم ملابس أميركية الطراز. وأثار هذا التعليق موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب الصحافي الإسرائيلي بن كاسبيت مقالاً في صحيفة «معاريف» يتوجه فيه للجيش الإسرائيلي بالقول: «الثمن يجب جبايته في فرصة أخرى، في الظلام، دون شهود وكاميرات». وفسّر الفلسطينيون ذلك بأنه تحريض على اغتصاب الفتاة.
وسارع كاسبيت إلى توضيح مقاله في مقال آخر نشره بالإنجليزية، وقال فيه: إن «مجموعة نادرة من الظروف وعبارة مأخوذة خارج السياق، وترجمة غير دقيقة ونية شريرة كبيرة» أدت إلى فهم «أشياء لم يفكر بها أبداً».
لكن باسم التميمي يرى بشيء من الحسرة أن قضية ابنته قد تكون حظيت بكثير من الاهتمام بسبب شكل عهد الذي يشبه الأوروبيين، على حد قوله، بعيداً «عن الصورة النمطية للفلسطينيين» التي «تقدمها الدعاية الصهيونية».
ويرفض التميمي الرد على اتهامات وسائل الإعلام والمسؤولين الإسرائيليين، قائلاً: «لسنا مضطرين للرد عليهم أو الدفاع عن أنفسنا»، ساخراً من كل الكلام عن لون شعرها وبشرتها.
وستمثُل الفتاة الخميس أمام محكمة عوفر العسكرية للنظر في تمديد اعتقالها.
ويظهر شريط الفيديو أن الجنديين المسلحين لم يردا على الفتاتين، وتراجعا إلى الخلف.
وترتدي عهد كوفية فلسطينية في شريط الفيديو، بينما تدفع الجنديين على سلم منزلها، وتحاول مع قريبتها ووالدتها ناريمان (43 عاماً) طردهما من أمام المنزل.
ووقعت الحادثة في يوم من المواجهات في أنحاء الضفة الغربية وقعت خلال احتجاجات على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وكان أصيب فتى من عائلتها في يوم مواجهات آخر قبل أسبوع برصاص مطاطي إسرائيلي.
ويقول باسم: إن عهد «كبرت وهي تستمع إلى قصص عن الاعتقالات والاقتحامات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن في عائلتها «شهداء بينهم خالها وعمتها».
ويضيف «ثقافة المقاومة شكلت وعي عهد وإيمانها» بقضيتها.
ويرى باسم أن ابنته أصبحت «قضية رأي عام» في إسرائيل، متخوفاً من أن يتم الحكم عليها بالسجن. ويقول: «لا أتمنى ذلك، ولكنهم سيحكمون عليها؛ لأنهم مصرون على اعتقالها».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم