وزير الداخلية التونسي: منعنا ثمانية آلاف من التوجه إلى سوريا

بن جدو أكد الحاجة الى الجيش في مواجهة الإرهاب

لطفي بن جدو
لطفي بن جدو
TT

وزير الداخلية التونسي: منعنا ثمانية آلاف من التوجه إلى سوريا

لطفي بن جدو
لطفي بن جدو

قال لطفي بن جدو، وزير الداخلية التونسية، إن صراع تونس مع الإرهابيين تحول إلى «حرب شوارع»، ما أثر على أداء المؤسسة الأمنية في مواجهاتها المتكررة ضد الإرهاب، وهذا ما جعل وزارة الداخلية تجد نفسها «في حاجة ماسة لمعدات الجيش لمقاومة الإرهاب»، على حد قوله.
وأضاف بن جدو في جلسة استماع للقيادات الأمنية، عقدت بمناسبة مناقشة مشروع القانون الجديد المتعلق بمكافحة الإرهاب، أن قوات الجيش ستتمكن لاحقا من محاربة المجموعات الإرهابية داخل المدن والقرى. وأشار إلى أن المواجهات المسلحة بالمناطق السكنية كانت ممنوعة على المؤسسة العسكرية في قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003، ولم يكن بإمكانها مجابهة الإرهاب إلا في المناطق البعيدة عن العمران، وهو ما حد من نجاعة الحرب ضد الإرهاب، على حد تقديره.
وقدم بن جدو إحصائيات حديثة حول التونسيين المشاركين في رحلات الجهاد إلى سوريا، وقال إن الوزارة تمكنت من منع ثمانية آلاف و750 تونسيا من التوجه إلى سوريا، وإن عدد من قضوا نحبهم هناك يقدر بنحو 400 جهادي. وأشار في المقابل، إلى تخوف تونسي كبير من عودة المجاهدين من سوريا، بعد تدربهم هناك على الأسلحة وشتى أساليب القتال، وقدر عدد العائدين بنحو 460 جهاديا. وقال «إنهم يمثلون عبئا على تونس». وبخصوص كيفية منع التونسيين مستقبلا من السفر للجهاد في الخارج، قال بن جدو إن قانون مكافحة الإرهاب الجديد سيجرم المشاركة في القتال بالخارج.
في السياق ذاته، قللت القيادات الأمنية النقابية من خطورة التهديدات الإرهابية ضد الأطر الأمنية. لكن الحبيب الراشدي القيادي في نقابة الأمن الجمهوري أكد أنها «تهديدات جدية، وهي خطوة استباقية من الإرهابيين لتخويف قوات الأمن وإرباكها»، على حد تعبيره. وأضاف أن السلطات اتخذت ما يكفي من الإجراءات الاحتياطية لحماية الأمنيين وعائلاتهم. وكانت منازل عدة قيادات أمنية قد حملت علامات «قاطع ومقطوع» باللون الأسود في عدد من المدن التونسية.
على صعيد متصل، دعا بن جدو إلى تكثيف الدورات التدريبية الموجهة للإعلاميين في مجال التعامل والوجود في أماكن الاحتجاجات. وقال أمس على هامش المشاركة في يوم دراسي حول «علاقة الأمن بالصحافي أثناء عمليات حفظ النظام»، إن المشكلات بين الأمن والصحافة هي «تصرفات فردية أن وجدت، وغير ممنهجة».
وبعيدا عن أجواء التجاذب السياسي أعدت حركة النهضة التونسية برنامجا حافلا بمناسبة الذكرى 33 تأسيسها. ونظمت مهرجانا خطابيا قرب قصر الحكومة، حضره رئيس الحركة راشد الغنوشي، وعبد الفتاح مورو، اللذان يعدان من أول مؤسسي الحركة الإسلامية في تونس.
ومن بين البرامج الاحتفالية التي أعلنت عنها الحركة ندوة سياسية تحت عنوان «التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي: تونس نموذجا»، شارك فيها الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، ومحمد يتيم، نائب رئيس مجلس النواب المغربي، والباحث الفلسطيني عزام التميمي، والباحث الفرنسي فانسان جيسر.
من ناحية أخرى، نظم الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين «مسيرة القدس العالمية» بالعاصمة. وأشار محمد العكروت، رئيس اللجنة التحضيرية لهذه المسيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى خصوصية هذا الحدث الذي يتزامن مع المصالحة الوطنية الفلسطينية، ومسارعة الاحتلال إلى سياسة فرض الأمر الواقع على حد قوله.
وردد المشاركون في هذه المسيرة الرمزية شعارات كثيرة من بينها «الشعب يريد تحرير فلسطين»، وشاركت فيها نحو 20 جمعية، وتضمنت الاحتفالات أناشيد وفقرات تنشيطية وخيمات للتعريف بالقضية الفلسطينية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم