الرئيس التركي يعبر عن استعداد بلاده لتقليص العجز التجاري مع تونس

إردوغان رفع شعار «رابعة» أمام المصورين بعد لقائه الرئيس التونسي

الرئيسان التونسي الباجي قائد السبسي والتركي رجب طيب إردوغان يستعرضان حرس الشرف في قصر قرطاج أمس (أ.ب)
الرئيسان التونسي الباجي قائد السبسي والتركي رجب طيب إردوغان يستعرضان حرس الشرف في قصر قرطاج أمس (أ.ب)
TT

الرئيس التركي يعبر عن استعداد بلاده لتقليص العجز التجاري مع تونس

الرئيسان التونسي الباجي قائد السبسي والتركي رجب طيب إردوغان يستعرضان حرس الشرف في قصر قرطاج أمس (أ.ب)
الرئيسان التونسي الباجي قائد السبسي والتركي رجب طيب إردوغان يستعرضان حرس الشرف في قصر قرطاج أمس (أ.ب)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، استعداد بلاده لتقليص العجز التجاري الذي تشهده تونس مع تركيا. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس، بقصر قرطاج مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إن تركيا مستعدة لزيادة استيراد زيت الزيتون التونسي. وكشف بالمناسبة ذاتها، عن إنجاز الحكومة التركية لدراسة تهدف إلى اتخاذ إجراءات لدفع التعاون مع تونس في المجال السياحي. وذكر أن 150 مستثمرا قدموا إلى تونس لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشددا على أن بلاده تطمح لأن «تصبح تونس في مستوى أفضل»، على حد تعبيره.
وأثناء استقباله من قبل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، التقطت كاميرا المصورين الحاضرين في قصر قرطاج لمواكبة الزيارة، صورة تشير إلى الرئيس إردوغان يرفع شعار «رابعة»، وهو ما سيخلف جدلا سياسيا قويا على المستوى المحلي.
وكان الرئيس التركي قد وصل إلى تونس فجر يوم أمس، في زيارة دولة بدعوة من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، في ظل خلاف اقتصادي حاد بين البلدين، نتيجة اختلال المبادلات التجارية لصالح الاقتصاد التركي. واستقبله في مطار تونس قرطاج عدد من المسؤولين التونسيين، يتقدمهم وزير الخارجية، خميس الجهيناوي، والممثل الخاص للرئيس، الأزهر القروي الشابي، والسفير التونسي في أنقرة، محمد فيصل بن مصطفى، والسفير التركي لدى تونس، عمر فاروق دوغان، وعدد آخر من أعضاء البعثة الدبلوماسية التركية في تونس.
وواجهت الزيارة مقاطعة بعض الأحزاب السياسية التونسية لمأدبة الغداء التي أعدها الرئيس التونسي لضيفه، ومنها اعتذار حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي عن عدم حضور مأدبة الغداء الرسمية. وفي هذا الشأن، قال الجنيدي عبد الجواد، القيادي في حزب المسار، إن هذا القرار اتخذ «احتجاجا على سياسة تركيا الاستبدادية تجاه القوى الحية من المثقفين والفنانين والجامعيين والصحافيين، وعلى خنقه للحريات العامة والفردية ومصادرته حرية الصحافة»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، نظمت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وقفة تضامنية مع الصحافيين الأتراك المسجونين، تزامنا مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وأكد ناجي البغوري، رئيس النقابة، أن هذا التحرك ينتظم في الوقت الذي يواصل فيه الاتحاد الدولي للصحافيين والنقابات المنضوية تحت لوائه، بما فيها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، حملة للتضامن مع الصحافيين الأتراك المسجونين منذ يوم 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
واعتبرت النقابة، في بيان لها، أن تركيا تمثل أكبر سجن للصحافيين المحترفين في العالم، حيث لا يزال حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 أكثر من 149 صحافيا وراء القضبان في ظروف لاإنسانية.
وعلى مستوى العلاقات الاقتصادية، ينتظم بمناسبة هذه الزيارة المنتدى الاقتصادي التونسي - التركي، وذلك بتعاون بين الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال التونسيين)، ونظيره التركي، وبحضور عدد مهم من رجال الأعمال وممثلين عن الهياكل الاقتصادية في البلدين.
ويحتل الخلاف الاقتصادي بين تونس وتركيا صدارة الاهتمامات بين البلدين خصوصا بعد مطالبة تونس بمراجعة اتفاقية التبادل الحر بين تونس وتركيا الموقعة سنة 2004 التي أضرت بعدد من الأنشطة الاقتصادية التي لم تتحمل المنافسة القوية للمؤسسات التركية.
وفي هذا الشأن، قال عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعطيات الرسمية في تونس تشير إلى اختلال واضح للمبادلات التجارية لصالح تركيا، حيث قدر العجز بنحو 1482 مليون دينار تونسي (نحو 594 مليون دولار أميركي). وأكد أن هذه الاتفاقية أثرت بشكل مباشر على عدد من الأنشطة الاقتصادية في تونس، يأتي على رأسها قطاعا الفلاحة والنسيج، إذ أغلقت نحو 400 مؤسسة تونسية ناشطة في مجال النسيج أبوابها، وفقد القطاع نحو 40 ألف موطن شغل خلال السنوات السبع الماضية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.