السجن 11 سنة لـ14 فتاة شاركن في «وقفة احتجاجية»

فتيات مصريات من الموالين لجماعة الإخوان المسلمين في قفص المحاكمة بمدينة الأسكندرية أمس قبيل النطق بالحكم (أ.ب)
فتيات مصريات من الموالين لجماعة الإخوان المسلمين في قفص المحاكمة بمدينة الأسكندرية أمس قبيل النطق بالحكم (أ.ب)
TT

السجن 11 سنة لـ14 فتاة شاركن في «وقفة احتجاجية»

فتيات مصريات من الموالين لجماعة الإخوان المسلمين في قفص المحاكمة بمدينة الأسكندرية أمس قبيل النطق بالحكم (أ.ب)
فتيات مصريات من الموالين لجماعة الإخوان المسلمين في قفص المحاكمة بمدينة الأسكندرية أمس قبيل النطق بالحكم (أ.ب)

صعدت مشيخة الأزهر الشريف في مصر أمس ضد طلاب ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي، وأعلنت لأول مرة منذ بدء مظاهرات الطلاب داخل جامعة الأزهر عن فصل 700 طالب، بينهم وافدون من دول عربية وأفريقية. فيما قضت محكمة مصرية بسجن 14 فتاة من المنتميات للجماعة 11 عاما لكل منهن، على خلفية التظاهر الشهر الماضي في مدينة الإسكندرية.
وأشارت المحكمة أمس إلى أن الفتيات متهمات بقطع الطريق وحيازة أسلحة بيضاء وإتلاف منشآت، كما عاقبت المحكمة ستة هاربين رجال، من بينهم القياديان البارزان علي عبد الفتاح، ومدحت الحداد، بالحبس 15 عامًا. إلى جانب معاقبة «محكمة الأحداث» سبع فتيات أخريات، تحت السن القانونية «قاصرات»، من الجماعة بالإيداع بمؤسسة دور رعاية الأحداث.

وكانت محكمتا جنح سيدي جابر والأحداث بالإسكندرية، استأنفتا أمس، ثاني جلسات محاكمة 21 فتاة من المنتميات لجماعة الإخوان المسلمين، من بينهن سبع قاصرات، بعد اتهامهن بقطع الطريق، والتحريض على أحداث الشغب، على خلفية تنظيمهن فعاليات احتجاجية بكورنيش الإسكندرية، قامت على أثرها جماعة الإخوان بتنظيم العديد من المظاهرات في محافظات عدة اعتراضا على ذلك وتحت عنوان «حرائر مصر خط أحمر».

ووجهت النيابة العامة للفتيات اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية، والتجمهر واستخدام القوة، وإتلاف المحال والعقارات، وتكدير السلم العام، وتعطيل مصالح المواطنين أثناء تظاهرهن.

وفي رد فعل أولي، استنكرت قطاعات واسعة بالشارع المصري الحكم، وعدته صادما، وقال ناشطون من معارضي جماعة الإخوان المسلمين إن «الحكم قاس، وبخاصة بالنظر إلى سن الفتيات الصغير، وأن كل جريمتهن هو التظاهر».

في غضون ذلك، أعلن الأزهر الشريف عن فصل 700 طالب من جامعة الأزهر، بينهم وافدون، نتيجة تغيبهم عن المحاضرات في الجامعة، وذلك في مؤتمر رعاه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وحضره قيادات أزهرية مسؤولة في مشيخة الأزهر، بينهم الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، والسفير عبد الرحمن موسى مستشار شيخ الأزهر لشؤون المبعوثين. وحذر الشيخ جعفر عبد الله رئيس قطاع المعاهد الأزهرية بالأزهر الشريف، خلال افتتاح الموسم الثقافي لمعاهد البعوث الإسلامية بمقر معهد البعوث بنين بالقاهرة أول من أمس، الطلاب من الانصراف عن تحصيل العلم لأي أمور أخرى والانسياق وراء تيارات أو الانشغال بأمور سياسية، مشيرا إلى أنه «جرى فصل 700 طالب من الدول المختلفة نتيجة تغيبهم عن المحاضرات».

وأثار قرار الأزهر بفصل الطلاب حفيظة طلاب الإخوان والوافدين، ورأوا أنها دعوة صريحة لمواصلة مسلسل فصل الطلاب، قائلين في لقاءات مع «الشرق الأوسط» إنه «كان واجبا على قيادات مشيخة الأزهر تهدئة الأوضاع وليس إشعالها داخل الجامعة»، مؤكدين أنهم سوف يواصلون مظاهرات التصعيد خلال الفترة المقبلة للتنديد بقرارات المشيخة والجامعة.

وقررت إدارة جامعة الأزهر أمس منع 134 طالبا وطالبة من دخول الحرم الجامعي، وإخلاء الساكنين منهم من المدن الجامعية، نظرا لما قاموا به من أعمال تخريبية ضد منشآت الجامعة وتشويه الحوائط والجدران وتعطيلهم للعمل في الكليات. وأعلنت الجامعة أن عدد الطلاب المحولين لمجالس التأديب بلغ 140 طالبا وطالبة، وأنه جرى فصل أعضاء اتحاد الطلبة بكلية تجارة الأزهر من المدينة الجامعية. وقالت إدارة الجامعة في بيان أمس إن «العقوبات ستكون مشددة لمن جرى تحويله من الطلاب مرتين لمجلس تأديب، وقد تصل للفصل النهائي من الجامعة».

من جانبه، قال الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر إن «أي خروج عن النظم الجامعية يقابل بمنتهى الحسم، وإذا كان هناك من يتخيل أنه بعيد عن المحاسبة فهو واهم».

وتضم جامعة الأزهر نحو 400 ألف طالب وطالبة يمثلون نحو خمس طلاب التعليم العالي بمصر، وأكد الدكتور العبد لـ«الشرق الأوسط» أنه «يجري التعامل بمنتهي الشدة وبحزم مع أي طالب يخرج عن إطار الشرعية»، مؤكدا أنه لن يجري تعطيل الدراسة بالجامعة مهما حدث، فيما كشف مصدر مسؤول في جامعة الأزهر عن أن «الجامعة رصدت جميع تحركات الطلاب منذ بدأت المظاهرات، وأنه يجري فصل من ثبت أنه تورط في أعمال العنف من الجامعة نهائيا»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع مظاهرات وأعمال التخريب التي قام بها طلاب وطالبات الإخوان موثقة بالصوت والصورة».

وأضاف المصدر المسؤول أن «هذا الإجراء للتعرف على من يقومون بالتظاهر والتخريب خلال المظاهرات.. للتمكن من محاسبتهم بعد انتهاء المظاهرة».

في السياق ذاته، جددت محكمة مصرية أمس حبس 27 طالبًا من أنصار جماعة الإخوان المسلمين 15 يومًا، لاتهامهم باقتحام المبنى الإداري لجامعة الأزهر وإتلاف محتوياته، والتسبب في أحداث عنف بالجامعة.

ونسبت نيابة شرق القاهرة الكلية إلى المتهمين، تهم: التجمهر والإتلاف والبلطجة والاستيلاء على بعض الأجهزة والمنقولات الخاصة بإدارة الجامعة، ومحاصرة المبنى والعاملين من الموظفين، ومقاومة السلطات والتخريب.

كان المئات من الطلاب أنصار جماعة الإخوان بجامعة الأزهر اقتحموا المبنى الإداري بالجامعة، وأتلفوا محتوياته بما فيها مكتب رئيس الجامعة ووكلاء الجامعة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اعتراضًا على اعتقال زملائهم في أحداث فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية (شرق) والنهضة (غرب القاهرة) أغسطس (آب) الماضي، وأسفر عن ذلك دخول قوات الشرطة لأول مرة إلى الحرم الجامعي.

وزاد طلاب الإخوان من تحركاتهم داخل الجامعات في عدة مدن في البلاد أمس، ففي جامعة الإسكندرية خرجت مظاهرة حاشدة للمطالبة بالإفراج عن الطالبات المعتقلات.



الحارس الحوثي القضائي يشعل خلافات مع أجنحة الجماعة

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

الحارس الحوثي القضائي يشعل خلافات مع أجنحة الجماعة

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

فجّرت ممارسات الحارس القضائي الجديد الذي كلفه الحوثيون مصادرة أموال معارضيهم، خلافاً بين أجنحة الجماعة الانقلابية بعد أن امتدت هذه الممارسات إلى أحد وجهاء القبائل المتعاونين معهم.

الحوثيون أوكلوا بعد اجتياح صنعاء إلى تاجر السلاح صالح مسفر الشاعر المعين مسؤولاً للشؤون اللوجيستية بوزارة الدفاع في الحكومة غير المعترف بها، مهمة الاستيلاء على شركات وممتلكات المعارضين السياسيين والمسؤولين في الحكومة اليمنية وأعضاء مجلس النواب، بما فيها مساكنهم الشخصية، بتهمة الخيانة.

استمر الشاعر في هذا المنصب حتى عام 2021، حيث أحلّت الجماعة الانقلابية في مكانه شخصاً آخر اسمه صالح دبيش ومُنح من قِبل مجلس القضاء التابع لها درجة قضائية عليا، حيث وسّع الرجل نطاق المصادرة إلى عواصم المحافظات وذهب للتفتيش في أسهم الشركات أو المستشفيات وحتى البنايات لمصادرتها بحجة أنها ملك لمعارضين لسلطتهم.

واتهم القيادي الحوثي صادق أبو شوارب دبيش بإثارة الفتنة واستهداف ما أسماه النسيج الاجتماعي ووحدة الجبهة الداخلية وتماسكها؛ لأنه اتهم أحد الوجهاء القبليين في محافظة عمران ويدعى علي تميم بالخيانة مع مصادرة ممتلكاته.

صورة ضوئية لتوجيهات الحارس القضائي الحوثي بمصادرة أملاك عائلة يمنية

ودافع أبو شوارب عن المتهم وقال إنه وأسرته وأتباعه لهم مواقف معروفة لدى عامة الناس وخاصتهم. ورأى أبو شوارب، وهو قيادي حوثي أصبح أخيراً على هامش التأثير في صفوف الجماعة، أن ما قام به الحارس القضائي «محاولة بائسة لاستباحة أملاك وأموال عائلة تميم». وزاد على ذلك واتهم دبيش بإشعال نار الفتنة، ووصف ما قام به بأنه «منكر ومرفوض».

نقد علني

مع إعلان أبو شوارب الوقوف إلى جانب بيت تميم «حتى يرد اعتبارهم وأموالهم»، انضم قيادي وسطي آخر في صفوف الحوثيين يدعى سنان أبو أصبع إلى حملة النقد العلنية الموجهة للحارس القضائي.

وقال أبو أصبع إنه يحتفظ بتوجيهات ورسائل من المدعي العام العسكري للجماعة ويدعى أبو شهاب العياني موجهة إلى الحارس القضائي صالح دبيش تنص على منع اقتحام أي بيت توجد فيه أسرة. وأكد أن التوجيهات واضحة، بما فيها توجيهات من عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة.

ووجّه أبو أصبع نقداً حاداً للرجل وقال مخاطباً قادة جماعته كل يوم «نجد بلطجياً تابعاً لكم» يهدد الناس ويأمرهم بالخروج من المنازل وإلا سوف يتم اقتحامها بناءً على توجيهات قهرية منه.

مسلحو الجماعة الحوثية فرضوا سطوتهم على مناحي الحياة كافة في صنعاء (إ.ب.أ)

وقارن بين دبيش وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقال إن الأخير لم يأمر باقتحام منزل مليء بالأطفال والنساء مثلما يفعل دبيش، مشيراً إلى أنه يأخذ الرجال إلى السجن ويخرِج الأطفال والنساء إلى الشارع.

النقد الموجَّه للحارس القضائي الذي سلَّطه الحوثيون على ممتلكات المعارضين لم يقتصر على القيادات الوسطية وتلك التي أتت من خارج سلالة الحوثيين، لكنها امتدت إلى داخل الجماعة، حيث اتهم القيادي الحوثي المعروف عبد السلام الوجبة من سماهم «بلاطجة الحارس القضائي الجديد» ومدير عقوده المدعو أبو أمير الدين بالاعتداء على إحدى الأسواق المؤجرة في شارع جمال عبد الناصر التجاري في صنعاء لمستثمر يدفع كل ما تضمَّنه العقد الموقَّع معهم.

وأكد الوجيه أنه أحد شهود ذلك العقد، ووصف ما حدث بأنه يخالف كل الأعراف والقيم والمبادئ، وتساءل عما إذا كان هناك مجيب أو عاقل وراشد يرفع هذه المظلمة عن تجار المحال المؤجرة والذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث.

صلاحيات بلا سقف

تظهر واقعة اقتحام دار الأيتام في صنعاء وإغلاق مدرسة «روافد النهضة»، التي كان الأيتام يتلقون فيها التعليم مجاناً، حجم الصلاحيات التي مُنحت لهذا الحارس القضائي الحوثي، حيث افتتح مدرسة تحمل الاسم نفسه وبالتصريح ذاته، لكن الالتحاق بها برسوم دراسية مرتفعة بعد تحويلها مشروعاً استثمارياً.

وتقول مصادر مطلعة في صنعاء إن القيادي دبيش استأجر مبنى جديداً بمبلغ 2000 دولار شهرياً، وضم المدرسة إلى ما تسمى «مؤسسة الشهداء» التي يديرها القيادي الحوثي طه جران، وهي الجهة التي استولت على «مؤسسة اليتيم التنموية». وكان أول قرار لها هو إغلاق المدرسة المجانية واستخدام تصريحها وتجهيزاتها في افتتاح مدرسة استثمارية تتبع الجناح العسكري للجماعة الحوثية.

الحوثيون استولوا على شركتين للأدوية بحجة البحث عن أسهم المعارضين (إعلام محلي)

وكان الحارس القضائي الجديد للحوثيين قد استكمل ما بدأه سلفه، حيث توجّه نحو المشروعات الاستثمارية والبحث عن أسماء المساهمين فيها ومصادرتها كما حدث في عدد من المستشفيات الخاصة في محافظة إب الواقعة على بعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء؛ بحجة وجود معارضين للجماعة من بين المساهمين في تلك المستشفيات. وعيَّن إدارة لهذه المستشفيات وخصص لهم رواتب مبالَغ فيها وحوّل عائداتها لخدمة الجماعة.

كما تولى هذا الحارس الحوثي مهمة الاستيلاء على أكبر شركتين لإنتاج الأدوية في اليمن بحجة اكتشاف وجود مساهمين من المعارضين لم تسلّم إدارة الشركتين أرباحهم للجماعة إلى جانب المساهمين السابقين الذين تتم مصادرة أرباحهم التي بلغت في أحد الأعوام ربع مليون دولار.