مصر تتأهب لحفل تنصيب السيسي رئيسا للبلاد بمشاركة عدد من القادة والزعماء

القاهرة ترفض «انتقادات أوروبية».. والرئيس المنتخب يؤدي اليمين الدستورية غدا

مصريون يواصلون احتفالاتهم بفوز الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية ويرفعون الأعلام الوطنية والملصقات المؤيدة له أمام قصر الاتحادية الرئاسي  (أ.ف.ب)
مصريون يواصلون احتفالاتهم بفوز الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية ويرفعون الأعلام الوطنية والملصقات المؤيدة له أمام قصر الاتحادية الرئاسي (أ.ف.ب)
TT

مصر تتأهب لحفل تنصيب السيسي رئيسا للبلاد بمشاركة عدد من القادة والزعماء

مصريون يواصلون احتفالاتهم بفوز الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية ويرفعون الأعلام الوطنية والملصقات المؤيدة له أمام قصر الاتحادية الرئاسي  (أ.ف.ب)
مصريون يواصلون احتفالاتهم بفوز الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية ويرفعون الأعلام الوطنية والملصقات المؤيدة له أمام قصر الاتحادية الرئاسي (أ.ف.ب)

تبدأ مصر غدا (الأحد) عهدا رئاسيا جديدا، بتولي المشير عبد الفتاح السيسي مهام منصبه كرئيس للجمهورية رسميا، خلفا للرئيس المؤقت عدلي منصور، حيث يؤدي اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، يعقبه حفل تنصيب يشارك فيه قادة وزعماء العديد من دول العالم.
وبينما رفضت الخارجية المصرية أمس انتقادات أوروبية، بشأن الأجواء السياسية المحيطة بالانتخابات الرئاسية التي جرت الأسبوع قبل الماضي، وما عدته «عمليات اعتقال نشطاء سياسيين»، تلقى الرئيس المنتخب أمس اتصالين هاتفيين من نظيره الإسرائيلي شيمعون بيريس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتهنئة بفوزه، كما تلقى تهنئة مماثلة من كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي.
وأعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء الماضي فوز السيسي رسميا برئاسة البلاد بعد حصوله على 96.91 في المائة من نسبة الأصوات الصحيحة، أمام منافسه الوحيد حمدين صباحي.
وتواصلت الاستعدادات بقصر القبة الرئاسي بحي مصر الجديدة (شرق القاهرة)، لاستقبال حفل تنصيب الرئيس المنتخب، والذي سيحضره رؤساء وممثلو دول العالم، حيث جرى الانتهاء من الاستعدادات النهائية لاستقبال ضيوف مصر.
وكانت رئاسة الجمهورية قد وجهت دعوات إلى الشخصيات العامة المصرية والعربية والدولية لحضور الحفل، إلا أنها استثنت كلا من تركيا وقطر، بسبب توتر العلاقات على خلفية تأييد أنقرة والدوحة للرئيس السابق محمد مرسي عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013.
وبدأت الاستعدادات في الرئاسة أمس لاستقبال الرؤساء والملوك من مطار القاهرة بمندوبين عن الرئيس وبترتيب من إدارة المراسم بالرئاسة. ومنحت الحكومة العاملين بالدولة إجازة رسمية هذا اليوم.
وقالت مصادر رئاسية إن فعاليات يوم الأحد ستبدأ بمراسم حلف الرئيس السيسي اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، بمقر المحكمة بحي المعادي (جنوب القاهرة)، وبحضور الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، ورئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، ووزراء حكومته ورؤساء الهيئات القضائية وأعضاء اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.
ويعقب ذلك، حسبما أشارت المصادر، حفل بقصر الاتحادية يستقبل فيه الرئيس السيسي ضيوفه من الخارج من رؤساء وملوك وأمراء الدول التي وجهت الدعوة لهم على مأدبة غذاء. وأوضحت المصادر أن وزارة الخارجية هي التي قامت بتوجيه الدعوات لرؤساء الدول عن طريق السفراء المصريين في الخارج، وأن مؤسسة الرئاسة ستتولى استضافة الملوك والرؤساء، لافتا في الوقت نفسه أن عدد الدعوات التي جرى توجيهها لرؤساء الدول الخارجية نحو 22 دعوة.
وتختتم فاعليات يوم الأحد بحفل التنصيب الذي يستضيفه قصر القبة الرئاسي بحضور عدد كبير من الشخصيات العامة وممثلي الأحزاب السياسية والقوى المجتمعية في الدولة، على أن يتضمن الحفل خطابا للرئيس السيسي.
ووصل إلى القاهرة أمس وفد من الديوان الملكي السعودي ضم 27 شخصا برئاسة خالد بن صالح بن عباد العباد رئيس المراسم .
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود قد أجرى اتصالا هاتفيا مساء أول من أمس (الخميس) بالرئيس المنتخب السيسي هنأه خلاله على الثقة التي أولاه إياها الشعب المصري بانتخابه رئيسا. وقالت وكالة الأنباء السعودية إن السيسي عبر عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين على مشاعره النبيلة والكريمة ومواقفه التي لن تنساها مصر وشعبها.
ومن بين الشخصيات التي ينتظر حضورها الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، والملك عبد الله الثاني العاهل الأردني، والملك محمد السادس العاهل المغربي، والملك حمد بن عيسى العاهل البحريني، والرئيس اليمني عبد ربه منصور، والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، والرئيس الإريتري آسياس أفورقي، ورئيس غينيا الاستوائية أوبيانج إنجيما. ومن المحتمل أن يشارك الرئيس السوداني عمر البشير بعد وصول وفد من الرئاسة السودانية للقاهرة أمس. كما لم تتأكد مشاركة الرئيس الإيراني حسن روحاني رغم توجيه الدعوة له.
فيما أناب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رئيس البرلمان محمد ولد خليفة لتمثيله في مراسم تنصيب السيسي، كما أناب السلطان قابوس بن سعيد وفدا رفيع المستوى برئاسة أسعد بن طارق آل سعيد ممثل السلطان على رأس الوفد الرسمي لسلطنة عمان.
وعلى صعيد الدول الغربية، قالت مصادر دبلوماسية إن الولايات المتحدة ودول أوروبا تعتزم إرسال ممثلين على مستوى منخفض لحضور مراسم تنصيب السيسي، بسبب ما اعتبرته بواعث قلق بشأن الأجواء السياسية المحيطة بالانتخابات، خاصة ما يتعلق بانتهاكات في حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي.
وقال مصدر دبلوماسي غربي لـ«رويترز» إن سفراء الدول الأوروبية في مصر سيمثلون دولهم في مراسم التنصيب. فيما أكد مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة سترسل توماس شانون وهو مستشار لوزير الخارجية الأميركي جون كيري. كما يشارك مبعوث خاص عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان الاتحاد الأوروبي قد عبر عن قلقه لاستمرار احتجاز معارضين ونشطاء سياسيين وصحافيين، لكنه أكد في بيان أصدره أول من أمس، استعداده للعمل بشكل وثيق مع السلطات الجديدة في مصر برئاسة السيسي.
وقال الاتحاد إن «إجراء الانتخابات الرئاسية خطوة هامة في تنفيذ خارطة الطريق الدستوري نحو الانتقال إلى الديمقراطية في مصر»، معربا عن أمله في أن «ينهض (السيسي) بالتحديات الكبرى التي تواجهها البلاد وبينها الوضع الاقتصادي الصعب والانقسامات العميقة داخل المجتمع والإطار الأمني واحترام حقوق الإنسان».
وأشاد البيان بالعملية الانتخابية. وقال إنه «أخذ علما بأن الاقتراع جرى بنظام وبشكل سلمي»، مستندا إلى التقرير الأولي لبعثة مراقبي الانتخابات التي أوفدها. إلا أنه أضاف «فيما أرسى الدستور الجديد سلسلة حقوق أساسية، فإن احترام القوانين لم يكن بمستوى المبادئ الدستورية؛ فإن حرية التجمع وحرية التعبير هما موضوعان يثيران قلقا لا سيما في إطار هذه الانتخابات».
وجدد الاتحاد «قلقه العميق إزاء اعتقال أعضاء من المجتمع المدني والمعارضة وكذلك من الناشطين»، معربا عن أمله في أن تشجع السلطات على «إقامة حوار وطني تمهيدا للانتخابات التشريعية المقبلة بهدف إفساح المجال أمام المعارضة التي نبذت العنف وتبنت المبادئ الديمقراطية بالتحرك بحرية».
وفي المقابل، قال السفير حاتم سيف النصر مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأوروبية إن مصر سبق أن رحبت بتلبية الاتحاد الأوروبي للدعوة التي وجهت له للمشاركة في متابعة الانتخابات الرئاسية، والتي انعكست فيما جاء في تقرير بعثة الاتحاد الأوروبي بأن الانتخابات جرت وفقا للقانون، وكذا في بيان الاتحاد الأوروبي الصادر اليوم بأن الانتخابات تمت بطريقة سلمية ومنظمة.
وأضاف: «لاحظنا من جانب آخر وجود خلط بين تقييم العملية الانتخابية وبين قضايا سياسية، وأن كلا من التقرير والبيان المشار إليهما تناولا - للأسف الشديد - عددا من الحالات المطروحة أمام القضاء المصري أو تتعلق بسياسات عامة للدولة المصرية لا يجوز للاتحاد الأوروبي أو لغيره من الجهات الخارجية إبداء الرأي بشأنها أو التعليق عليها».
ووجه السفير سيف النصر انتباه الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة التزامه بالخطوط التوجيهية المرتبطة بتقييم عملية متابعة الانتخابات الرئاسية وعدم التطرق إلى ما لا يخصه فيما يتعلق بكيفية إدارة المصريين لشؤونهم في المرحلة المُقبلة، كما شدد على أن التزام مصر بإتمام تنفيذ كامل خطوات خارطة المستقبل لترسيخ أسس ديمقراطية عصرية إنما ينبع من إرادة شعبية مصرية حرة.
وتابع: «مصر طالما حرصت على تجنب التعليق على بعض التوجهات السياسية المتنامية في أوروبا وتنامي ظواهر سلبية كعدم قبول الآخر والإسلاموفوبيا، انطلاقا من احترامها لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، الذي يتحتم أن يسود العلاقات بين الدول في إطار من الندية واحترام استقلالية القرارات السيادية للدول، وهو ما نتوقع من الاتحاد الأوروبي الالتزام به».
من جهة أخرى، قالت حملة الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي إنه تلقى اتصالين هاتفيين صباح أمس، من الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لتهنئته بالفوز في الانتخابات الرئاسية.
وقال البيان إن السيسي أعرب عن تقديره لحرصهما على التواصل معه وتهنئته بالفوز في انتخابات الرئاسة، مؤكدا على التزام مصر بكافة تعهداتها الدولية ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي تعتبر استحقاقا هاما يمكن البناء عليه وتطويره بما يخدم مصالح شعبي البلدين. كما شدد السيسي على أن «المرحلة الراهنة تمثل فرصة حقيقية لإيجاد مناخ ملائم لحل القضية الفلسطينية، والحرص على نشر السلام في منطقة الشرق الأوسط بأكملها».
من جانبهما أكد المسؤولان الإسرائيليان خلال الاتصال أن السيسي «حقق فوزا كاسحا في الانتخابات الرئاسية، التي تمت وسط أجواء ديمقراطية شفافة، معلنين استعداد بلدهما الكامل للتعاون مع مصر في مختلف المجالات سياسيا وأمنيا».
وتمنى بيريس ونتنياهو خلال الاتصال لمصر والمصريين «المزيد من التقدم والرفاهية خلال الفترة المقبلة، في ظل قناعتهما التامة بأن الرئيس الجديد سيقود بلاده إلى المكانة والموقع الذي تستحقه بين دول العالم».
كما هنأت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي الرئيس المنتخب في اتصال هاتفي، متمنية له المزيد من التوفيق والنجاح في مهمته الجديدة. وقال بيان صادر عن الحملة الانتخابية للسيسي أمس إن «لاغارد أشادت بنزاهة العملية الانتخابية، والأجواء الشفافة التي تمت فيها، ونسب مشاركة المصريين، والأعداد الكبيرة التي خرجت إلى صناديق الاقتراع لتأييده ودعم مسيرته»، معربة عن «أملها في المزيد من التعاون بين صندوق النقد الدولي ومصر خلال الفترة المقبلة».
من جانبه، أعرب الرئيس السيسي عن بالغ تقديره لمديرة صندوق النقد الدولي، وحرصها على التواصل معه لتهنئته بالفوز في الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أن مصر في المرحلة الراهنة تتطلع إلى المزيد من التعاون والتواصل مع صندوق النقد الدولي، في إطار خطة شاملة لتحسين أوضاع الاقتصاد ورفع معدلات النمو، ومواجهة المشكلات العاجلة التي تعترض طريق التنمية.
وأوضح السيسي أن الدولة المصرية حريصة على التعاون والتواصل مع مختلف الدول والمنظمات الدولية، بهدف خلق شراكة حقيقية معها، في مجالات متعددة، تساهم في دفع عجلة التقدم والتنمية إلى الأمام، وتنعكس على مستوى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأبناء الشعب المصري.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.