جوزيف عطية: ما زلنا نعيش في زمن الفن الجميل والمواهب الجديدة إلى المجهول

وصف أغنيته الجديدة «ويلك» بالفرصة التي لم يشأ أن يفوتها

الفنان  جوزيف عطية
الفنان جوزيف عطية
TT

جوزيف عطية: ما زلنا نعيش في زمن الفن الجميل والمواهب الجديدة إلى المجهول

الفنان  جوزيف عطية
الفنان جوزيف عطية

قال الفنان اللبناني جوزيف عطية إن زمن الفن الجميل لم يمض بعد، وإننا حاليا نعيشه مع فنانين يعرفون كيف ينتقون أغنياتهم. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عدد كبير من المطربين الذين يقومون بإضافة أعمال جميلة على تاريخ الفن اللبناني، فكل منهم يحاول التمسك بالزمن الجميل على طريقته، وبينهم من نجح في ترسيخ هذه الحقبة رغم أننا في القرن الواحد والعشرين».
أخيرا أطلق جوزيف عطية أغنية جديدة بعنوان «ويلك» باللهجة البيضاء يمكن أن يفهمها أهل الخليج العربي، كما جمهوره في لبنان وجواره، ويعلق قائلا: «هذه الأغنية كانت بمثابة فرصة لم أشأ أن أفوتها، فعندما استمعت إليها وأنا في زيارة للملحن وسيم بستاني أسرتني وقررت أن أؤديها». ويوضح: «لقد شكلت مفاجأة لي لأنني لم أكن بوارد أن أصدر أغنية فردية حاليا، لا سيما أن أغاني ألبومي الأخير ما زالت تلاقي صدى طيبا لدى الناس. ولكن كما يقول الملحن سمير صفير، الفنان يجب أن يكون صيادا ماهرا والأغنية الجميلة تشبه العصفور، فيجب أن لا يتركها تفلت من يده وإلا كان صيادا فاشلا».
فجوزيف أحب الأغنية وراهن عليها، وعندما رأى أن هناك وقتا طويلا يفصله عن إطلاق ألبومه المقبل، قرر أن يصدرها ليستمتع بها جمهوره ولتأخذ حقها.
ولكن هل نحن اليوم في زمن الأغنية أو زمن النجم؟ يرد جوزيف عطية بسرعة: «أعتقد أننا نعيش في زمن الاثنين معا، فكم من مرة نجحت الأغنية وسمعنا بمغنيها لفترة فقط ثم ما لبث أن اختفى عن الساحة، وبالمقابل هناك فنانون تعطيهم الأغنية رصيدا يساهم في استمراريتهم، فبرأيي أن الناس هي التي تحكم في النهاية وفي أي زمن كان».
وعن رأيه بمواهب الغناء التي تفرزها البرامج التلفزيونية في الفترة الأخيرة، قال: «الله يساعد هذه المواهب، فكثافة هذه البرامج تفرز المئات منهم ولا متابعة جدية لهم فيما بعد. وهنا أطرح علامة استفهام كبيرة حول هذه البرامج، فهل هي مصنوعة لتسليتنا ولنمضي سهرة جميلة ونحن نتابعها فقط؟ أم أن هدفها تخريج نجوم مصيرهم مجهول؟ وأعتقد أن الجواب هو لدى القيمين عليها».
وعن برنامج الهواة الذي يتابعه شخصيا يقول: «أحب مشاهدة برنامج (أرابس غات تالنت) فعندي أن تركيبته جميلة ومسلية، فإن لجنة الحكم المشرفة عليه متجانسة وخفيفة الظل، وأن تطعيمها في الموسم الحالي بالنجم المصري أحمد حلمي أضاف إليها نكهة حلوة زادت من نسبة مشاهدي البرنامج».
وعما إذا كان القصد من أدائه أغنيتين بالمصرية في ألبومه الأخير «رايحين بيتنا» و«الورد» هو دخول السوق المصرية من بابه العريض أجاب: «بالتأكيد عندما نقدم أغنية مصرية يكون المقصود الجمهور المصري، وهي كانت بمثابة تكملة لما بدأته قبلا بأغنية (لينا يا رب) التي تضمنها الفيلم المصري (رجل غامض بسلامتو) لنيلي كريم وهاني رمزي، برأي كل فنان يجب أن يحاول تقديم الأفضل دائما وبطريقة صحيحة، ولم لا يكون ذلك باللهجة المصرية؟».
واعترف صاحب لقب «ستار أكاديمي» في موسمه الثالث، أنه مر بفترة أصيب فيها بالغرور، ولكنه ما لبث أن تخلص منه بمساعدة أهله وأصدقائه، وقال: «كل فنان معرض للمرور بهذه المرحلة؛ فالأضواء والشهرة سيف ذو حدين، خصوصا إذا ما صادفناها في عمر صغيرة، فتكون تصرفاتنا محكومة بالرعونة حينها، وعلى الفنان أن يهرب منها وإلا قضت على مستقبله».
ولكن إلى أين يهرب عادة جوزيف عطية عندما ينشد الانفراد بنفسه؟ يرد: «إلى قريتي (بحمرش) في قضاء جبيل هناك أنسى كل شيء وأعيش مع الطبيعة. فأنا أحن دائما لذكرياتي مع قريتي وهناك أشعر بالهدوء».
أخيرا أطل جوزيف عطية ضيفا في برنامج الهواة «ستار أكاديمي» الذي تخرج منه، فهل ينزعج من العودة إلى الوراء على هذا المسرح؟ يقول: «أبدا.. فهذا المسرح كان سبب شهرتي وتعريفي إلى الناس. فأنا لست من الفنانين الذين يحذرون ماضيهم، بل على العكس تماما، الأماكن بحد ذاتها تعني لي الكثير. فعندما أمر مثلا بالقرب من منزلي القديم الذي عشت فيه طفولتي أحن إلى دخوله وتمضية بعض الوقت فيه». أسأله: هل هذا يعني أنك وفي؟ فيقول: «نعم أنا إنسان وفي، وكثيرون هم الأشخاص الذين يقولون لي ذلك، فلا يمكن أن أنكر فضل أي كان علي».
وعن أغنيته الوطنية «لبنان رح يبقى» التي صارت بمثابة نشيد وطني يرددها الكبار والصغار في المناسبات الوطنية وغيرها تماما كأغنية «راجع يتعمر لبنان» للراحل زكي ناصيف يعلق بالقول: «أتمنى أن أكون وصلت إلى هذا المستوى، فالفن برأيي إرث نحمله عن سابقينا ونعمل على الحفاظ عليه. أنا بطبعي لا أحب المقارنة، ولكن أن تشبه أعمالي بعمالقة من لبنان لهو فخر أعتز به طبعا».
يبلغ عمر مشوار جوزيف عطية الفني ثماني سنوات، وهي فترة قصيرة إلى حد ما للوصول إلى النجومية، فهل ينتظر الأصعب بعد أو اكتسب مع الوقت خبرة تخوله السيطرة على الوضع قدر الإمكان؟ يقول في هذا الصدد: «عندما أسترجع شريط حياتي لهذه السنوات أشعر أنها مرت بسرعة كبيرة وأفرح. ولكن ما يمكنني تأكيده هو أنه ينتظرني بعد الكثير». والمعروف أن جوزيف عطية لا يختلط كثيرا بأجواء الفن، بل التزم منذ بداياته بالابتعاد عنها قدر الإمكان. ويقول معلقا: «نعم منذ بدايتي اتخذت قراري بالابتعاد عن الأجواء التي لا تشبه شخصيتي وتسلحت به وما زلت. قد أعذر هؤلاء الذين انغمسوا في أخطار أجواء الفن؛ لأن الشهرة ليست سهلة، ولكني أكيد من أني لن أدخل في هذه المتاهات أبدا، فتركيبتي البيئية توجهني دائما إلى التفاؤل، مما يجعل الغلط يهرب مني».
وعن إمكانية دخوله عالم التمثيل أو التقديم التلفزيوني يقول: «قد يكون التمثيل أقرب إلي، ولكن لا أحد يعلم كيف تأتي الفرصة التي يجب أن نقتنصها في حينها، وإلا، كما قال الملحن سمير صفير، نكن صيادين فاشلين».



جوزيف عطية لـ«الشرق الأوسط»: الفن يرتكز على العفوية والصدق

جوزيف عطية خلال حفله في {أعياد بيروت} ({الشرق الأوسط})
جوزيف عطية خلال حفله في {أعياد بيروت} ({الشرق الأوسط})
TT

جوزيف عطية لـ«الشرق الأوسط»: الفن يرتكز على العفوية والصدق

جوزيف عطية خلال حفله في {أعياد بيروت} ({الشرق الأوسط})
جوزيف عطية خلال حفله في {أعياد بيروت} ({الشرق الأوسط})

يثبت الفنان جوزيف عطية مكانته على الساحة الفنية يوماً بعد يوم. وأخيراً، خلال إطلالته في مهرجان «أعياد بيروت» استطاع أن ينتزع النجومية بجدارة، فأثبت مرة جديدة أنه نجم متألق. وقد شهد حفله زحفاً بشرياً وتفاعلاً منقطع النظير. ولعلّ تميزه عن غيره من أبناء جيله من الفنانين يكمن بخامة صوته. فهي تتلون بكل لحن وكلمة يؤديهما، فتبرز إمكاناته وقدراته في غناء الفولكلور اللبناني كما الأغاني الرومانسية والوطنية وحتى المصرية.

كل حفل يحييه يحمل منه ذكرى خاصة. وكلما تراكمت تجاربه في هذا المجال، شعر بثبات مكانته أكثر فأكثر. ويعلّق: «مهرجانات (أعياد بيروت) لها مذاقها الخاص. ووقف على خشبتها أهم وأشهر النجوم العرب والأجانب إلى جانب المطربين اللبنانيين. فتاريخ هذا المسرح يحسب له ألف حساب، وكذلك الجمهور الذي يزين مدارجه».

جوزيف عطية مع إليانا في لقطة من أغنية {ولا غلطة} (قناته على {يوتيوب})

ويتابع عطية أنه لا يستطيع تفضيل جمهور عن آخر ولا حفل عن غيره. «في جولاتي خارج لبنان أكتشف ميزة كل جمهور. وتفاعله معي يزوّدني بالحماسة. وفي أستراليا وكندا وأميركا وصلني من الجاليات العربية هذا الشوق الكبير للوطن».

يضع الأعمال الطربية والأصيلة في مقدمة ما يفتقده الناس هذه الأيام. «لا شك أن الأغاني الرومانسية تحجز لها مكانة كبيرة. وعندما أؤديها ألمس مدى مخاطبتها الناس. لذلك لا أحصر نفسي في لون غنائي واحد، لأن لكل لون حصته من حب الجمهور».

أحدثت أغنية عطية «لبنان رح يرجع» حالة فنية دفعت بالبعض لتصنيفها بما يشبه النشيد الوطني. وعندما يؤديها عطية في أي حفل يحييه تولّد أجواء حماسية لافتة.

لا يستبعد جوزيف فكرة القيام بمسرحية غنائية ({الشرق الأوسط})

وفي حفلته الأخيرة وسط بيروت ارتدى العلم اللبناني انسجاماً مع تلويح الجمهور به من بعيد. فهل يفكر اليوم بإعداد أغنية جديدة من هذا النوع؟ يردّ لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع إعداد أغنية وطنية جديدة وارد دائماً. ولكن نجاح الفنان بأغنية من هذا النوع هو برأيي سيف ذو حدّين. فمن الصعب أن يعيد الكرّة من دون أن يضمن للعمل الانتشار نفسه. فعمل بهذه الأهمية، قد لا يمكننا إيجاد ما يوازيه أهمية بسهولة».

من الإنجازات التي حققها عطيّة أخيراً هو تكريمه بجائزة ضمن مهرجان «بياف» (بيروت الدولي). سبق وحصد جوائز عدة خلال مشواره، فماذا بالنسبة لتكريمه من قلب بيروت؟ «الجائزة النابعة من محبة الناس في الوطن الأم لها معانٍ خاصة. وهذا المهرجان بالذات الذي يسلّط الضوء على بيروت الثقافة ودورها كعاصمة عربية، أشعرتني جائزته بالفخر. أدرك أن أي تكريم يحصل يحمل صبغة معنوية، ولكنه يترك عند المكرّم شعوراً مغايراً في بلده. فكأنه مكافأة على إنجازاته التي حققها بالجهد والمثابرة».

يجد من الصعوبة تكرار تجربته في أغنية {لبنان رح يرجع} ({الشرق الأوسط})

من يحضر جوزيف عطية في أي حفل يقيمه يلحظ عنده حضوراً طاغياً على الخشبة. فيترك لدى مشاهده الانطباع بأنه بطل مسرحية غنائية. وتسأله «الشرق الأوسط» عن إمكانية لعب بطولة مسرحية من هذا النوع؟ «لم يخطر على بالي أبداً أن أقوم بهذه الخطوة الفنية. ورأي الناس فيّ بهذه الطريقة يثلج قلبي. لا شك أني أجيد التحكم بحركتي على المسرح مما يزودني بطاقة هائلة. ولذلك لا أستبعد تقديم مسرحية من هذا النوع إذا ما قدّر لي ذلك».

يبتعد عطية في معظم الوقت عن الظهور باستمرار تحت الأضواء. فهو يفضل أن يحافظ على نمط حياته الطبيعي. ويتابع: «لم أقصد القيام بذلك عن سابق تصميم. فطبيعة حياتي الهادئة تدفعني للالتزام بهذا الخط الاجتماعي. فأنا مرتاح بأسلوب حياتي هذا وأعتقد أني سأحافظ عليه دائماً».

لا أحصر نفسي في لون غنائي واحد لأن لكل لون حصته من حب الجمهور

جوزيف عطية

أحلام عطيّة كثيرة، ولكنه في المقابل لا يخطط لها. «أعيش على (ما قدّر الله). فلا تأخذ مني أحلامي الحيّز الأكبر من تفكيري. أعمل بعفوية وأعتزّ بصداقتي وقربي من الناس. والجميل أن الأمور تسير كما أشتهي. برأيي أن الفن يرتبط ارتباطاً مباشراً بالعفوية والصدق. فهما ركيزتان تؤمن للفنان استمرارية تدوم». وعن الملحنين الذين يحبّ التعاون معهم فيسمّي كلاً من مروان خوري وزياد برجي.

في ثنائية جديدة لم يسبق أن قدمها مع مغنية أطلّ جوزيف عطية في أغنية «ديو» مع الفنانة إليانا. سبق وتعاون مع المغني العالمي فوديل بأغنية «تلاقينا تاني». فكيف حصل هذا اللقاء مع الفنانة المذكورة؟ يخبر «الشرق الأوسط»: «الأمر حصل بعفوية وما خدمه هو الانسجام الغنائي بيني وبين إليانا. فخامة صوتنا كانت متلائمة، وقد صوّرنا عمل (ولا غلطة) في فرنسا. وحضرت بيننا منذ اللحظة الأولى كيمياء، ومع تناسق خامتنا الصوتية، ولد عمل يحمل روحاً فنية ونبض غناء أحبهما الناس».

الانسجام الغنائي بيني وبين إليانا ولّد عملاً يحمل روحاً فنية ونبض غناء أحبهما الناس

جوزيف عطية

قريباً يقوم جوزيف عطية بجولة فنية في أميركا وكندا، ويسبقها بعدة حفلات يحييها ما بين سوريا والأردن، ومدينة دبي. وبالنسبة للأشخاص الذين يستشيرهم قبل أي خطوة يقدم عليها يقول: «ألجأ إلى أشخاص كثيرين وفي مقدمهم فريق إدارة أعمالي وعلى رأسه أمين أبي ياغي. كما أصغي لأصدقاء أثق بهم ومقربين مني. وفي النهاية أختار ما يناسب قناعاتي. فالأغاني التي أقدمها يجب أن تحرّك أحاسيسي وتتلاءم مع أفكاري. فلا أقدم على عمل لا أحبه. ولا مرة ذهبت باتجاه مبالغ فيه أو تطرّفت في خياري. وأعتقد أن ما أقوم به يتفق مع شخصيتي، كوني أسير في الطريق الصحيح».

يعترف بأنه أحياناً لم يقدّر نجاح أغنية كما توقّع له فريق العمل. «أغنية (بعد الشوق) أفضل مثال على ذلك. تعاوني مع أشخاص متمرسين ومحترفين هو بمثابة إضافة لي. هذا الأمر لا يقتصر على خياراتي الغنائية بل على خطوات فنية أخرى أقوم بها».

وعما إذا هو يطمح لدخول مجال التمثيل السينمائي، يختم لـ«الشرق الأوسط»: «أحلامي بالفن لا حدود لها، وأكثر ما أعمل وأجتهد للوصول إليه هو التطور. فلن أتأخر في المستقبل عن القيام بأي خطوة تصبّ في خانة التقدم. وهذا الأمر يشمل السينما والمسرح».