المجلس الأوروبي يقر تحديث قواعد لمساعدة الشركات التي تواجه صعوبات مالية

توفر الظروف الأفضل للشركات والدائنين على حد سواء

المجلس الأوروبي يقر تحديث قواعد لمساعدة الشركات التي تواجه صعوبات مالية
TT

المجلس الأوروبي يقر تحديث قواعد لمساعدة الشركات التي تواجه صعوبات مالية

المجلس الأوروبي يقر تحديث قواعد لمساعدة الشركات التي تواجه صعوبات مالية

وافق المجلس الوزاري الأوروبي على مقترحات تقدمت بها المفوضية الأوروبية لتحديث قواعد بشأن التعثر والصعوبات المالية التي تواجهها الشركات عبر الحدود، مما يهددها بالتصفية. وقال المجلس إنها فرصة ثانية للشركات الصادقة، وتتضمن مقترحات المفوضية مقاربة جديدة لمساعدة تلك الشركات على تحويل التركيز بعيدا عن التصفية وفي نفس الوقت حماية حقوق الدائنين للحصول على أموالهم.
وفي بيان صدر عقب اجتماع لمجلس وزراء العدل في دول الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ نقل بيان عن المفوضية الأوروبية ببروكسل تصريحات فيفيان ريدينغ، المفوضة المكلفة شؤون العدل، قالت فيها إن اتفاق اليوم هو خطوة تقربنا إلى توفير الظروف الأفضل للشركات والدائنين على حد سواء. وأضافت أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة هي العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي، وأوروبا في حاجة إلى الإنقاذ والإنعاش كثقافة للشركات القابلة للحياة، وتحديث قواعد التعثر هذه سوف تسمح بزيادة ريادة الأعمال في أوروبا وتعزيز النمو والتوظيف ويمكن إرسال رسالة للمواطن بأنه إذا تعرض صاحب العمل لمشكلة أو صعوبات مالية فإن العمل لن يتوقف، بل سيحصل على فرصة أخرى للبقاء في العمل.
وسيجري اعتماد التعديلات النهائية عقب انتهاء مفاوضات بين البرلمان الأوروبي والمجلس الوزاري والمفوضية حول هذا الصدد بحلول نهاية العام الحالي.
اعتمدت المفوضية الأوروبية ببروكسل، مجموعة من التوصيات تتعلق بالسياسات الاقتصادية للدول الأعضاء بشكل منفرد، وذلك لتعزيز الانتعاش الذي بدأ قبل عام، حسب ما جاء في بيان المفوضية ببروكسل.
وأشارت المفوضية في البيان إلى أن التوصيات تستند على تحليلات مفصلة لحالة كل بلد، وتقدم توجيهات بشأن كيفية تعزيز النمو وزيادة القدرة التنافسية وخلق فرص العمل في 2014 - 2015، وستعرض تلك التوصيات على مجلس قادة أوروبا ومجلس وزراء المال والاقتصاد خلال الشهر الحالي لمناقشتها قبل أن يجري إقرارها في اجتماع مجلس الإيكوفين المالي والاقتصادي الأوروبي في 20 يوليو (تموز) المقبل.
وتقول المفوضية، إن العام الحالي جرى التركيز من معالجة المشكلات الملحة الناجمة عن الأزمة إلى تعزيز الظروف اللازمة للنمو المستدام والعمالة في اقتصاد ما بعد الأزمة.
وقد اعتمدت المفوضية عدة قرارات بشأن المالية العامة في الدول الأعضاء بموجب ميثاق النمو والاستقرار، وبشكل عام فالمحصلة هي مجموعة طموحة من الإصلاحات للاقتصاد في الاتحاد الأوروبي وقال مانويل باروسو، رئيس المفوضية، إن التوصيات تأتي بغرض مساعدة الدول الأعضاء للخروج من الأزمة والعودة بقوة إلى النمو وهي توصيات خاصة بكل بلد بوصفها بوصلة تحدد الاتجاه، وقد بدا الجهود والتضحيات التي بذلت تؤتي الثمار في حين لا يزال الأمر ضعيفا في بعض الأمور.
وشملت التوصيات 26 دولة باستثناء اليونان وقبرص إلى أن يجري تنفيذ برنامج التكيف الاقتصادي وأوضح تقرير المفوضية، أن معظم دول الاتحاد المتضررة من الأزمة باستثناء كرواتيا وقبرص سوف تشهد نموا اقتصاديا خلال العام الحالي، كما أنه من المتوقع أن تنمو جميع اقتصادات الاتحاد الأوروبي في 2015.
وتوقع التقرير استمرار تحسن الماليات العامة في 2014 وينخفض العجز إلى أقل من ثلاثة في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة. ووجه التقرير توصيه بخروج ست دول هي بلجيكا والنمسا التشيك والدنمارك وسلوفاكيا وهولندا من قائمة العجز المفرط في الموازنة بفضل إجراءات اتخذتها في هذا الصدد ليصل عدد الدول التي تواجه هذا الأمر إلى 11 دولة بعد أن وصل الرقم إلى 24 دولة في عام 2011، كما جرت الإشادة بالخطوات التي اتخذتها آيرلندا وإسبانيا والبرتغال.
وقال التقرير، إن اليونان أيضا على الطريق كما أن قبرص تسعى بشكل دؤوب لتحقيق إصلاحات اقتصادية. ونوه التقرير بتحسن الحساب الحالي في الكثير من البلدان، كما توقع أن تنخفض البطالة إلى 10.4 في المائة في عام 2015، وبلغت العام الماضي 10.8 في المائة في الاتحاد الأوروبي وتتفاوت من دولة إلى أخرى، ومنها على سبيل المثال أن النسبة تصل إلى 4.9 في المائة في النمسا وأكثر من 27 في المائة في اليونان وأشار إلى أن إصلاحات رئيسة جرت في عدة دول أدت إلى مرونة في سوق العمل، وخصوصا في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا.
وقال المفوض الأوروبي المكلف شؤون الضرائب سيميتا الغيرداس لقد دعونا الدول الأعضاء إلى تحسين الإدارة الضريبية لجعل مسألة مكافحة التهرب الضريبي أكثر صدقا.
وأشار إلى أن نظام الضرائب التنافسية يجمع بين الكفاءة والبساطة مع تقاسم الأعباء العادلة، منوها بأن مسألة المالية العامة المستدامة لا يمكن أن تعتمد على مخططات ضريبية قصيرة النظر لجذب الشركات متعددة الجنسيات.
واختتم بالقول: «عندما يتعلق الأمر بالتهرب الضريبي يجب ألا يقتصر الأمر على مجرد اهتمام سياسي فحسب، بل يجب أن يترجم الأمر إلى عمل سريع وحاسم على المستوى الوطني والأوروبي والدولي».
من جانبه، قال المفوض الأوروبي المكلف شؤون التوظيف لازلو أندرو، إنه على الرغم من وجود بعض بوادر الانتعاش الاقتصادي فإن الأمر لا يزال بطيئا، بل لا يزال هشا للغاية وغير متساوٍ في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وقال المسؤول الأوروبي، إن ربع السكان يواجهون خطر الفقر والتهميش الاجتماعي ومن أكبر التحديات التي يواجهها التكتل الأوروبي الموحد حاليا الاختلافات المتنامية في العمل والحالات الاجتماعية، سواء في منطقة اليورو أو في الاتحاد الأوروبي ككل. وأشار إلى أن التوصيات الخاصة بكل دولة لا تقتصر فقط على مراقبة السياسات المالية والتنافسية وغيرها، وإنما تتضمن العام الحالي للمرة الأولى البيئة الاجتماعية وفرص العمل بحيث تستند التوصيات إلى تحليل سليم للتوظيف والشواغل الاجتماعية وبشكل أكثر دقة.
وتصدر المفوضية الأوروبية - الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي - توصيات سنوية بشأن الكيفية التي يجب على الدول الأعضاء اتباعها لمعالجة مالياتها وإصلاح اقتصادها. ويواجه من يخفقون في جعل العجز في الميزانية أقل من ثلاثة في المائة من إجمالي الناتج المحلي خطر توقيع عقوبات عليها.
ومن الممكن أن يمنح الاتحاد الأوروبي مهلة في حال بذلت الدول جهودا تتعلق بالميزانية جديرة بالثقة، ولكنها تعاني انتكاسات نمو غير متوقعة. وبرزت فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد بالاتحاد الأوروبي، كمصدر قلق رئيس. وتكافح للتسريع من درجة تنافسيتها التي تتسم بالبطء، مما يثير المخاوف بأنها قد تعقد عملية الانتعاش الحالية في منطقة اليورو التي تعصف بها الأزمات.
ومنح الاتحاد الأوروبي فرنسا العام الماضي عامين إضافيين - حتى 2015 - لجعل عجزها أقل من ثلاثة في المائة من إجمالي الناتج المحلي.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».