{جمعة غضب} ثالثة تشعل القدس والضفة والقطاع... وسقوط عشرات الجرحى

{جمعة غضب} ثالثة تشعل القدس والضفة والقطاع... وسقوط عشرات الجرحى
TT

{جمعة غضب} ثالثة تشعل القدس والضفة والقطاع... وسقوط عشرات الجرحى

{جمعة غضب} ثالثة تشعل القدس والضفة والقطاع... وسقوط عشرات الجرحى

اندلعت أمس، خلال جمعة الغضب الثالثة التي دعت إليها الفصائل الفلسطينية، احتجاجاً على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، القدس عاصمة لإسرائيل، مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين المتظاهرين وبين قوات الاحتلال التي حاولت قمعها. وقد سُجلت صدامات في نحو 150 نقطة احتكاك في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وسقط عشرات الجرحى. وفي قطاع غزة قُتل شاب برصاص الاحتلال.
وقالت مصادر طبية فلسطينية وشهود عيان، إن العديد من المصابين الفلسطينيين أصيبوا بالرأس، مما يعني أن الاحتلال كان يتعمد القتل في حالات عدة.
وكانت القوى الوطنية والإسلامية قد دعت إلى أن يكون أمس (الجمعة)، يوم غضب شعبي، رفضا لوعد ترمب، ورفع المتظاهرون في مسيراتهم أعلام الدول التي صوّتت لصالح فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ128 صوتاً كأغلبية ساحقة. ومع أن حماس دعت لأن يكون هذا «يوم غضب دامياً»، فقد شدد معظم الفصائل على أن تكون المسيرات والمظاهرات سلمية.
وقد شارك نحو 45 ألف مواطن فلسطيني، في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وسط تشديدات عسكرية إسرائيلية في البلدة القديمة. وشارك المصلون في مظاهرة سلمية جابت أرجاء المسجد، رفضاً لمحاولات تغيير الوضع التاريخي والديني لمدينة القدس. وتناولت خطبة الجمعة التي ألقاها الشيخ محمد سليم، التضامن الشعبي الذي حظيت به قضية القدس خلال الأسبوعين الماضيين، منذ إعلان الرئيس الأميركي قراره نقل سفارة بلاده إلى المدينة المحتلة؛ بوصفها «عاصمة لإسرائيل».
وبعد المسيرة داخل الحرم، خرج المئات في مظاهرة في أزقة البلدة القديمة، فهاجمتها شرطة الاحتلال وحاولت تفريقها وتمزيق أعلام فلسطين التي رفعها المتظاهرون. وعند باب العمود، اعتدت قوات الاحتلال بالضرب على المواطنين ودفعت المشاركون في المسيرة وحتى عشرات المصلين الذين كانوا في طريقهم إلى منازلهم، كما اعتدت بالضرب على كل الطواقم الصحافية وطواقم الإسعاف. واعتقلت قوات الاحتلال عدداً من الشبان بعد الاعتداء عليهم بالضرب المبرح، كما أُصيب العشرات من المقدسيين برضوض جراء الاعتداء عليهم، من بينهم الصحافية لواء أبو أرميلة التي أصيبت برضوض في يدها.
في مدينة البيرة، اندلعت مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال عند مدخل المدينة، بعد صلاة الجمعة، بعد مظاهرة غضب انطلقت من المدينة، وحاولت قوات الاحتلال قمعها. كما اندلعت مواجهات على مدخل بيت لحم الشمالي أطلقت خلالها قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي منذ اللحظة الأولى، وأصيب شابان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاطي، أحدهما في الوجه، حيث أحدثت جرحاً عميقاً، والآخر في الرأس، وتم نقلهما إلى المستشفى وحالتهما مستقرة. وأصيب شاب بالرصاص الحي في فخذه في المواجهات المندلعة في منطقة أم ركبة بمدينة الخضر جنوب بيت لحم، وتم نقله إلى مستشفى الجمعية العربية للتأهيل. كما اندلعت مواجهات في بلدة تقوع شرق بيت لحم، أطلق خلالها جنود الاحتلال الرصاص الحي على المتظاهرين.
وفي رام الله، اعتقلت قوات الاحتلال شاباً مصاباً من داخل سيارة إسعاف، خلال المواجهات المندلعة على حاجز «بيت إيل» العسكري قرب المدخل الشمالي لمدينة البيرة. وفي سلفيت، أُصيب شابان بالرصاص الحي في الرقبة، في مواجهات مع الاحتلال في حي إسكاكا، أحدهما إصابته خطيرة خلال مواجهات اندلعت مع الاحتلال عقب صلاة الجمعة. وقالت مصادر محلية في سلفيت إن المواجهات اندلعت أيضاً في قرية قراوة بني حسان ومنطقة بديا.
وفي نابلس، أقام مئات المواطنين صلاة الجمعة على دوار الشهداء وسط المدينة، استجابةً لدعوة وجهتها فصائل منظمة التحرير الفلسطيني في المنطقة. وخرج المئات في مسيرة عقب الصلاة باتجاه حاجز حوارة جنوب نابلس، حيث دارت المواجهات مع قوات الاحتلال. كما اندلعت مواجهات على مدخل قرية اللبن جنوب المدينة، وأخرى على حاجز بيت فوريك شرق المدينة. وأصيب العشرات بحالات اختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع وتم علاجهم ميدانياً. وفي قضاء قلقيلية اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في قرى كفر قدوم وعزون وجيوس بعد انطلاق المسيرات الجماهيرية. وأصيب عدد من المتظاهرين بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع في المواجهات الدائرة على الحاجز الجنوبي لمدينة قلقيلية. وقالت طواقم الهلال الأحمر إنها تعاملت مع 24 إصابة في قلقيلية موزعة على النحو التالي: 2 مطاط، و22 حالة اختناق تم نقل إصابة منها إلى المستشفى.
وفي مدينه طولكرم، خرج عشرات المواطنين في مسيرة عقب الصلاة من المسجد الجديد باتجاه دوار جمال عبد الناصر وسط المدينة. وفي أعقاب المسيرة توجه عشرات الشبان باتجاه مصانع جيشوري غرب المدينة واندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال. كما اندلعت مواجهات مع الاحتلال على مدخل أريحا الجنوبي بعد انطلاق مسيرة حاشدة منددة بالقرار الأميركي، أطلقت خلالها قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين.
وفي الخليل، أطلق جنود الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه عدد من المتظاهرين في منطقة باب الزاوية وسط المدينة. كما اندلعت مواجهات في مخيم العروب بعد اقتحام قوات الاحتلال للمخيم شمال المدينة.
واستشهد الشاب زكريا الكفارنة (24 عاماً) إثر إصابته برصاصة في الصدر، خلال مواجهات اندلعت شرق جباليا شمال القطاع، في جمعة الغضب الثالثة.
كان متظاهرون قد خرجوا بعد صلاة الجمعة، نصرةً لمدينة القدس، وتظاهروا قرب السياج الحدودي مع الاحتلال، فأمطرهم الجيش الإسرائيلي بالرصاص والقنابل. واندلعت مواجهات في مختلف مناطق التماسّ مع قطاع غزة شرق الحدود في شرق خزاعة والفراحين وشرق مخيم البريج وشرق جباليا، حيث قام الشبان بإشعال الإطارات المطاطية.
وفي محافظة خان يونس، أُصيب 10 مواطنين، اثنان منهم بالرصاص الحي في القدم، في المواجهات المندلعة أمام البوابة العسكرية المقابلة لمنطقة أبو ريدة شرق خزاعة وفي منطقة الفراحين. كما أصيب شاب يرتدي زي «بابا نويل»، برصاص الاحتلال في قدميه، خلال المواجهات التي اندلعت شرق بلدة عبسان الجديدة، وتم نقله إلى المستشفى الأوروبي.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.