مجدلاني: قطيعة «المستقبل» مع «القوات» وهم لن يتحقق

قال لـ {الشرق الأوسط} إن «النأي بالنفس» قضية وطنية لا مجرد اتفاق داخلي

النائب عاطف مجدلاني
النائب عاطف مجدلاني
TT

مجدلاني: قطيعة «المستقبل» مع «القوات» وهم لن يتحقق

النائب عاطف مجدلاني
النائب عاطف مجدلاني

رأى النائب في «كتلة المستقبل»، عاطف مجدلاني، أن موضوع «سياسة النأي بالنفس» تحول إلى قضية وطنية يفترض أن يدافع عنها كلّ اللبنانيين، معتبراً أن زيارة مسؤول «عصائب أهل الحق» العراقية إلى الجنوب، بالطريقة التي تمت بها، مؤذية للبلد وخرقاً للسيادة اللبنانية.
واعتبر أن استنتاج البعض أن العلاقة بين «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» ماضية نحو التصعيد والقطيعة، مجرد وهم ستبيّن الأيام عدم صحته، مؤكداً أنه من المبكر الحديث عن تحالفات نهائية للانتخابات.
وأكد مجدلاني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «النأي بالنفس» لم يعد مجرد اتفاق داخلي بين القوى السياسية، بل تحول لقضية وطنية وموضع اتفاق دولي يفترض أن يدافع عنها كل اللبنانيين المهتمين بصون البلد وحمايته من النيران المشتعلة حولنا، وشدّد على أن «أي تجاوز لموضوع النأي بالنفس يشكل خطراً على البلد، وهو بمثابة مغامرة غير محسوبة النتائج، ولن يكون الرئيس الحريري وحده من يرفض ويتصدّى للتجاوزات، بل كل الدولة، وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية. وهذا الأمر واضح من خلال الإجراءات التي اتخذها الرئيسان عون والحريري لتكريس النأي بالنفس، وتحديداً في موضوع الخرق الذي أحدثته الزيارة غير الشرعية التي قام بها القيادي في (الحشد الشعبي) قيس الخزعلي إلى الحدود الجنوبية اللبنانية».
وأضاف: «هذه الزيارة، بالطريقة التي تمت بها، مؤذية للبلد ومضرة، وهي تشكل خرقاً للسيادة الوطنية، وتتحدّى مشاعر اللبنانيين، وتشوه صورة الدولة، لأنها توحي بأن السلطة الشرعية في لبنان ضعيفة. وسواء كان التوقيت مقصوداً أم لا، فإن الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية بتوجيهات من رئيسي الجمهورية والحكومة تعكس وحدة السلطة السياسية في مواجهة الخروقات، وهذا الواقع من شأنه أن يُسقط أي خطط تهدف إلى العودة بالبلد إلى مسار الانحياز، واللعب بالنار».
وحول علاقات «تيار المستقبل» مع حلفائه، وتحديداً «القوات»، بعد الخلافات الأخيرة، يقول: «هناك حقائق في هذا الموضوع، وهناك كثير من الأوهام. ما هو معروف أن العلاقات بين الطرفين مرت بغيمة، لكن ما هو مؤكد أن الاثنين يتفقان على المواقف الاستراتيجية والوطنية، ومن ضمنها قضية النأي بالنفس التي سمحت لحكومة الرئيس الحريري بأن تستمر. وبالتالي، فإن البناء على التناقضات والخلافات في الرأي حول بعض المسائل، للاستنتاج بأن العلاقة بين المستقبل والقوات ماضية نحو التصعيد والقطيعة، مجرد وهم ستبيّن الأيام عدم صحته، وسيخيب ظن من يصطاد في الماء العكر، ويصب الزيت على النار، في محاولة لخلق أزمة لا أساس لها».
وعما إذا كان التحالف بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل سينسحب على الانتخابات النيابية، يوضح: «لا شك في أن الحسابات التي تتحكم باللعبة الانتخابية ترتكز على نقطتين: الأولى، تتعلق بنسج تحالفات تتماهى والقناعات السياسية والخطط المستقبلية المشتركة للبلد. والثانية، تتعلق بحسابات الربح والخسارة، وصوغ تحالفات تضمن إيصال أكبر عدد ممكن من النواب إلى البرلمان. وبين هاتين الركيزتين، سوف يتم التحرك لبناء تحالفات انتخابية»، وأضاف: «ولكن لا بد من الإشارة إلى أن طبيعة القانون الذي ستجري الانتخابات وفق مندرجاته، لا تحتم دائماً نسج تحالفات بين أطراف قوية. أحياناً، يتبين للحلفاء السياسيين أن من مصلحتهم عدم التحالف، بما يسمح لكل منهم بحصد عدد أكبر من المقاعد النيابية. كما أنه يصعب بناء تحالفات ثابتة في هذا القانون، أي أن أي طرف سياسي قد يتحالف مع طرف آخر في منطقة، وينافسه في منطقة أخرى، وفق الحسابات الانتخابية».
وفي حين يؤكد أن العلاقات بين المستقبل والتيار الوطني الحر أكثر من جيدة في هذه المرحلة، يشدد على أن التحالفات الانتخابية موضوع آخر، وينبغي الانتظار أكثر للحكم على المنحى الذي سيسلكه، مضيفاً: «لا يزال الوقت مبكراً لحسم التحالفات الانتخابية، وإن كانت معالم بعض التحالفات قد بدأت في الظهور هنا وهناك، إلا أنها قابلة للتغيير وفق التطورات. ولا شك في أن الاستعدادات للانتخابات بدأت حالياً على المستوى النفسي، وعلى مستوى درس التحالفات وإجراء استطلاعات الرأي؛ كل ذلك يمهد لانطلاق الماكينات الانتخابية للقوى والأحزاب السياسية في لبنان، وأعتقد أن التحركات الفعلية للماكينات الانتخابية ستبدأ في مطلع العام المقبل». وحول إعادة ترتيب بيت «المستقبل» الداخلي، وعما إذا كان هناك خطوات سيقدم عليها الرئيس الحريري على صعيد التيار والكتلة النيابية، يرد مجدلاني قائلاً: «بالنسبة لنا، عملية التحديث والتطوير وسد الثغرات، إذا وجدت، عملية دائمة ومستمرة، قبل الاستقالة وبعدها. وبالتالي، لا علاقة للاستقالة أو العودة عنها بهذا الموضوع. لكن ما أستطيع قوله أن الرئيس الحريري بات قريباً أكثر من كتلته النيابية، وربما أراد من ذلك أن يعطي زخماً إضافياً لدور هذه الكتلة في الحياة السياسية اللبنانية، وهذا الواقع منح الكتلة مساحة إضافية من الحركة على الساحة المحلية».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.