محكمة مصرية تلغي قرار منع زوجة علاء مبارك من التصرف في أموالها والسفر

هايدى راسخ زوجة علاء مبارك «الصورة متداولة على الإنترنت» («الشرق الأوسط»)
هايدى راسخ زوجة علاء مبارك «الصورة متداولة على الإنترنت» («الشرق الأوسط»)
TT

محكمة مصرية تلغي قرار منع زوجة علاء مبارك من التصرف في أموالها والسفر

هايدى راسخ زوجة علاء مبارك «الصورة متداولة على الإنترنت» («الشرق الأوسط»)
هايدى راسخ زوجة علاء مبارك «الصورة متداولة على الإنترنت» («الشرق الأوسط»)

قضت محكمة مصرية أمس، بقبول تظلم هايدي راسخ، زوجة علاء مبارك، نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك، على قرار منعها من التصرف في أموالها ومنعها من السفر.
وكان جهاز الكسب غير المشروع في مصر، قد أصدر قرارات بالتحفظ على أموال وكافة ممتلكات مبارك، ونجليه علاء وجمال، وزوجاتهم وأولادهم القصر، التي تتمثل في فيلات وشُقق بمصر الجديدة والمقطم بالقاهرة وبشرم الشيخ وبأرض الجولف، بعد أن أثبتت تحريات الأجهزة الرقابية استغلال النفوذ... وكذلك منعهم من مغادرة البلاد على خلفية التحقيقات التي كان يباشرها الجهاز.
وقالت محكمة جنايات القاهرة في حيثيات حكمها أمس، إن القانون والدستور كفلا حرية التنقل، وإن قرار منع هايدي راسخ من السفر صادر في عام 2011. وإن الأموال الخاصة بها تحت أيدي جهاز الكسب غير المشروع، وبالتالي ليس له مبرر بمنعها من السفر.
قرار المحكمة المصرية، جاء بعد يوم من قرار سويسري بإلغاء تجميد أموال شخصيات مصرية تابعة لنظام مبارك، وهو القرار الذي أثار جدلاً في مصر؛ لكن وزارة الخارجية السويسرية قالت في بيان لها، إن القرار لا يعني الإفراج عن هذه الأموال المقدر قيمتها بنحو 430 مليون فرنك سويسري، وإن الأموال لا تزال محتجزة في إطار إجراءات جنائية سويسرية يجريها النائب العام السويسري، لتحديد ما إذا كانت تلك الأموال ذات أصل مشروع أم لا.
وكانت الحكومة السويسرية قد جمدت أموال مبارك، ومقربين منه بعد ساعة واحدة من تنحيه عن السلطة في فبراير (شباط) عام 2011 عقب انتفاضة ضد حكمه في «25 يناير» من نفس العام.
ويذكر أن الحصة الأكبر من هذه الأموال في مصارف سويسرية، وترجع ملكية نحو 300 مليون فرنك من الأموال في المصارف إلى علاء وجمال مبارك - بحسب موقع سويس إنفو الإخباري.
وفشلت الإدارات المصرية المتعاقبة، منذ ثورة 25 يناير، التي أطاحت بمبارك، في استرداد أموال رجال النظام البائد، المجمدة في البنوك السويسرية.
وأبلغت السلطات القضائية السويسرية، الجانب المصري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غلق التعاون القضائي معه بسبب عدم وجود ما يفيد تورط الأشخاص محل تلك الاتهامات في ارتكاب الوقائع محل التحقيقات الجنائية المصرية، وعدم تحديد الرابط بين الجرائم محل التحقيق في مصر والأموال الموجودة في سويسرا، وكذلك صدور أحكام نهائية بالبراءة في بعض الحالات.
واستنكرت مصر حينها القرار السويسري بإيقاف التعاون القضائي معها، حول الأموال المهربة لدى بنوكها، بمعرفة رموز نظام مبارك. وقالت النيابة العامة المصرية، إن «القرار السويسري استند، بصورة قاطعة، لأسباب غير صحيحة»، مؤكدة أنها «تستهدف في حقيقتها التنصل من استرداد مصر أموالها المهربة المتحصلة من جرائم فساد».
ويُلزم القانون السويسري تقديم إثبات مبني على تحقيقات قضائية بأن الأموال الموجودة في الحسابات هي نتيجة جرائم أموال.
وعلق علاء مبارك على قرار سويسرا الليلة قبل الماضية، بفك تجميد أموال أسرة مبارك بطريقة خاصة، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بعبارة الحمد والشكر لله، مرفقا إياها بآية قرآنية يدفع من خلالها ببراءة أسرته من تهم الفساد المالي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.