أزمة أحمدي نجاد مع القضاء تتفاقم بعد حكم بالسجن 63 عاماً على مساعده

إدانة مدير وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية بتهمة «نشر الأكاذيب»

أحمدي نجاد ومساعده التنفيذي حميد بقائي بعد تقديمه طلب الترشح للرئاسة منتصف أبريل الماضي (أ.ب)
أحمدي نجاد ومساعده التنفيذي حميد بقائي بعد تقديمه طلب الترشح للرئاسة منتصف أبريل الماضي (أ.ب)
TT

أزمة أحمدي نجاد مع القضاء تتفاقم بعد حكم بالسجن 63 عاماً على مساعده

أحمدي نجاد ومساعده التنفيذي حميد بقائي بعد تقديمه طلب الترشح للرئاسة منتصف أبريل الماضي (أ.ب)
أحمدي نجاد ومساعده التنفيذي حميد بقائي بعد تقديمه طلب الترشح للرئاسة منتصف أبريل الماضي (أ.ب)

تفاقمت الأزمة بين القضاء الإيراني وطيف الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، أمس، مع استمرار التراشق الكلامي المستمر منذ أيام، وأعلن مساعد الرئيس الإيراني السابق حميد بقائي أن القضاء الإيراني أدانه بالسجن 63 عاماً، متهماً رئيس القضاء بالثأر منه نتيجة الكشف عن 63 حساباً بنكياً تابعة لرئيس القضاء صادق لاريجاني، كما أعلن القضاء الإيراني، أمس، أنه أصدر حكماً ضد مستشار الرئيس السابق ورئيس وكالة «إرنا» الرسمية علي أكبر جوانفكر بتهمة «نشر الأكاذيب».
وجاء إعلان بقائي، غداة هجوم غير متعارف في السياسة الداخلية الإيرانية، عندما خرج الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في تسجيل مصور عبر موقعه الإلكتروني لمطالبة رئيس القضاء صادق لاريجاني بتقديم استقالته، مشدداً على أنه «فاقد للشرعية» و«غاصب» لمنصب رئاسة القضاء لـ«انتهاكه الدستور وجهله بالقوانين الجزائية».
وهجوم أحمدي نجاد جاء بعد انتهاء مهلة من 48 ساعة طلب فيها من رئيس القضاء نشر وثائق تدينه.
وارتفعت حدة التوتر بين طيف أحمدي نجاد والقضاء الإيراني على مدى الشهر الماضي. ووجه لاريجاني الأسبوع تهماً إلى أحمدي نجاد بـ«إثارة الفتنة والمنحرف وأبرز الداعمين للتاجر المتهم باختلاس 3 مليارات من مبيعات النفط بابك زنجاني»، ولم يختصر هجوم القضاء ضد أحمدي نجاد على لاريجاني، بل وصفه المتحدث باسم القضاء محسن اجئي، والمدعي العام حسين علي منتظري بـ«الكذاب» و«سوقي فاقد للقيمة».
وفي الأيام الأخيرة، ذكرت تقارير إعلامية نقلاً عن مسؤولين كبار، أن أحمدي نجاد عاد «نشطاً» تحت تأثير رئاسة محمود هاشمي شاهرودي مجلس تشخيص مصلحة النظام. ويعد شاهرودي وهو الرئيس السابق للقضاء أبرز المرشحين لخلافة خامنئي.
وطلب أحمدي نجاد من خامنئي الشهر الماضي إحالة ملفه القضائي وملف مساعديه إلى هاشمي شاهرودي.
ويعد رئيس القضاء أبرز المسؤولين الإيرانيين الذين يختارهم المرشد الإيراني علي خامنئي بصورة مباشرة، كما دخل تردد اسمه بين المرشحين لخلافة خامنئي. وقد يستغل خصوم أحمدي نجاد الفرصة لتفسير تصريحاته بأنها موجهة إلى المسؤول الأول في النظام الإيراني.
وشكلت قضية أحمدي نجاد أبرز جوانب الأزمة السياسية في الداخل الإيراني بعد إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية 2009، وهي ما أطلقت شرارة احتجاجات قال عنها رئيس مجلس الخبراء ولجنة صيانة الدستور أحمدي جنتي قبل نحو أسبوع: إن «غايتها إسقاط النظام»، وذلك في أحدث تعليق لمسؤول إيراني رفيع المستوى.
وكان أحمدي نجاد قدم أوراقه للترشح للانتخابات الرئاسية في أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بعد ستة أشهر من إعلان المرشد الإيراني علي خامنئي أنه نصحه بعدم الترشح للانتخابات. واعتبرت أوساط إيرانية رفض ترشح أحمدي نجاد بمثابة حياته السياسية وخروجه من المشهد السياسي. كما طرحت وسائل إعلام إمكانية فرض الإقامة الجبرية ضده، لكن خامنئي في خطوة مفاجئة جدد عضويته في مجلس تشخيص مصلحة النظام في أغسطس (آب) الماضي. وذلك بعدما التزم أحمدي نجاد الصمت تجاه رفض ترشحه.
ومنذ عودته إلى المشهد السياسي، جدد أحمدي نجاد انتقاداته للإخوة لاريجاني، في رئاسة القضاء والبرلمان، وقال قبل أسبوعين إنه يريد إنقاذ البلد من سوء الإدارة.
أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شهد البرلمان الإيراني تحركاً بين النواب المقربين من رئيس البرلمان علي لاريجاني للمطالبة بإقصاء أحمدي نجاد من مجلس تشخيص مصلحة النظام، ومحاكمته بعدما أظهر تقرير لديوان العدالة الإيراني ارتكابه جنحاً مالية.
ووجه بقائي أمس رسالة عبر الموقع الإلكتروني الناطق باسم طيف الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد «بهار نيوز» وأعلن طبيعة الحكم الصادر ضده من محكمة طهران. وكان بقائي مساعداً تنفيذياً لأحمدي نجاد قبل أن يشغل منصب رئيس منظمة التراث الثقافي. كما كان بين أبرز المرشحين الذين استبعدتهم لجنة صيانة الدستور من خوض الانتخابات الرئاسية. واعتقل بقائي بعد الانتخابات الرئاسية قبل أن يفرج عنه بكفالة مالية قدرها 20 مليار تومان.
ورفض بقائي المثول أمام آخر جلسات المحكمة الإيرانية بعد عدد من الجلسات رد فيها على اتهاماته. وقبل شهرين توجه بقائي إلى المحكمة حاملاً وثائقه في سلة تسوق حمراء اللون؛ وهو ما أثار سخرية واسعة بين وسائل الإعلام التابعة لخصوم أحمدي نجاد. كما لجأ بقائي إلى ضريح أحد (الأولياء) وفق المعتقدات الإيرانية في مدينة ري جنوب طهران، وقال إنه يمكث هناك لأيام احتجاجاً على محاكمته.
ويخاطب بقائي الإيرانيين في رسالته قائلاً: إن «رئيس القضاء صادق لاريجاني في استمرار للتعامل السياسي، أظهر نواياه وأكمل عمله على أفضل طريقه وحكم علي بالسجن 63 عاماً».
من جانبه، قال رئيس محكمة طهران غلامحسين إسماعيلي، أمس: إن بقائي يواجه تهماً كثيرة، وصدرت أحكام عدة ضده. وقال تعليقاً على ما أعلنه بقائي «ما قاله حول إدانته بـ63 عاماً، إما هو جهل بالقانون أو كانت شيطنة»، وتابع: إن «وفق القوانين الجزائية يجب أن يواجه بقائي فترة سجن أطول من الأحكام الصادرة ضده»، بحسب ما أوردت عنه وكالة «تسنيم». وقبل نحو عام نشر موقع «آمد نيوز» وثائق تشير إلى امتلاك رئيس القضاء صادق لاريجاني 63 حساباً مصرفياً. وبحسب الوثائق، فإن رئيس القضاء نقل أموال الجهاز القضائي من دون إبلاغ الجهات المسؤولة، لكن المتحدث باسم القضاء الإيراني نفى لاحقاً صحة تلك المعلومات.
وجاء نشر الوثائق في سياق حرب التسريبات التي سبقت الانتخابات الرئاسية الإيرانية بعدما بدأت في يوليو (تموز) 2016 بنشر وثائق تستهدف الرئيس الإيراني حسن روحاني عرفت بفضيحة «الرواتب الفلكية». قبل أن تسرب مواقع إيرانية.
وأشار بقائي إلى مواقف سابقة أعلنها من جلسات محكمة، وذكر «قلت سابقاً وفي احتجاج على مسار المحكمة الظالم وغير القانوني خاصة الجلسات الشكلية غير المعلنة، إنني لا أملك 63 حساباً بنكياً»، وهو إشارة من بقائي إلى ما سربته مواقع إيرانية قبل نحو عام حول امتلاك رئيس القضاء الإيراني 63 حساباً شخصياً نقل إلى أموال القضاء «بشكل غير قانوني». واتهم بقائي لاريجاني بـ«الثار» منه بسبب الكشف عن 63 حساباً بنكياً، وسيطرة شخص لاريجاني على أرباح آلاف المليارات من أموال القضاء على أثر نقلها إلى حساباته الشخصية، واستخدام الأموال خارج إطار القانون من دون تقديم تقرير إلى الأجهزة المسؤولة والشعب.
كما اتهم القضاء بإصدار حكم قضائي بالسجن 63 عاماً استناداً إلى «تكرار اتهامات سابقة وانتهاك متكرر للدستور والقوانين الجزائية وبطريقة سرية، وبعيداً عن أنظار الآخرين» وتابع: «ليعلم الجميع أن قبضة قاضي القضاة مفتوحة لمعاقبة من يدخل مجال الحكومة وسلطته وسلطة أسرته وليس بإمكان أحد أن يكشف عن هذا الظلم الكبير والبين».
ولم یكن بقائی الوحید من فریق أحمدي نجاد الذي لاحقه الحكم القضائي خلال اليومين الماضيين. وكان مستشاره الإعلامي أيضاً هدفاً للقضاء؛ إذ أفادت وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني نقلاً عن رئيس المحكمة الإدارية القاضي حسيني أمس، أن القضاء أصدر حكماً ضد علي أكبر جوانفكر، الرئيس التنفيذي السابق لوكالة الأنباء الرسمية والمستشار الإعلامي للرئيس الإيراني.
وبحسب حسيني، فإن القضاء يعلن قريباً طبيعة الحكم الصادر ضد جوانفكر بعدما مثل أمام القضاء بتهمة «الإخلال في النظام العام والمشاركة في الإساءة ونشر الأكاذيب ضد النظام».



سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
TT

سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصّن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه.

وجاء في بيان أصدره المحققون أن «مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر (كانون الأول)، الاثنين عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

وأعلن الحزب الديمقراطي المعارض أنه قدّم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون.

وطلب الجهاز المكلف بالتحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

عدم خبرة

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديمقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمضِ على تأسيسه 4 سنوات ويعمل فيه أقل من 100 موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك باعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال ورغبته في تولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب.

وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

يجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

اضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين.

معركة قضائية

عزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن خمس سنوات.

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد.

وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان يون سوك يول، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران).

وتبدأ المحاكمة في 14 يناير (كانون الثاني) وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صدّقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.