الأزياء التقليدية المغربية تخرج إلى الشارع

للتعبير عن التجديد والتميز والهوية

الرجل المغربي الشاب عانق التغيير بالأحضان للتعبير عن هويته وأسلوبه الخاص
الرجل المغربي الشاب عانق التغيير بالأحضان للتعبير عن هويته وأسلوبه الخاص
TT

الأزياء التقليدية المغربية تخرج إلى الشارع

الرجل المغربي الشاب عانق التغيير بالأحضان للتعبير عن هويته وأسلوبه الخاص
الرجل المغربي الشاب عانق التغيير بالأحضان للتعبير عن هويته وأسلوبه الخاص

رغم كل ما خضع له القفطان في السنوات الأخيرة من عمليات تطوير ليواكب العصر والجيل الجديد من الشابات، ظل رافضاً أن يتنازل ويدخل الحياة اليومية. فقد بقي قطعة ثمينة وفخمة لا يجرؤ المصممون على أن يتلاعبوا بها، ولا المرأة على أن ترتديها خارج إطار المناسبات الكبيرة. كان للأسباب ما يُبررها في العقود الماضية. فقد كان غالباً من نوع «الهوت كوتير»: المُثقل بالأقمشة المترفة والتطريزات السخية. مؤخراً انتفت هذه الأسباب، وأصبح بالإمكان ارتداء كل الأزياء المغربية التقليدية، بما فيها القفطان، في مناسبات يومية، بفضل شريحة من الشباب يريدون أن يعانقوا هويتهم في كل المناسبات والمحافل. ما نجحت فيه هذه الشريحة أنها تمكنت من دمجه بطريقة ذكية وأنيقة مع قطع عصرية. وكانت النتيجة أنها خلقت إطلالة تمزج بين سحر الشرق وروح العصر. ولا يختلف الأمر هنا بين الرجل والمرأة.
في هذا الصدد يقول عبد الوهاب بنحدو، وهو مصمم أزياء وخبير في تنسيق الصورة وإطلالات النجوم، بأنه حالياً يحرص في كل تصاميمه على المزج بين خصائص الزي التقليدي، ويتعمد مزاوجتها بقطع عصرية حتى تكتسب تميزاً وفي الوقت ذاته حيوية تجذب الشباب من الجنسين.
ويشير بنحدو إلى أنه قدم دليلاً كاملاً حول طرق مزج اللباس التقليدي مع قطع عصرية لجعله ملائماً للمناسبات اليومية، مؤكداً أن المرأة أكثر حظاً من الرجل في هذا المجال. فالخيارات أمامها أكبر، الأمر الذي يسمح لها بتجديد إطلالاتها في كل مرة، بإضافة قطعة مختلفة أو إكسسوار لافت أو فقط بتغيير لونها. يشرح أنه بإمكانها مثلاً اعتماد قطعة «الجامبسوت»، وهي قطعة عصرية رائجة في السنوات الأخيرة وظهرت في العديد من العروض العالمية، وإضافة لمسات تقليدية عليها، إما من خلال الإكسسوارات وإما باختيارها من أقمشة خفيفة أو بألوان مثل الأزرق والمرجاني الضارب إلى الحمرة «لأنها ألوان تستحضر أجواء وسحر الشرق أكثر».
الإكسسوارات التي يقصدها بنحدو لا بد أن تكون -حسب رأيه- «مطبوعة بلمسات تقليدية، سواء كانت حقيبة مطرزة، أو حزاماً مشغولاً يدوياً بخيوط من الذهب أو الفضة، أو قلادة ضخمة بلمسات إثنية». ويتابع: «بالإمكان تنسيقها مع حذاء عالٍ أو بواحد مستوحى من تصميم (البلغة) المغربية التقليدية، خصوصاً أن هذا التصميم اكتسب روحاً عالمية بفضل مصممين من أمثال كريستيان لوبوتان وبرادا وغيرهما من الأسماء العالمية التي تطرحه حالياً بألوان وتطريزات مُغرية».
أما إذا كانت المرأة أكثر جرأة فيُمكنها أن تذهب إلى أبعد من ذلك، وتستعمل «الفوقية»، وهي القطعة المكملة للقفطان، وتكون عادةً خفيفة بتطريزات تقليدية، مع بنطلون جينز وتركها مفتوحة من أسفل. في هذه الحالة يجب أن تكون الأكمام غير واسعة حتى تكون عملية.
من جهة ثانية يمكن أيضاً اعتماد قطعة الكيمونو «فهي قطعة أخرى رائجة عالمياً، وجذبت اهتمام المرأة المحجبة لأنها تحقق لها عنصر الحشمة، كما شدت انتباه الفتيات المواكبات للموضة». للتميز بهذه القطعة ذات الإيحاءات الآسيوية، يقول بنحدو بأنه «لا بأس من إضافة بعض العناصر التقليدية، كتزيين جوانبها بتطريزات على يد حرفي، وإدخال فتحات جانبية عليها تجعلها في غاية الأناقة عندما يتم ارتداؤها مع بنطلون ضيق أو من الـ«جينز» وحذاء رياضي.
ورغم أن الرجل لا يملك نفس مساحة الخيارات، فإنه الأكثر استفادة من دمج قطع الأزياء التقليدية بالعصرية. فالملاحظ في الشارع المغربي في الآونة الأخيرة أنه لم يعد يحبذ ارتداء اللباس التقليدي من الرأس إلى القدمين كما كان أجداده يفعلون في السابق، بل يرغب في فرض أسلوبه الخاص بمزج قطع أنيقة وعملية لا تحد من حركته وتناسب أسلوب حياته في الوقت ذاته. من هذا المنظور، فهو يتبنى كل ما هو عصري ويضيف إليه لمساته وهويته من خلال جرعات خفيفة من الصناعة التقليدية اليدوية.
ويستدل بنحدو على هذا بـ«اليسترة» التي يستخدمها الرجل المغربي بغض النظر عن عمره وذوقه وأسلوب حياته. يمكنه بكل بساطة تنسيقها مع وشاح مشغول باليد تتخلله تطريزات وزخرفات تقليدية، أو ارتداء عمامة ملفوفة على الطريقة المغربية بدل القبعة. هنا أيضاً يمكنه الاستعانة بـ«خدمة المعلم» بأن يطلب منه أنه يُطرز له رابطة عنق فيحوّلها من رابطة عادية بلون هادئ إلى مركز جذب يشي بذوقه الخاص من جهة واعتزازه بهويته من جهة ثانية.
ولا يرى بنحدو أي خطأ في أن يستغني الرجل عن الحذاء العصري وأن يستبدل به «البلغة» أو «البابوش» المغربي الذي يتم ارتداؤه عادةً مع الزي التقليدي إذا كانت المناسبة عادية وحميمة.
أما في حال أراد الرجل مظهرا أكثر جرأة، فيقترح المصمم وخبير الأزياء، «تي - شيرت» أو كنزة صوفية أو من القطن مع السروال المغربي التقليدي الواسع الذي يضيق عند الركبة وتكون له جيوب كبيرة مطرزة بـ«خدمة المعلم» و«السفيفة» أو «العقاد». يمكن أيضاً عكس الصورة بتنسيق بنطلون مفصل أو «جينز» بلون غامق وحذاء رياضي، مع سترة تقليدية مطرزة من الجوانب. وتعتبر هذه الإطلالة الأكثر انتشاراً بين الشباب. فإلى جانب أنها تمنحهم التميز المطلوب فهي أيضاً عملية وتُعبر عن هويتهم.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».