دافع صندوق النقد الدولي بقوة عن توقعاته «القاتمة» للمملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، قائلا إن تحذيراته التي أطلقها قبل الاستفتاء على الانفصال (بريكست) باتت الآن «حقيقة واقعة».
وقال الصندوق إن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي أكبر خطر على اقتصادها. وكتب الصندوق في تقريره الذي نشره أمس الأربعاء إنه في حالة حدوث تقدم أسرع من المتوقع في هذه المفاوضات، فإن ذلك من شأنه أن يعزز الثقة في الاقتصاد البريطاني... في حين أن فشل محادثات الخروج ربما يؤدي لخروج غير منظم لبريطانيا من الاتحاد، وانهيار في أسواق المال الأوروبية. وقال الصندوق إن النمو الاقتصادي في بريطانيا تراجع بالفعل خلال العام الحالي رغم الازدهار القوي في اقتصاد العالم، وأوضح أن التصويت في الاستفتاء البريطاني على الخروج أضعف الاستهلاك الشخصي.
ومنذ مطلع العام الحالي، قال الصندوق إن النشاط الاقتصادي البريطاني تباطأ بشكل ملحوظ، وأن أداء المملكة مؤخرا كان «خيبة أمل» في ضوء أفضل أداء للاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية العالمية.
وقلص الصندوق من توقعاته للنمو في المملكة المتحدة هذا العام من 1.7 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) إلى 1.6 في المائة. وتوقع الصندوق أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في بريطانيا نحو 1.5 في المائة على غرار نمو عام 2017 مدفوعا من ناحية بصلابة الاقتصاد العالمي التي أدت لزيادة الصادرات البريطانية، ومن ناحية أخرى فإن الشركات البريطانية ربما اضطرت لتأجيل استثماراتها إلى أن تتضح الصورة لديها بشأن العلاقة التجارية مع الاتحاد الأوروبي.
وتوقع خبراء الصندوق حدوث المزيد من التقدم في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي وأن يتراجع التضخم المرتفع في بريطانيا تدريجيا من 3.1 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ ولكنه سيظل أعلى بكثير من المستهدف.
وكان النمو في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2017 أبطأ من العام الماضي على الرغم من الانتعاش القوي في النمو العالمي والسياسات الاقتصادية الكلية الداعمة، فيما أثر قرار «بريكست» على الطلب المحلي، وظل معدل العمالة حول مستويات قياسية. وأدى الانخفاض الحاد في قيمة الإسترليني بعد الاستفتاء إلى ارتفاع أسعار المستهلكين، مما أثر على الدخل الحقيقي للأسر والمعيشة واستهلاكها.
وأشارت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إلى أن الاقتصاد البريطاني يشعر بأثر قرار الناخبين العام الماضي بالخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي وقرار الحكومة بالمضي قدما في الانفصال.
وقالت لاغارد أمس في التقرير السنوي للصندوق حول الاقتصاد البريطاني: «هذان القراران لهما بالفعل تأثير على الاقتصاد، على الرغم من أنه من المستبعد أن تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي قبل عام 2019». وأضافت أن الشركات تؤخر الاستثمارات حتى تتضح الرؤية أكثر فيما يتعلق بقواعد التجارة في المستقبل، ودعت بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الترتيبات الانتقالية بحلول مارس (آذار) 2019. وشدد الصندوق على أن بريطانيا تواجه حالة من «عدم اليقين» الشديد، لأنها تشرع في مهمة «طموحة» للتفاوض على الخروج من الاتحاد الأوروبي. محذرا من أنه على الرغم من التقدم الذي أحرزته المملكة المتحدة في مفاوضاتها، إلا أنه لا يزال هناك خطر «بانحراف» دون صفقة نهائية.
وتشمل قائمة المفاوضات الاتفاق على صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي، والتفاوض على ترتيبات جديدة مع نحو 60 دولة لمناقشة الاتفاقات التي أصبحت المملكة المتحدة طرفا فيها «حاليا» عن طريق عضويتها في الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الأمور المتعلقة بالجمارك والخدمات المرتبطة بين الطرفين.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن بريطانيا ستسعى جاهدة من أجل حماية مكانة مدينة لندن كأكبر مركز مالي عالمي في محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت سابق، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن بنك إنجلترا المركزي سيسمح للبنوك الأوروبية بمواصلة العمل من دون تأسيس فروع تابعة باهظة بعد الانفصال البريطاني.
وقالت ماي أمام البرلمان: «نقدر الدور المهم الذي تلعبه مدينة لندن ليس فقط كمركز مالي لأوروبا، ولكن أيضا في الواقع كمركز مالي للعالم. نريد الحفاظ على ذلك، هذا سيكون بالطبع جزءا من المفاوضات حول المرحلة الثانية من الانفصال البريطاني».
وقبيل ظهور محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) مارك كارني أمام لجنة الخزينة بمجلس العموم، قال إن المركزي يعتزم تجنيب البنوك الأوروبية من متطلبات رأس المال الإضافية المكلفة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، محذرا أن ذلك قد يتغير إذا لم تنجح المحادثات الحالية. وأشار كارني في معرض تعليقه أمس، إلى أن هناك احتمالات لحدوث تضارب مع بروكسل حول موقف لندن، كونها مركزا ماليا عالميا كبيرا، مؤكدا أن البنك يريد ضمان أن يتمكن من الإشراف بشكل فعال على البنوك الأجنبية وشركات الخدمات المالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال البنك في بيانه إن «أساس نهج بنك إنجلترا هو الافتراض بأنه سيظل هناك درجة عالية من التعاون الإشرافي بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي».
فيما أكد سام وودز، نائب محافظ بنك إنجلترا، في رسالة وجهت إلى رؤساء البنوك وشركات التأمين، أن هذا الافتراض قد «يعاد النظر فيه» خلال المفاوضات بين بروكسل ولندن. وقال بنك إنجلترا إنه كلما ازداد تعقيد فروع البنوك الأوروبية في المملكة المتحدة فإن المزيد من التعاون الإشرافي سيجنب تصنيفها كشركات تابعة، الأمر الذي يتطلب منها زيادة رؤوس أموال إضافية مكلفة في بريطانيا.
ويذكر أن هناك 77 فرعا للبنوك من المنطقة الاقتصادية الأوروبية في بريطانيا، فضلا عن 80 فرعا لشركات تأمين. ويمثل القطاع المالي نحو 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ولكنه يمثل نحو 10 في المائة من الإيرادات الضريبية و14 في المائة من الصادرات، وربما يتأثر بشكل خاص في غياب اتفاق يسمح لمعظم الخدمات المالية التي تقدم في المملكة المتحدة.
7:57 دقيقة
صندوق النقد: تحذيرات «بريكست» المتشائمة باتت واقعاً
https://aawsat.com/home/article/1119141/%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF-%D8%AA%D8%AD%D8%B0%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%C2%AB%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3%D8%AA%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D8%AA%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D8%A7%D9%8B
صندوق النقد: تحذيرات «بريكست» المتشائمة باتت واقعاً
بنك إنجلترا يسمح للمصارف الأوروبية بمواصلة العمل من دون زيادة رؤوس الأموال
- لندن: «الشرق الأوسط»
- القاهرة: لمياء نبيل
- لندن: «الشرق الأوسط»
- القاهرة: لمياء نبيل
صندوق النقد: تحذيرات «بريكست» المتشائمة باتت واقعاً
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة