وفد روسي في السودان لبحث مشروع الطاقة النووية

TT

وفد روسي في السودان لبحث مشروع الطاقة النووية

انطلقت، أمس، بالخرطوم أعمال اللجنة الوزارية السودانية الروسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، التي تستمر حتى غدٍ الخميس، وذلك لمتابعة الاتفاقيات الموقعة بين الرئيسين عمر البشير وفلاديمير بوتين، الشهر الماضي في موسكو. وتتصدر أجندة الاجتماعات مباحثات إنشاء محطة نووية لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، والاستخدامات السلمية لها، ومشروع تحديث 12 مطاراً سودانياً، وبناء الأقمار الصناعية والفضائية.
وضم الوفد الروسي ممثلين كبارا عن شركة «روس أتوم» الروسية، التي حضرت لبحث تنفيذ الاتفاق الخاص باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. وستلتقي الشركة عقب مباحثات اللجنة الوزارية بالمسؤولين في هيئة الطاقة الذرية السودانية بوزارة الكهرباء لبحث سير مشروع إنشاء المحطة النووية، التي اكتملت مسوحاتها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتحددت المنطقة التي ستقام عليها في شمال العاصمة الخرطوم.
كما يضم الوفد الروسي شركة «روس كوسموس» المعنية بالتعاون في مجال الفضاء والأقمار الصناعية، وشركة «ليمز» العاملة في نظم الطاقة الكهربائية والماكينيكية.
ووفقاً لمدير شركة «ليمز» أناتولي بيغدانوف، فإن شركته لديها اتفاق مع السودان لتنفيذ عدد من المشروعات الخاصة بإنتاج المعدات الصناعية المعدنية، ومشروع آخر لتحديث 12 مطارا، عبر تمويل من بنوك روسية بضمان حكومة السودان. وتوقع بيغدانوف البدء في مشروع تحديث تلك المطارات خلال فترة لا تتجاوز 5 سنوات، مشيرا إلى أن المباحثات مع المسؤولين السودانيين تتناول كذلك التعاون في مجال الفضاء، بما يخدم أغراض التخريط والبحوث الجيولوجية والاتصالات.
وأوضح الدكتور نجم الدين داود، وكيل وزارة المعادن السودانية، رئيس الجانب السوداني في اللجنة الوزارية المشتركة، أن اجتماع الأمس هو الخامس للجنة منذ تشكيلها قبل عامين، وتأتي أهميته في أنه اجتماع تنفيذي لتطبيق ما تم من اتفاقيات بين رئيسي البلدين مؤخراً في موسكو.
وأضاف داود أن اللجنة ستبحث على مدى 3 أيام آليات دعم وتطوير علاقات التعاون الاقتصادية بين البلدين، خاصة مع تنامي حجم الاستثمارات الروسية بالسودان في كل المجالات، وعلى رأسها في مجال التعدين والتنقيب عن الذهب.
وأكد داود حرص الجانب السوداني على الاستفادة من كل الإمكانيات الروسية، وبخاصة في مجالات الفضاء والأبحاث الجيولوجية، بجانب مجال توطين المعادن الصناعية التي تستورد منها البلاد سنويا بمبلغ يقدر بنحو 500 مليون دولار.
ومن جانبه، لفت نادر يوسف الطيب، سفير السودان لدى روسيا، إلى التقدم الكبير في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة في مجال المعادن، مع تطور كبير في الميزان التجاري، الذي وصلت نسبة زيادته بين البلدين هذا العام لنحو 80 في المائة. مشيرا إلى وصول الصادرات السودانية لأول مرة إلى السوق الروسية خلال هذا العام، كما زادت واردات القمح الروسي إلى السودان، مبينا أن هناك اتفاقا لزيادة صادرات السودان من الخضر والفاكهة إلى السوق الروسية.
وبين الطيب أن معظم الاستثمارات الروسية بالسودان في مجال التعدين، حيث توجد 5 شركات روسية، بعضها بدأ الإنتاج قبل عامين، مثل شركة «كوش» التي تصل استثماراتها إلى 300 مليون دولار، بجانب شركات أخرى في مراحل الاستكشاف، مشيرا إلى وجود مساعٍ لدخول شركات روسية في مجال النفط والغاز، والتي قال إنها ستصل مطلع العام المقبل.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»