وزير الخارجية الألماني: نسعى لمواجهة دور إيران بالتشارك مع أميركا

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن تصريحاته حول لبنان «أسيء فهمها»

وزير الخارجية الألماني («الشرق الأوسط»)
وزير الخارجية الألماني («الشرق الأوسط»)
TT

وزير الخارجية الألماني: نسعى لمواجهة دور إيران بالتشارك مع أميركا

وزير الخارجية الألماني («الشرق الأوسط»)
وزير الخارجية الألماني («الشرق الأوسط»)

أدان زيغمار غابرييل، وزير الخارجية الألماني، إطلاق الحوثيين صاروخاً باليستياً على الرياض، مشيراً إلى أن هدف بلاده في اليمن هو إعادة السلام والاستقرار وعودة الحكومة الشرعية إلى صنعاء.
وتحدث الوزير عن رفض برلين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب نقل العاصمة الأميركية إلى القدس، مشدداً على ضرورة إيجاد حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي عن طريق المفاوضات.
وذكر غابرييل في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن برلين والرياض متوافقتان بشأن الدور السياسي الخارجي الذي تلعبه إيران في المنطقة، مضيفاً أن بلاده تريد مواجهة مشكلة الدور الإيراني في المنطقة بشكل مشترك مع الأميركيين.
وشدد على أن تصريحاته بشأن الأزمة اللبنانية الأخيرة أسيء فهمها، لافتاً إلى أن محور تصريحاته بشأن الأزمة في لبنان ليس هجوماً على بلد بعينه في المنطقة.
وفيما يلي نص الحوار:
وعلى صعيد الأزمة السورية، ذكر وزير الخارجية الألماني أن الأزمة لم تنته، حيث يمنع النظام الأمم المتحدة من توزيع الطعام والأدوية، داعياً إلى حل سياسي يتم التوصل إليه تحت رعاية الأمم المتحدة وبناءً على القرارات ذات الصلة، خصوصاً القرار رقم 2254، مشيراً إلى أن النظام يماطل في العملية السياسية ويصرف الأنظار عنها ولا يتزحزح ولو قيد أنملة.
> كيف تنظرون إلى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل وما المآلات السياسية والأمنية لذلك دولياً وإقليمياً؟ وإلى أي حد يضرّ بعملية السلام الفلسطينية؟
- لا يزال موقفنا – تماماً مثل موقف الاتحاد الأوروبي – دون تغيير، ويتوجب إيجاد حل لوضع القدس عن طريق المفاوضات. لقد قدمت السعودية رؤية سلام مهمة جداً عام 2002، وهي مبادرة السلام العربية، التي تحتوي على العناصر المحورية لتسوية النزاع العربي – الإسرائيلي، ولبناء إطار أمني إقليمي. ويتعين على كل من يسعى إلى حل النزاع بين إسرائيل من جهة والفلسطينيين والدول العربية من جهة أخرى أخذ هذه العناصر بعين الاعتبار. ونحن على يقين تام بأن حل الدولتين عن طريق المفاوضات مع احترام تطلعات كلا الجانبين هو الطريقة الواقعية الوحيدة لتحقيق السلام والأمن الدائمين.
ومن أجل إحلال سلام دائم لا يكفي أن يقبل كل طرف بوجود الطرف الآخر فقط. وحتى يتسنى لكل من إسرائيل وفلسطين أن يعيشا جارَين في جو من السلام، يجب على قادة الجانبين أن يتحلوا بالشجاعة اللازمة للتصريح بأن الآخر له مكان هنا.
> كيف تنظرون إلى واقع وأهمية العلاقات السعودية – الألمانية... وما فحوى التصريحات السلبية الأخيرة بشأن السعودية على خلفية قضية استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وبعض القضايا الأخرى الإقليمية الأخرى؟ وما أثر ذلك على العلاقات بين البلدين؟
- لاحظت أن تصريحاتي بشأن الأزمة في لبنان لم تحظ بالقبول في السعودية. لذا؛ فإنني أشكركم جزيل الشكر على طرح هذا السؤال، حيث إنني حريص كل الحرص على ألا يحدث أي سوء فهم في هذا السياق. محور تصريحاتي بشأن الأزمة في لبنان ليس هجوماً على بلد بعينه في المنطقة، وهذا يشمل السعودية. إن توضيح ذلك مهم بالنسبة لي؛ إذ إن قلقي الشخصي وكذلك قلقنا السياسي في ألمانيا كان حصرياً إزاء سكان لبنان. لدي من العمر ما يكفي لأتذكر الدمار الذي سببته 15 عاماً من الحرب الأهلية في لبنان بين 1975 و1990، وكذلك حرب لبنان 1982. مراراً وتكراراً قامت أيضاً قوى أجنبية بجر البلد إلى دائرة من الأزمات والعنف. كان سكان لبنان مضطرين إلى تقديم تضحيات هائلة، وفي الوقت ذاته يقدم هذا البلد اليوم الحماية لعدد كبير من اللاجئين السوريين. وهذا هو السبب الذي يجعل الاستقرار والسلام في غاية الأهمية في لبنان. وعلينا جميعاً، أي ألمانيا وأوروبا والولايات المتحدة، وبطبيعة الحال أيضاً بلدان المنطقة، أن نتعاون من أجل ضمان هذا السلام والاستقرار في لبنان. إنني متأكد تماماً أن أصدقاءنا في السعودية يشاطروننا هذا الهدف أيضاً.
إن توضيح ذلك مهم جداً؛ إذ إن العلاقات الألمانية السعودية ليست فقط محورية بالنسبة لنا على المستوى الثنائي، بل إنها مهمة أيضاً على مستوى المنطقة؛ إذ إننا نسير في الاتجاه نفسه فيما يخص الملفات المهمة للسياسة الخارجية، ومنها على سبيل المثال مكافحة ما يسمى «تنظيم داعش». إن علاقاتنا مهمة وقوية لدرجة أنه بإمكاننا أن نتحمل بالتأكيد بعض الاختلافات في وجهات النظر بشأن قضايا فردية من وقت إلى آخر. يجب ألا نسمح بزرع الانقسام فيما بيننا.
من حيث المبدأ أرى أيضاً أن لدى برلين والرياض أوجه توافق فيما يتعلق بتحليل الوضع؛ فالسعودية قلقة للغاية بشأن إيران، ومثل السعودية فإننا قلقون جداً بشأن الدور السياسي الخارجي الذي تلعبه إيران في المنطقة. وقلت ذلك بكل وضوح خلال زيارتي لواشنطن قبل فترة. نريد مواجهة مشكلة الدور الإيراني في المنطقة بشكل مشترك مع الأميركيين، وذلك دون الإضرار بالاتفاق النووي. وأعربنا في هذا السياق بوضوح عن إدانتنا التجارب الصاروخية الإيرانية؛ كونها لا تتماشى على الإطلاق مع قرار مجلس الأمن رقم 2231.
يجب أن يكون هدفنا الاستراتيجي أن تمتنع إيران عن القيام بمثل هذه الأعمال وأن تتصرف على نحو بنّاء.
أما فيما يخص لبنان فإننا نشاطر السعودية قلقها بشأن دور «حزب الله» كميليشيا، والدور الذي يلعبه في المنطقة. إن عودة رئيس الوزراء سعد الحريري إلى بيروت وتمكنه من الحصول على تعهد من جميع الأحزاب اللبنانية بالالتزام بمبدأ النأي بالنفس يُعد خطوة إيجابية. وسوف نراقب عن كثب ما إذا كان الجميع سيفي بهذا الوعد.
> ما رؤيتكم للأزمة الخليجية القطرية؟ وهل لديكم محاولات جديدة للدفع في مسار حل هذه الأزمة؟
- ألمانيا لديها اهتمام كبير بأن يكون مجلس التعاون الخليجي موحداً وقوياً. ومن هذا المنطلق نريد التوصل إلى حل للأزمة بأسرع ما يمكن. ونعتقد أن من الممكن لجميع الأطراف إيجاد أرضية مشتركة من جديد عندما يجتمعون حول الطاولة. ولم تكن ألمانيا على الإطلاق طرفاً في هذا النزاع، بل كانت وما زالت تدعم الوساطة الكويتية والمبادرات ذات الصلة التي أطلقتها الولايات المتحدة.
تربطنا علاقات جيدة جداً بجميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي ونحرص على الحفاظ عليها في المستقبل. ولذلك؛ يسرني أنه تم في الكويت إجراء خطوة أولى مهمة نحو إعادة توحيد الصف في المنطقة. لا يستطيع أحد حل الأزمة إلا دول المنطقة. أما نحن فنرغب في تقديم الدعم في الأمور التي يمكننا المساعدة فيها.
> ما تقييمكم للأزمة السورية على أرض الواقع، ومدى التجاوب الدولي معها؟
- على عكس ما يقوله البعض هذه الأيام فإن الأزمة السورية لم تنته بعد بأي حال من الأحوال. يتعرض الناس للقصف والتهجير والتجويع كل يوم. دعونا ننظر إلى الغوطة الشرقية على سبيل المثال: مئات آلاف الناس، الكثير منهم من النساء والأطفال، محاصرون هناك، ويمنع النظام الأمم المتحدة من توزيع الطعام والأدوية هناك. لماذا؟ لأسباب تكتيكية. هذا أمر غير معقول ينم عن انعدام الضمير. قامت ألمانيا بالكثير من أجل تخفيف معاناة الناس في سوريا. في العام الحالي وحده صرفنا أكثر من 700 مليون يورو لأغراض إغاثية، إلا أن ذلك غير كافٍ طالما أن النزاع مستمر. لذا؛ فإننا نحتاج في آخر المطاف إلى حل سياسي يتم التوصل إليه تحت رعاية الأمم المتحدة وبناءً على القرارات ذات الصلة، خصوصاً القرار رقم 2254 الذي يرسم إطاراً واضحاً. علما بأن هذا القرار قد تم اتخاذه بموافقة روسيا أيضاً.
> وفد النظام السوري يرفض التفاوض مع وفد المعارضة في جنيف، وربما تتجه المفاوضات إلى «سوتشي»... ما تعليقكم على ذلك، وهل يمكن أن تكون «سوتشي» أو «أستانة» بديلاً عن «جنيف»؟
- أكدنا مراراً وتكراراً أن المفاوضات بطبيعتها لا تتسق إلا بوجود طرفين. في جنيف نرى معارضة تشارك بشكل موحد وبناء، ودون شروط مسبقة للمفاوضات. إنه أمر مثير للإعجاب، كان أيضاً بلا شك نتيجة للجهود الدؤوبة التي بذلتها السعودية، خصوصاً العمل الذي قام به زميلي وصديقي العزيز عادل الجبير. ومن ناحية أخرى، نرى النظام السوري الذي يمانع ويماطل في العملية ويصرف الأنظار عنها ولا يتزحزح فيها ولو قيد أنملة. وأنا لا أفهم كيف يمكن أن يتغير ذلك بتغير المكان. إذا كانت روسيا فعلاً جادة في سعيها لإيجاد حل سياسي مستدام في سوريا فيتعين عليها أن تجعل نظام الأسد يتحرك، وذلك في جنيف التي هي المكان الصحيح لإجراء العملية السياسية.
> نقطة الخلاف الجوهرية في المفاوضات السورية هي رحيل الأسد أو بقاؤه في المرحلة الانتقالية... كيف تنظرون إلى هذا الخلاف وانعكاساته على العملية السياسية برمتها؟
- إن المفاوضات بشأن الانتقال السياسي في سوريا لن تبدأ باستقالة بشار الأسد، واعترفت المعارضة بذلك في اجتماعها الأخير بالرياض. في نهاية المطاف يتعين على السوريين أنفسهم الاتفاق على رسم معالم مستقبل سوريا السياسي. ومع ذلك أستطيع أن أفهم رفض المعارضة لفكرة أن يستمر الرجل الذي حارب شعبه بلا رحمة في حكم البلاد مستقبلاً.
> ما رؤيتكم للأزمة اليمنية، وكيف تنظرون إلى مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح على مستقبل الحل السياسي في اليمن؟
- هدفنا في اليمن – ولا نختلف فيه – هو إعادة السلام والاستقرار إليه وعودة الحكومة الشرعية إلى صنعاء، إضافة إلى حماية الشعب اليمني. لا يمكن إيجاد حل طويل الأمد للنزاع إلا بالوسائل السياسية: عن طريق المفاوضات الشاملة للجميع برعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة الذي تحظى جهوده بكامل دعمنا.
إننا نعي أن تهديداً دائماً ناتجاً من تسليح ميليشيا مثل الحوثيين بالصواريخ الباليستية هو أمر لا تقبله السعودية. لقد أدنّا الاعتداء الصاروخي للحوثيين على الرياض بأشد العبارات. كما أننا نشعر بقلق عميق إزاء قتل علي عبد الله صالح والتطورات الأخيرة في صنعاء.
إن السعودية هي أكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية في اليمن، وللأسف يغفل البعض عن هذه الحقيقة أحياناً في ألمانيا. وفي الوقت ذاته تعد ألمانيا أيضاً من أكبر المانحين للمساعدات الإنسانية في اليمن – وهذه الحقيقة ربما أيضاً غير معروفة بما فيه الكفاية في المنطقة. إننا نقف إلى جانب الناس في اليمن ورفعنا حجم مساعداتنا الإنسانية مجدداً قبل وقت ليس ببعيد لتصل إلى إجمالي 165 مليون يورو لعام 2017. وحتى يمكن لهذه المساعدات أن تصل إلى مستحقيها، فلا مفر في هذه الحالة أن تتم إعادة فتح الموانئ أيضاً في الشمال بالكامل أمام الإمدادات الإنسانية والتجارية. إن إيجاد حل في هذا الصدد تُراعى فيه المصالح الأمنية المشروعة للمملكة على نحو أفضل، هو بمثابة تحدٍ يجب التغلب عليه بجهد مشترك بيننا وبدعم فاعل من الأمم المتحدة.
> ما زالت الهجرة من مناطق النزاع والإضرابات ومن أفريقيا تشكل هاجساً مقلقاً دولياً... ما رؤيتكم لذلك؟
- ما زالت مسألة النزوح والهجرة في صدارة جدول الأعمال الدولي، بما في ذلك الهجرة من مناطق الصراع ومن أفريقيا. وبناءً على إعلان نيويورك من أجل اللاجئين والمهاجرين الذي اعتمدته الأمم المتحدة بتاريخ 19-09-2016 تتم حالياً بلورة اتفاقين عالميين بشأن اللاجئين والهجرة – وهما مشروعان نعمل على تحقيقهما بقوة، حيث يتيح الاتفاق العالمي من أجل الهجرة فرصة تاريخية فريدة من نوعها لإنشاء إطار دولي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية. لا يمكن لبلد بمفردها أن تحل أزمات اللاجئين حول العالم. لذا؛ فإن الحكومة الاتحادية الألمانية تسعى إلى تطبيق مبدأ المسؤولية الدولية المشتركة والحفاظ على حقوق الإنسان واحترام الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية اللاجئين.
> برزت مظاهر للاستعباد وبيع الرقيق في ليبيا مستغلين أوضاع المهاجرين الأفارقة الإنسانية... ما تعليقكم على ذلك؟
إن التقارير حول الاتجار بالبشر في ليبيا مروعة. وقد اتفق الأوروبيون والأفارقة على هامش قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي بأبيدجان في مباحثات بنّاءة جداً على تحسين أوضاع اللاجئين والمهاجرين داخل البلاد. وستُتخذ هذه الخطوات بتنسيق وثيق مع حكومة الوفاق الوطني الليبية التي يجب أن تتحمل المسؤولية إزاء معاملة اللاجئين والمهاجرين داخل البلاد بما يضمن كرامتهم. ومن المهم الآن التنفيذ المباشر لما تم الاتفاق عليه بأبيدجان، وكذلك ضمان إجراء تحقيقات سريعة لكشف حقيقة الاتهامات المتعلقة بالاسترقاق في ليبيا.



إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
TT

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي
صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

ستجري إيران محادثات بشأن برنامجها النووي مع فرنسا، بريطانيا وألمانيا، الجمعة في جنيف، وذلك بعد أسبوع من القرار الذي حركته القوى الثلاثة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وينتقد طهران على عدم تعاونها في الملف النووي.

وأكدت بريطانيا، الأحد أن هذه المحادثات ستتم. وقالت وزارة الخارجية البريطانية «ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك من خلال الإجراءات العقابية إذا لزم الأمر».

وكانت وكالة «كيودو» اليابانية، أول من أعلن صباح الأحد، نقلاً عن مصادر دبلوماسية إيرانية عدة، أن إيران تعتزم إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، المقبل 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

وقالت «كيودو» إن من المتوقع أن تسعى الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، إلى التوصل إلى حل للأزمة النووية مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، حسبما أوردت «رويترز».

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في وقت لاحق إن نواب وزراء خارجية إيران والدول الأوروبية الثلاث سيشاركون في المحادثات، التي قال إنها ستتناول قضايا إقليمية إلى جانب الملف النووي.ولم يذكر بقائي مكان إجراء المحادثات. وطلب متحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية إحالة الأسئلة إلى الدول المذكورة في تقرير كيودو.وأضاف بقائي «سيتم تبادل الآراء... بشأن مجموعة من القضايا الإقليمية مثل قضيتي فلسطين ولبنان وكذلك القضية النووية».

وسيثمل الجانب الإيراني، نائب وزير الخارجية في الشؤون الدولية، مجيد تخت روانتشي، حسبما أوردت وسائل إعلام إيرانية.

يأتي ذلك بعد أيام من تبني مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قراراً يأمر طهران مجدداً بتحسين التعاون مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة على وجه السرعة.

وطلب القرار من مدير الوكالة الدولية إصدار «تقييم شامل ومحدث بشأن احتمال وجود أو استخدام مواد نووية غير معلنة فيما يخص قضايا عالقة ماضية وحالية تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني».

ورفضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة التي اقترحت القرار، تحرك إيران في اللحظة الأخيرة لوضع سقف لمخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60 في المائة، القريب من درجة صنع الأسلحة، ووصفته بأنه غير كافٍ وغير صادق.

ورداً على القرار، أعلنت طهران عن تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة، من مختلف الطرازات في منشآت تخصيب اليورانيوم، فوردو ونطنز.

تشغيل أجهزة الطرد

قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، الأحد، إن طهران باشرت تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن قاليباف قوله في مستهل الجلسات الأسبوعية للبرلمان، أن «النهج السياسي غير الواقعي والمدمر الذي تتبناه الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة، أدى إلى إصدار قرار غير مبرر وغير توافقي بشأن البرنامج النووي السلمي لإيران في مجلس المحافظين».

وحصل القرار على تأييد 19 دولة من أصل 35 عضواً في مجلس المحافظين، وامتنعت 12 دولة عن التصويت، وصوتت 3 دول ضد القرار.

وقبل تبنِّي القرار بأيام، زار زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي طهران بهدف حل القضايا العالقة بين الطرفين. وعدت الزيارة إحدى الفرص الدبلوماسية الأخيرة المتاحة قبل عودة ترمب في يناير (كانون الثاني) إلى البيت الأبيض خصوصاً أنه كان مهندس «سياسة الضغوط القصوى» على إيران خلال ولايته الأولى بين عامَي 2017 و2021.

غروسي ونائبه يتوسطان المتحدث باسم «الذرية الإيرانية» بهروز كمالوندي ونائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي أمام مدخل منشأة نطنز في أصفهان (إرنا)

وقال قاليباف: «لقد استخدمت الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة الأنشطة النووية لبلدنا ذريعة لإجراءات غير مشروعة، ما عرّض مصداقية واستقلالية الوكالة للخطر من خلال نقض العهود وانعدام الصدق، وجعلوا الأجواء البناءة التي تم إنشاؤها لتعزيز التفاعل بين إيران والوكالة مشوشة»، وفقاً لوكالة «إيسنا» الحكومية.

وأفادت مصادر دبلوماسية إيرانية لوكالة «كيودو» بأن هذه المحادثات تأتي مع اقتراب تولي إدارة ترمب المعادية لإيران الحكم في يناير المقبل، ما دفع حكومة الإصلاحية بقيادة الرئيس بزشكيان إلى تعزيز الحوار مع الغرب، والسعي إلى التوصل لحل للأزمة النووية قبل تنصيب ترمب.

حل دبلوماسي

أكد مسؤول إيراني كبير أن الاجتماع سيعقد، يوم الجمعة المقبل، مضيفاً أن «طهران تعتقد دائماً أن القضية النووية يجب حلها من خلال الدبلوماسية. إيران لم تنسحب مطلقاً من المحادثات».

وفي عام 2018، انسحبت إدارة ترمب آنذاك من الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مع 6 قوى كبرى، وأعادت فرض عقوبات قاسية على إيران؛ ما دفع طهران إلى تجاوز الحدود النووية المنصوص عليها في الاتفاق بإجراءات مثل زيادة مخزونات اليورانيوم المخصب ومعالجته إلى درجة نقاء انشطارية أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع الإنتاج، ووقف البروتوكول المحلق بمعاهدة حظر الانتشار النووي.

في بداية عهد الرئيس جو بايدن زادت إيران مخزوناتها من اليورانيوم العالي التخصيب بشكل كبير، ورفعت عتبة التخصيب إلى 60 في المائة، لتقترب بذلك من النسبة للازمة لصنع قنبلة نووية.

وقد حدد الاتفاق النووي مع إيران المعروف رسمياً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» والذي فشلت مفاوضات في إحيائه في عام 2022، معدل التخصيب الأقصى عند نسبة 3.67 في المائة.

ولم تفلح المحادثات غير المباشرة بين إدارة الرئيس جو بايدن وطهران في محاولة إحياء الاتفاق، لكن ترمب قال في حملته الانتخابية في سبتمبر (أيلول): «علينا أن نبرم اتفاقاً، لأن العواقب غير محتملة. علينا أن نبرم اتفاقاً».

ومع فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، أرسل المسؤولون الإيرانيون إشارات متناقضة بشأن رغبة طهران في التواصل مع الإدارة الأميركية، فضلاً عن تحسين العلاقات مع الدول الأوروبية، في محاولة لردع مساعي إدارة ترمب في إحياء الضغوط القصوى.

ترمب يحتفل بانتصاره في الانتخابات الرئاسية (رويترز)

وحض مسؤولون إيرانيون ترمب على اعتماد سياسة جديدة، وحذروا من تجربة نسخة ثانية للضغوط القصوى.

ولم يتضح بعد النهج الذي يسير عليه ترمب، وما إذا سيرد الاعتبار لتوقيعه بالانسحاب من الاتفاق النووي أو يبقي على المسار التفاوضي الذي أطلقه جو بايدن لإحياء الاتفاق.

واختار ترمب ماركو روبيو لشغل حقيبة الخارجية، وهو معروف بعدائه للصين وإيران.

وكان ترمب قد أكد في يوم الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر أنه «لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران». وقال بعد الإدلاء بصوته: «شروطي سهلة للغاية. لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية».

في وقت سابق من هذا الشهر، نفت إيران «نفياً قاطعاً» ما أوردته صحيفة «نيويورك تايمز»، الخميس، عن عقد لقاء بين سفيرها لدى الأمم المتحدة ورجل الأعمال إيلون ماسك المقرب من الرئيس الأميركي المنتخب، بهدف «تخفيف التوتر» مع الولايات المتحدة.

وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي تولى منصبه في يوليو (تموز) والمؤيد للحوار مع الدول الغربية، أنه يريد رفع «الشكوك والغموض» حول برنامج بلاده النووي.

«سناب باك»

وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، بداية الأسبوع الماضي، إن حكومة مسعود بزشكيان حاولت استئناف المفاوضات في نهاية سبتمبر الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك.

وأعرب عراقجي عن مخاوفه من أن تقدم الدول الأوروبية على تفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، قبل انتهاء مفعولها في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، مع انقضاء موعد القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. وأشار عراقجي في جزء من تصريحاته، إلى توقف «مسار مسقط»، في إشارة إلى الوساطة التي تقوم بها سلطنة عمان بين طهران والقوى الغربية بشأن البرنامج النووي منذ سنوات.

وأوضح عراقجي أن «القوى الأوروبية والولايات المتحدة رحبتا بمواصلة المفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط العماني... وجرى التعبير عن الرغبة في بدء مسار المفاوضات مع الأوروبيين ومسار مسقط، وكنا مستعدين لبدء المفاوضات، لكن الأحداث في لبنان أدت إلى توقفها. الآن، هناك رغبة من قبل الدول الأوروبية في استئناف المفاوضات، وسنقوم بذلك قريباً». ومع ذلك، قال إن «على الحكومة الأميركية الجديدة أن تقرر، ونحن سنتصرف بناءً على ذلك».

لاحقاً، قال مجيد تخت روانتشي، نائب وزير الخارجية الإيراني، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إن طهران «تفضّل المفاوضات، لكنها لا تخضع لاستراتيجية الضغوط القصوى».

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية، كاظم غريب آبادي، الخميس الماضي إن بلاده «ستنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية» إذا قرّرت الدول الغربية إعادة فرض عقوبات أممية على إيران، بموجب تفعيل آلية «سناب باك».

وينص اتفاق 2015 على بند «سناب باك» لإعادة العقوبات الأممية في حال عدم احترام طهران التزاماتها على الصعيد النووي.