ارتياح شبابي بمصر عقب الإفراج عن عشرات الموقوفين

عضو لجنة العفو الرئاسي لـ {الشرق الأوسط} : نعمل على ادماجهم سريعاً في المجتمع

ارتياح شبابي بمصر عقب الإفراج عن عشرات الموقوفين
TT

ارتياح شبابي بمصر عقب الإفراج عن عشرات الموقوفين

ارتياح شبابي بمصر عقب الإفراج عن عشرات الموقوفين

سادت حالة من الارتياح في مصر، أمس، في أعقاب قرار إفراج النيابة العسكرية عن 236 من جماهير نادي الزمالك، معظمهم طلاب، أوقفوا قبل نحو 6 أشهر، لاتهامهم بارتكابهم أعمال شغب باستاد «برج العرب» في الإسكندرية.
وعبر حقوقيون عن أملهم في مزيد من القرارات المماثلة، بحق مئات الشباب المحبوسين منذ سنوات، في قضايا ترتبط معظمها بمظاهرات سياسية.
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، مطلع يوليو (تموز) 2013، شنت السلطات الأمنية حملة صارمة على أنصار جماعة الإخوان، شهدت سجن الآلاف منهم. واتسعت الحملة لتشمل نشطاء ليبراليين وقيادات في روابط مشجعي كرة القدم، في محاولة لبسط الأمن ووقف المظاهرات المناهضة.
وقال طارق الخولي، عضو لجنة العفو الرئاسي لـ«الشرق الأوسط»: إن «الإفراج عن هؤلاء الشباب أعطى أملاً في مزيد من القرارات المماثلة، سواء عن طريق القضاء كما حدث، أو عبر عفو رئاسي فيما يخص من صدرت ضدهم أحكام نهائية»، مشيرا إلى «عزم اللجنة العمل على إعادة دمجهم سريعاً في المجتمع، من خلال تذليل عقبات عودتهم لمدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم».
وكانت النيابة العسكرية بالعامرية، قد أمرت مساء أول من أمس (السبت)، بإخلاء سبيل 236 مشجعا من جماهير نادي الزمالك، بعد أن حفظت قضية اتهامهم بارتكاب أعمال شغب في ملعب «برج العرب»، عقب مباراة الزمالك وأهلي طرابلس الليبي في يوليو الماضي.
واستقبل الأهالي أبناءهم بالزغاريد، في حين أطلق أصدقاؤهم الشماريخ والألعاب النارية، مرددين هتافات تعبر عن سعادتهم بالإفراج عن زملائهم، كما نادوا بالإفراج عن عدد آخر من زملائهم لا يزالون قيد الحبس في قضايا مماثلة. وقال محمد رشوان، محامي المحبوسين من أعضاء رابطة مشجعي نادي الزمالك «وايت نايتس»، إن «نادي الزمالك تنازل عن الدعوة المدنية ضد المتهمين، كما تكفل النادي أيضاً بدفع جميع تكاليف تلفيات ملعب (برج العرب)»، منوها إلى أن «أهالي المحبوسين كانوا قد تقدموا بمذكرات لوزير الدفاع، وكذلك بعض النواب تقدموا بمذكرات لرئيس الجمهورية»، ما أدى في النهاية إلى حفظ التحقيقات.وأوضح المحامي أن «القضية أحيلت في البداية للنيابة العامة، ثم تم نقلها إلى النيابة العسكرية، كون الواقعة حدثت في منشأة عسكرية، وتم توجيه 11 اتهاماً للشباب».
ومن بين المفرج عنهم يوجد نحو 50 من طلاب الجامعات والثانوية العامة. فيما أكد أحمد مرتضى، نجل رئيس النادي مرتضى منصور، أن «الزمالك تحمل أكثر من مليون جنيه، تمثل كافة تكاليف تلفيات استاد (برج العرب)».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، صدر قانون جديد للرياضة، شدد العقوبات على شغب الملاعب. ويتضمن عقوبات بالحبس تصل إلى عامين، وغرامات تصل إلى 20 ألف جنيه (نحو 1100 دولار تقريباً) على من يقوم بأفعال من بينها استخدام العنف أثناء ممارسة النشاط الرياضي.
من جانبه، قال النائب البرلماني طارق الخولي، عضو لجنة العفو الرئاسي عن الشباب المحبوسين، إن اللجنة مستمرة في اجتماعاتها للإعداد لقائمة عفو رابعة جديدة، من المتوقع صدورها خلال الأيام المقبلة. وشكل الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 لجنة لفحص ومراجعة موقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، ضمن مقررات مؤتمر وطني للشباب عقد بمدينة شرم الشيخ، شهد مطالبات ببحث حالات الشباب المحبوسين في قضايا تعبير عن الرأي.
ومنذ تشكيلها، أصدرت اللجنة ثلاث قوائم، تم الإفراج عن أكثر من 650 شاباً من خلالها. وأوضح الخولي أن اللجنة تقوم بفرز الأسماء التي تتلقاها من قبل المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، ونواب البرلمان، بالإضافة إلى عدد من الجهات الحقوقية، وأهالي المتهمين، للمطالبة بالعفو عنهم، مؤكداً أنها تعمل وفقاً لما حدده القانون والدستور، كما أن العفو لا يشمل مدانين بارتكاب أعمال إرهابية.
ولا يملك رئيس الدولة سلطة التدخل في أحكام القضاء؛ لكن طبقاً للدستور يحق له العفو عن محبوسين بعد أخذ رأي مجلس الوزراء. وأوضح الخولي أن لجنة العفو تعمل على إجراء لقاءات مع عدد من الوزارات والجهات المعنية، لتأهيل الشباب الذين يتم الإفراج عنهم، من أجل إعادة دمجهم في المجتمع مرة أخرى، وضمان الحفاظ على مستقبلهم التعليمي والوظيفي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».