معرض «مسافر زاده الخيال»... لوحات فنية تكرس علاقة الإنسان بالمكان

بين أروقة المدن التاريخية في قارة آسيا وأوروبا، تنقل الفنان التشكيلي المصري وليد جاهين، باحثاً عن علاقة الإنسان بالمكان. رسم عدداً من اللوحات الفنية التي تعمّق هذه الفكرة، عبر رؤية فنية وإبداعية ممزوجة بالتأمل والخيال. وعُرضت تلك اللوحات تحت عنوان «مسافر زاده الخيال»، في «غاليري خان المغربي»، بحي الزمالك الشهير في القاهرة، وسط إقبال محبي الفن من المصريين والأجانب.
ضم المعرض الذي زارته «الشرق الأوسط»، ما يقرب من 30 لوحة من أحدث أعمال جاهين، يدور معظمها حول المدن التي زارها الفنان المصري، والعلاقة بينها وبين الإنسان، بعدما تمكن من زيارة كوريا الجنوبية، ومدينة أثينا، وجزيرة ميكانوس اليونانية، بالإضافة إلى مدينة سمرقند التاريخية بدولة أوزباكستان، ودشقند في باكستان، وألانيا وكونيا بتركيا، فلكل مدينة معنى وفلسفة خاصة في لوحات جاهين. ومن المقرر أن تستمر فعاليات المعرض بالزمالك حتى 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
يقول جاهين: «قضيت فترات قصيرة في المدن التي زرتها، ووصلت أطول مدة خلال تلك الرحلات 20 يوماً فقط، وبدأت رحلاتي منذ عام 2012 بحثاً عن الجمال، واستمرت لمدة 5 سنوات بشكل متقطع. لكن كان وجه الشبه بين تلك المدن، هو أنّها غير موجودة على أجندة زيارة المواطنين العرب أو المصريين، وتتميز غالبية تلك المدن بالمباني التراثية والتاريخ، الذي يفوح من كل جوانبها». لافتاً إلى أنّ «كل هذه الأماكن مرتبطة بعلاقات بصرية مع الأشخاص، الذين رأيتهم هناك سواء كانوا أصدقاء لي، أو شخصيات تعاملت معهم بشكل عابر».
وأضاف جاهين لـ«الشرق الأوسط»: «المعرض ينقسم إلى جزأين؛ الجزء الأول، يتحدث عن الموضوع، بينما يركز الثاني على التقنيات المستخدمة في الرسم، مثل استخدام الزيت في مساحات من الذهب والفضة»، مشيراً إلى أنّه «يستخدم تلك التقنية منذ دراسته للماجستير والدكتوراه».
بدأ الفنان التشكيلي الإعداد لهذا المعرض منذ عام كامل، موضحاً أنّه «اعتاد على عرض لوحاته في مساحات كبيرة، وليست صغيرة مثل عادة الكثير من الفنانين». وتابع جاهين قائلاً: «زرت في تركيا بلدة تدعى كونيا، وفوجئت أنّها التي تتحدث حولها رواية (قواعد العشق الأربعون)، في علاقة جلال الدين الرومي مع الشخص الذي يعبر العالم من سمرقند من أقصى الشرق، لكي يقابله في كونيا التي خصصت لها 7 أعمال في المعرض».
يؤكد جاهين في لوحاته عن مدينة كونيا التركية أنّها بقعة ملأت العالم بتعاليم جلال الدين الرومي، وتجليات شمس التبريزي، ففي اللوحات، رُفعتْ يد للخالق سبحانه وتعالى، بينما ملأت أخرى الأفق البعيد. وأوضح أن لوحات هذه المدينة كانت تدور أيضاً في فلك الحب والحنين إلى هذه المدينة، التي تؤْثِر محبيها وعاشقيها بمناظرها الطبيعية الخلابة.
فيما رأى جاهين بناته في مدينة ألانيا، الواقعة على ساحل البحر المتوسط بجنوب تركيا، قائلاً: «تمايل البيوت فوق الجبال، كان له طابع خاص في نفسي، لأنّه ذكّرني ببناتي، فالمشهد من أعلى القلعة، يحيط بذكرياتي معهن».
في السياق ذاته يقول وليد جاهين عن لوحات مدينة بيلو بولي، في دولة مونتينغرو: «وجدنا أنفسنا الفنية، تتلاقى الهموم وتتلامس الغايات، أصدقاء جاءوا من بلدان مختلفة، كأنّهم واحد، يتقاسمون ثمار المحبة حتى يتكشف المستقبل لهم».
وعن لوحات جزيرة ميكانوس في اليونان قال: «مثّل نقاء اللون الأبيض، لون وجوه البشر، والأزرق لون مياه البحر، بينما عبّر اللون الأحمر عن لون الشفاه، فالمنظر العام للوحة يوحي بالخمول، إذ ظهرت البيوت كأنّها تيجان بيضاء موضوعة على رؤوس النساء».
في سمرقند التاريخية كان الوضع مختلفا تماماً، إذ أبرز الفنان التشكيلي الأضرحة الزرقاء والمآذن الفريدة بشكل مختلف، حيث أضفى على لون المآذن لوناً دافئاً، تعبيراً عن حبه لأصدقائه الأوزباكستانيين.
وعن لوحات مدينة جونجو سيتي في كوريا الجنوبية، يقول الفنان التشكيلي: «حاولت أن أقول عن لوحة هذه المدينة، الحياة هنا واقعة بين اخضرار الجبال، وتكرار الملامح، التي تعطي ألواناً حمراء تفصلنا عن محبينا».