أسلحة «داعش» الفتاكة أميركية وأوروبية الصنع

التنظيم ارتكب مذابح وجرائم بحق المدنيين في سوريا والعراق

صواريخ «بي جي 9 - 99 ملي» باعتها مصانع سلاح رومانية للجيش الأميركي عامي 2013 و2014 واستولى عليها «داعش» بعد أن انتشر في الأراضي السورية والعراقية («واشنطن بوست»)
صواريخ «بي جي 9 - 99 ملي» باعتها مصانع سلاح رومانية للجيش الأميركي عامي 2013 و2014 واستولى عليها «داعش» بعد أن انتشر في الأراضي السورية والعراقية («واشنطن بوست»)
TT

أسلحة «داعش» الفتاكة أميركية وأوروبية الصنع

صواريخ «بي جي 9 - 99 ملي» باعتها مصانع سلاح رومانية للجيش الأميركي عامي 2013 و2014 واستولى عليها «داعش» بعد أن انتشر في الأراضي السورية والعراقية («واشنطن بوست»)
صواريخ «بي جي 9 - 99 ملي» باعتها مصانع سلاح رومانية للجيش الأميركي عامي 2013 و2014 واستولى عليها «داعش» بعد أن انتشر في الأراضي السورية والعراقية («واشنطن بوست»)

ربما يتفرد تنظيم داعش بوحشية ما اقترفت يداه في العراق وسوريا من أعمال بدءا من المذابح التي أرتكبها بحق المدنيين، والتفجيرات الانتحارية، وإلقاء القنابل الارتجالية على الآلاف من منازل المدنيين. ووصف تقرير استغرق أعداده ثلاث سنوات التنظيم بأن أعضاءه يتميزون بالمهارة في التخطيط سواء في عمليات التصنيع أو الإمداد بعد نجاحهم في نقل الأسلحة والذخيرة وصناعة المواد المتفجرة في مناطق الحرب بوتيرة لم يشهدها العالم في التنظيمات الإرهابية من قبل.
وقد وثق «مركز أبحاث الصراعات المسلحة» ومقره بريطانيا، المعني بتتبع سير واستخدام السلاح في العالم، وجود أكثر من 40.000 قطعة سلاح وذخيرة في العراق وسوريا. اعتمد المركز في عمله على مجموعة من المحققين قام بإرسالهم إلى مناطق القتال في العراق وسوريا، بدءا من مدينة كوباني بشمال سوريا إلى جنوب العاصمة العراقية بغداد، لتتبع الطريق الذي سلكه التنظيم الإرهابي لاحتلال مناطق شاسعة سعيا لتأسيس دولة الخلافة.
ووصف التقرير الذي نشر الخميس الماضي بالأكثر شمولية حتى الآن في كشفه لطرق حصول «تنظيم داعش» على الأسلحة الغربية وكيفية إرسالها إلى جبهات القتال، وبات ينظر إليه كأداة هامة لفك لغز الكفاءة المدمرة التي تمتع بها التنظيم الإرهابي.
وإليكم بعض النقاط الهامة:
- استخدم التنظيم الإرهابي صواريخ وفرتها الولايات المتحدة ربما بطريقة تخالف الاتفاقيات الموقعة مع الجهات المصنعة لهذه الصواريخ. وبحسب ما أوردته صحيفة «واشنطن بوست» في يوليو (تموز) الماضي، فقد أوقفت إدارة الرئيس ترمب عملية سرية لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) لتسليح المعارضة المعتدلة في مواجهة الرئيس بشار الأسد. بيد أنه لم يجرى الإعلان عن نوعية الأسلحة التي قامت الإدارة الأميركية بتقديمها للمعارضة السورية، لكن الباحثين اكتشفوا أسلحة متنوعة في العراق اتضح أن الولايات المتحدة قامت بشرائها وإرسالها إلى الجماعات المعارضة في سوريا. وكمثال على ذلك، اكتشف مجموعة الباحثون وجود صواريخ «بي جي 9 - 99 ملي» باعتها مصانع سلاح رومانية للجيش الأميركي عام 2013 و2014، وقد انتشرت في الأراضي السورية والعراقية. كذلك اكتشف الباحثون حاويات مدونا عليها أرقام مسلسلة ضمن نفس الصفقة بشرق سوريا بعد استعادتها من قافلة تابعة لتنظيم داعش بمدينة الفلوجة. وقد تمكن التنظيم الإرهابي من تعديل تلك الصواريخ لاستخدامها ضمن قاذفاتها، وهو ما أدى إلى زيادة قدرات التنظيم الإرهابي في مواجهة الدبابات والعربات المدرعة التي قدمتها الولايات المتحدة أيضا.
كذلك تضمنت تقارير حصل عليها «مركز أبحاث الصراعات المسلحة» من الشركة الرومانية وجود اتفاقيات تشير إلى تعهد الولايات المتحدة بعدم إعادة تصدير تلك الأسلحة وغيرها، وذلك بهدف منع تهريب الأسلحة.
وأفاد التقرير بأن الحكومة الأميركية لم تستجب لطلبات بشأن تتبع مسار تلك الأسلحة التي قام فريق الباحثين بتوثيقها.
وفي تصريح لصحيفة «واشنطن بوست»، لم ينف المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية التقارير بشأن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة والتي وقعت في نهاية المطاف بين أيدي مسلحي «داعش».
واستطرد المتحدث: «سيقوم مستشارونا برصد استخدام الأسلحة والإمدادات التي قدمناها إلى قوات سوريا الديمقراطية لنضمن أنها استخدمت في مواجهة تنظيم داعش فقط، وأي استخدام غير ذلك أو تغيير لمسار المساعدات الأميركية سوف يؤخذ على محمل الجد، وذلك من شأنه أن يقلص من الدعم الأميركي».
النقطة الأخرى هي أن الأمر لم يستغرق سوى أسابيع ليتمكن تنظيم داعش من الاستيلاء على الصواريخ المضادة للدبابات. ففي يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) 2015، قدمت بلغاريا أنابيب قاذفات صواريخ مضادة للدبابات إلى الجيش الأميركي من خلال شركة بالهند تدعى «كيسلر بوليس سابلاي»، وبعد 59 يوما عثرت الشرطة الفيدرالية العراقية على ما تبقى من تلك الأنابيب بعد معركة في مدينة الرمادي العراقية. وفي مثال آخر، التقطت عدة صور لتنظيم عراقي متمرد في سوريا بينما يستخدم عناصره أنابيب قاذفات مدون عليها أرقام مسلسلة تشير إلى أنها قد وردت ضمن نفس الصفقة.
وأوضحت التقارير كيف أن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة سرعان ما تحولت للاستخدام ضد حلفائها، لتغير بذلك شكل ومسار المعركة وتشكل خطرا حقيقيا على فرق العمليات الخاصة الأميركية صغيرة الحجم التي عادة ما تتحرك في عربات غير مجهزة لمقاومة الأسلحة المضادة للدبابات.
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الاوسط}



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.