مقهى بشمال العراق يهيئ جوا منزليا لرواده

أقيم في منزل قديم بالسليمانية وأصبح ملتقى للشعراء والكتاب والموسيقيين والفنانين المحليين

صور خاص بـ الشرق الأوسط
صور خاص بـ الشرق الأوسط
TT

مقهى بشمال العراق يهيئ جوا منزليا لرواده

صور خاص بـ الشرق الأوسط
صور خاص بـ الشرق الأوسط

صار (مقهى 11) بأثاثه البسيط وجوه المنزلي مكانا مفضلا لسكان مدينة السليمانية في شمال العراق وزوارها الأجانب.
افتتح المقهى عام 2011 وبات منذ ذلك الحين ملتقى للأفراد والعائلات من مختلف الجنسيات حيث يجتذبهم جو المكان التقليدي المريح.
ترتاد شيلان على مقهى 11 في معظم الأيام منذ افتتاحه قبل أربع سنوات وتقول: إنه يبعث لدى زبائنه شعورا بالارتياح وبأنهم في بيوتهم.
وقالت: «الناس يأتون إلى هنا للراحة والاسترخاء ولأنه مكان لطيف ومريح. في كل مرة أحضر أقابل أشخاصا مختلفين لا من السليمانية فحسب بل من مناطق وبلاد أخرى. عندما يسافر الناس خارج بلادهم يزورون أماكن فيها التراث التقليدي للبلد ومقهى 11 يؤدي هذا الدور».
أثاث المقهى مقاعد وثيرة من الطراز القديم وطاولات صغيرة بينما وضعت في حديقته الخارجية مقاعد وأرائك خشبية من طراز تقليدي.
صار المكان أيضا ملتقى للشعراء والكتاب والموسيقيين كما يضم لوحات لفنانين محليين.
وقال نياز مصطفى شاه الذي يدرس الموسيقى «هذا مكاني المفضل ويساعدني على التخيل. كل من يحضر إلى هنا يجد الراحة سواء جاء بمفرده أم مع أصدقاء. المكان يساعدني على تصفية ذهني وعلى الاسترخاء. كنت أحضر إلى المقهى يوميا في الشهور الأربعة الماضية.. المكان لطيف جدا وفي كل مساء عرض لأحد الموهوبين في الشعر أو الموسيقى».
زبون آخر لمقهى 11 يدعى فرزام حسين علي ذكر أن المكان يهيئ المجال لمقابلة أشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة.
وقال: «ما يميز هذا المقهى عن غيره هو أن كل الناس فيه متساوون. الكل يعامل هنا على قدم المساواة أيا كانت منزلته الاجتماعية أو عرقه أو نوعه أو خلفيته الثقافية. لطيف أيضا أن تتاح الفرصة لمناقشة ثقافية مع صديق من أوروبا.. وهذا هو ما يميز المكان هنا عن غيره».
تقع السليمانية في حضن الجبال بشمال العراق ويبلغ عدد سكانها 700 ألف نسمة وصارت مركزا تجاريا وصناعيا في السنوات العشر الأخيرة.
ويزور السليمانية كثير من الأجانب على عكس العاصمة بغداد ومعظم أنحاء العراق الأخرى.
مقهى 11 يملكه جمال بينجويني المصور الذي يعمل في مجال السينما. وذكر يانجواني أنه أراد إنشاء مكان تقليدي الطراز يشعر الناس فيه بالراحة والألفة وسط كل المظاهر العصرية التي تملا السليمانية.
اختار بينجويني منزل الكاتب الكردي الراحل أحمد الخواجة وحوله إلى مقهى مع الحفاظ على طرازه المعماري.
وقال: «بعد عودتي إلى دياري في 2011 فكرت أن أفعل شيئا مختلفا في السليمانية وقررت أن أفتح مقهى مختلفا عن المقاهي الموجودة في مراكز التسوق أو المناطق التجارية. أردت أن أفعل شيئا مختلفا.. اخترت هذا المنزل وهو من أقدم المنازل في السليمانية وحولته إلى مقهى».
وملأ مقهاه بصور شخصيات كردية كبيرة كان لها دور مهم في تاريخ المنطقة.
وقال: «قررت ألا أضع صورا للحرب لأن الناس عاشوا الحروب وجربوها. لكني أحب عرض تاريخ هذه المنطقة منذ البداية حتى الآن والشخصيات التي كان لها دور في تحديد تاريخ هذه المنطقة وخدموا هذه المنطقة».
وزين بينجويني جدران المقهى الداخلية بصور فوتوغرافية بالأبيض والأسود ولوحات مرسومة لفنانين أكراد.
وقال: «أقمنا معارض فنية لإلقاء الضوء على فنوننا. يأتينا زوار أجانب وأردنا أن نريهم تاريخ المنطقة من خلال العمل الفني ليعرفوا أنها ليست منطقة صراع فحسب بل لها أيضا تراث وثقافة. أردنا أيضا أن يعرف الأجانب أن هذا البلد لم يصل إلى المرحلة الحالية بسهولة».
وعانى الأكراد في العراق من القهر والاضطهاد في عهد صدام حسين لكنهم حصلوا على حكم ذاتي تحت حماية غربية في شمال العراق منذ انتهاء حرب الخليج عام 1991.



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».