قالت منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، بحسب تقرير صدر يوم أمس: «إن هناك ثلاثين ألف مصاب كل شهر بسبب الحرب في سوريا، وإن الحرب خلّفت مليوناً ونصف المليون مصاب بإعاقة دائمة من أصل ثلاثة ملايين شخص أصيبوا منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ست سنوات». وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بتوسيع نطاق الدعم الذي يقدم لتأهيل المصابين وإعادة إدماجهم في المجتمع.
وأوضح التقرير، أن 1.5 مليون شخص يعيشون مع إعاقات مستديمة، منهم 86 ألف شخص أفضت إصابتهم إلى بتر أطرافهم، مشيرة إلى أن الصراع الدائر هناك يحتدم باستخدام أسلحة متفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، واستمرار المخاطر المرتبطة بارتفاع مستوى التلوث بالمتفجرات ارتفاعاً كبيراً في جميع أنحاء البلاد، وتزايد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى خدمات التأهيل، التي تقل يوماً بعد يوم.
وخلال أكثر من ست سنوات من الحرب المستعرة كان الاهتمام بمصابي الحرب قياساً إلى الملفات الإنسانية الأخرى الأكثر إلحاحاً فيما يخص تهديد حياة المدنيين. ويعاني مئات الآلاف من مصابي الحرب، سواء من المقاتلين في قوات النظام أو الفصائل المسلحة المعارضة والمدنيين من الجانبين، من تردي الخدمات الصحية والاجتماعية، بحيث أصبح أصحاب الإعاقات عالة على أسرهم، ولا سيما أن الغالبية منهم فقراء أو نازحون. فالنظام العاجز عن تحمل تكاليف مواصلة العمليات العسكرية، يعجز عن تقديم دعم مالي وصحي مباشر للجرحى والمصابين، ويسعى لتعويض ذلك عبر زيادة فرص أسر القتلى والجرحى من القوات النظامية بالحصول على وظائف وفرص تعليم جامعي، وامتيازات أخرى كإقامة حفلات تكريم يتم خلالها منحهم هدايا «رمزية» ومبالغ مالية بخسة، في حين لا تُمنح الامتيازات ذاتها لأهالي الجرحى والقتلى من الميليشيات الرديفة كـ«جيش الدفاع الوطني» والذين تعاني أسرهم من الفقر، رغم زيادة حكومة النظام ميزانية الدعم الاجتماعي بمختلف أشكاله للعام الحالي نحو أربعمائة مليار ليرة سورية، ليبلغ إجمالي الدعم 750 ملياراً، أي بزيادة 15 في المائة للميزانية العامة للدولة البالغة نحو ستة مليارات دولار.
نسرين (30 عاماً) من حمص اضطرت إلى العمل مستخدمة في مدرسة خاصة بدمشق، تقول: إن زوجها تعرض لإعاقة دائمة بسبب شظية أصابت ظهره، وتأخر في علاجها لأسباب تتعلق بسوء الرعاية الصحية في المشفى الذي أسعف إليه؛ ما افقده القدرة على الحركة. ولدى نسرين أربعة أطفال تقول إنها لتعيل أسرتها اضطرت للعمل مستخدمة؛ كونها لا تملك أي مؤهل علمي يتيح لها فرصة عمل أفضل. وتلفت إلى أن هناك جمعيات أهلية حاولت مساعدتهم بمبالغ مالية، لكنها لم تكن كافية لتأمين مستلزمات العلاج الطويل، ولا سيما العلاج الفيزيائي، فكل جلسة تكلف ما لا يقل عن أربعة آلاف ليرة سورية.
على الجانب الآخر، راح يتراجع نشاط الجمعيات الخيرية التي تعنى بالمصابين والجرحى من المعارضين والمدنيين في مناطق سيطرة المعارضة، جراء شح التمويل، والتكاليف المرتفعة التي يستلزمها العلاج الطويل وتعويضات الأطراف الصناعية، حيث يتجاوز تكاليف تركيب طرف صناعي بدائي 1500 دولار، في حين يبلغ تركيب طرف صناعي ذكي، ستين ألف دولار، وهي أرقام مرتفعة جداً قياساً إلى عدد المحتاجين إليها. وبحسب مصادر في المعارضة، فإن هناك العشرات من المراكز الصحية التي تأسّست في الشمال السوري للتخفيف من معاناة المصابين وتقديم المعالجة الفيزيائية، لكنها توقفت عن العمل أو تراجعت خدماتها بسبب توقف التمويل. إضافة إلى تردي القطاع الطبي عموماً في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة من حيث النقص الحاد في الكوادر المتخصصة والمستلزمات المتطورة مما يحرم بعض المصابين من الشفاء، بل إن كثيراً من الإصابات البسيطة تتفاقم وتتحول إلى إعاقة دائمة، كبتر الأطراف، أو حصول التشوهات خطرة وشلل وتعطل وظائف حيوية وإصابات دماغية.
وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، فإن أقل من نصف المستشفيات والمرافق الصحية العامة في سوريا لا تزال تفتح أبوابها أمام المرضى، بَيْدَ أن أكثرها يفتقر إلى التجهيزات المناسبة لتقديم الرعاية إلى المرضى الذين يعانون من الإصابات، كما يوجد مركزان للتأهيل البدني (في دمشق وحمص) يوفران الأطراف الاصطناعية. ولفتت المنظمة إلى أن «القيود البالغة الشدة على إتاحة الرعاية الطبية»، تسببت في تحول الإصابات التي يعانى منها كثير من الناس إلى اعتلالات دائمة.
منظمة الصحة العالمية: مليون ونصف المليون معاق في سوريا
طالبت بزيادة الدعم لمصابي الحرب مع ارتفاع عددهم شهرياً
منظمة الصحة العالمية: مليون ونصف المليون معاق في سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة