مهرجان فني عالمي للأطفال في روسيا

مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة ممن يظهرون مهارات مميزة

الرقص الفني العصري للأطفال
الرقص الفني العصري للأطفال
TT

مهرجان فني عالمي للأطفال في روسيا

الرقص الفني العصري للأطفال
الرقص الفني العصري للأطفال

نشعر عادة بالذهول والدهشة لرؤيتنا طفلا يتمتع بمواهب مميزة، ومع عدم التقليل من قيمة هذا الأمر، إلا أن إثبات أطفال من «ذوي الاحتياجات الخاصة» قدرات غير عادية في الأدب والفن والرياضة وغيرها من نشاطات، حالة تستدعي أكثر من الذهول، وتفرض الاحترام، حتى إنها تعزز الثقة لدى أي إنسان طبيعيا كان أم مصابا بعجز صحي ما، وتؤكد أن قدراتنا غير محدودة إن توفرت الإرادة والعزم. هذه أبسط الانطباعات التي يخلفها لدى المرء متابعته لفعاليات «المهرجان الفني العالمي للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة»، وهو مهرجان يُنظم في روسيا سنوياً منذ عام 2008. ويشارك في المهرجان أطفال شاء القدر أن يصابوا بحالات عجز مختلفة، إلا أن هذا لم يجردهم من مهارات مميزة، تمكنوا بعزمهم وإرادتهم وإيمانهم بحقهم في حياة طبيعية، من صقلها وبلوغ مستويات راقية في أدائها.
وكما في كل عام انطلق مؤخراً في روسيا المهرجان الفني العالمي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، واستضافت أكثر من مدينة روسية فعالياته، وشارك فيه عشرات الأطفال، بعضهم في الغناء والبعض الآخر في الشعر، فضلا عن مشاركات مميزة في العزف على مختلف الأدوات الموسيقية، وحتى في الرقص الكلاسيكي والرقص الفني العصري، الفردي والجماعي. وفي الدورة الحالية للمهرجان تميز الطفل أنطون بيلكين في فقرة «قراءة الشعر» وبمرافقة أوركسترا كلاسيكي وقف يتراقص بصوته، وهو يقرأ قصائد للشاعر السوفياتي الشهير روبرت روجديستفينسكي. يقول أنطون البالغ من العمر 12 عاماً في حديثه عن مشاركته لوكالة «تاس»: «بصدق أنا أقرأ الشعر لجدتي. وبالطبع أحترم جميع المشاهدين». وكان واضحاً على أنطون وهو يقدم فقرته المميزة كيف كان يبحث بنظراته عن جدته بين الحضور، فهي ترافقه دوما وتقوم برعايته، وهو بهذا الشكل يعبر لها عن حبه. ويروي أنطون كيف اضطر وهو في الصف الثالث ابتدائي للتوقف عن الدراسة بسبب مشكلة في العينين، حينها قررت جدته أن يواصل تعليمه عبر برنامج حكومي خاص يعتمد وسائل التواصل عبر الإنترنت، وهكذا تابع دراسته، واقترحت عليه معلمة اللغة الروسية أن يقرأ الشعر، ولمست عنده موهبة مميزة، ما دفعها لدعوته للمشاركة في المهرجان، فوافق. وحصل أنطون على المركز الأول في أكثر من مسابقة قراءة شعر خلال دورات المهرجان الفني العالمي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بفضل موهبته الفريدة وحفظه لقصائد عدد كبير من الشعراء، فضلا عن قراءته بأسلوب فني معبر لتلك القصائد.
طفل آخر شارك في المهرجان اسمه أوليغ برييخنيكو، شارك في المهرجان هذا العام أيضاً، في مسابقة الموسيقى الكلاسيكية. ورغم فقدانه حاسة البصر، إلا أنه يجيد العزف على الكثير من الأدوات الموسيقية. وفي مسابقة المهرجان هذا العام أبدع في أداء حفل البيانو الخاص بمرافقة الأوركسترا للموسيقار العالمي يوهان سيباستيان باخ. ويدرس أوليغ حاليا في مدرسة الموسيقى، قسم البيانو، ويقول بثقة «أعتبر نفسي موسيقيا عازف بيانو محترفا». ويعود الفضل في الكشف عن قدرات أوليغ لوالدته، التي لمست عنده منذ الصغر حب الموسيقى، وأخذت تعرفه تدريجيا على الآلات الموسيقية، وتوضح مبادئ العزف على كل منها. يقول أوليغ: «بدأت ممارسة العزف الموسيقي وأنا في السابعة من عمري. في البداية كان الأمر ممتعا، وبعد فترة أصبح معقدا لكن لم يفقد جماله بالنسبة لي»، ويرى أن «أهم شيء في الموسيقي أن يتمكن من إيصال ما في روحه للمستمعين»، ويضيف: «يرى كثيرون في الإبداع الموسيقي إثراءً للروح، أما بالنسبة لي الموسيقى هي كل شيء في آن واحد، وقبل كل شيء هي وسيلة لإيصال المشاعر والأحاسيس للناس».
وإلى جانب أنطون وأوليغ كانت هناك الكثير من المشاركات المثيرة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين أظهروا أيضاً مستويات مميزة من الإبداع في الرقص والموسيقى والأدب، حيث شكل المهرجان الفني العالمي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مساحة سمحت لهم بالكشف عن تلك المهارات وتطويرها، كما فتح المهرجان الأبواب أمام هؤلاء الأطفال للمشاركة في عروض فنية في مسارح شهيرة وكبرى في البلاد. يقول منظمو المهرجان، هؤلاء الأطفال ليسوا من ذوي القدرات المحدودة بسبب الإعاقة، إنهم من أصحاب القدرات غير المحدودة.



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».