انتهاكات حوثية ضد صحافيين موالين لصالح

TT

انتهاكات حوثية ضد صحافيين موالين لصالح

كثفت ميليشيات الحوثي عمليات القمع والبطش بأنصار الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والموالين لحزبه (المؤتمر الشعبي) في العاصمة صنعاء وحجة والمحويت، عبر التصفيات الجسدية واقتحام المنازل وتفجيرها ونهبها، والاعتداء بالضرب والتهديد بالخطف لكل من يعارض نهج الجماعة الطائفية الموالية لإيران، على الرغم من الاستنكار الدولي.
وأعلنت وزارة داخلية الميليشيات غير المعترف بها دوليا تخصيص أرقام هواتف ساخنة لأعوانها للإبلاغ عن المعارضين من حزب الرئيس السابق الذين شاركوا في انتفاضة صنعاء الأخيرة، ممن وصفتهم بـ«بقايا ميليشيات الخيانة».
وترددت أنباء أمس عن مقتل أربعة صحافيين من طاقم قناة «اليمن اليوم» كانوا قد أصيبوا الأسبوع الماضي أثناء اقتحام الميليشيات لمبنى القناة، والسيطرة عليها وقيامهم باعتقال 41 موظفا ما زالوا رهن الاحتجاز في مكان مجهول.
ونقلت وكالة الصحافة الألمانية عن معمر الإرياني، وزير الإعلام اليمني قوله في تغريدات على حسابه بموقع «تويتر» إن «الصحافيين الأربعة قتلوا أثناء عملية اقتحام الميليشيات الحوثية لمقر قناة اليمن اليوم (الموالية لصالح)، بعد إصابتهم وبقائهم قيد الاحتجاز، ولم يتم إسعافهم وتركوا ينزفون دون الحصول على مساعدة طبية إلى أن ماتوا». من جهتها، قالت
أفادت مصادر أخرى، بأن موظفي القناة التي كانت تابعة للرئيس السابق يتعرضون في مكان اعتقالهم للترهيب اليومي مع قيام الجماعة بتلقينهم دروسا تثقيفية بالإكراه حول منهج الجماعة، في محاولة لإقناعهم بموالاتها. كما اقتحمت ميليشيات الحوثي منزل المذيعة في قناة «اليمن اليوم» داليا دائل. وقال مصدر قريب من المذيعة إن مسلحي الميليشيات اعتدوا عليها بالضرب مع زوجها بتهمة أنها تحرض على خروج مظاهرات مناهضة للجماعة.
في غضون ذلك، كشف أعضاء في حزب المؤتمر في محافظة حجة (شمال غربي البلاد) أن ميليشيات الحوثيين قامت بإعدام وتصفية أكثر من 20 شخصاً من مشايخ وقيادات في «حزب المؤتمر»، بينهم أطفال، فضلاً عن اعتقال أكثر من 200 مدني، مصير غالبيتهم ما زال مجهولاً، إلى جانب قيام الميليشيات بتفجير أكثر من 11 منزلاً، وتدمير نحو 100 ملكية خاصة - تشمل منازل ومحلات تجارية - تدميراً كلياً أو جزئياً.
وفي محافظة المحويت المجاورة، كشف مركز المحويت الإعلامي أن ميليشيات الجماعة قتلت 6 أشخاص، وجرحت 11 آخرين، في أعقاب انتفاضة صنعاء، إضافة إلى اعتقال 110 أشخاص من قيادات وأعضاء حزب «المؤتمر الشعبي» وأنصار الرئيس السابق، مع استمرار الجماعة في حشد المسلحين إلى المحافظة، وترويع المدنيين عبر حملات التفتيش والمداهمات.
إلى ذلك، أفادت مصادر حقوقية في محافظة تعز بأن الميليشيات الحوثية أجبرت مئات الأسر من منطقة الهاملي بمديرية موزع على ترك منازلهم، وقالت إن نحو 1500 أسرة تم تهجيرها قسرياً من قبل الحوثيين في قري «المحيظ والرابصية والكيمة والمرة والمشفر والدربعة»، إضافة إلى منع المهجرين من أخذ أمتعتهم ومواشيهم إلى المناطق التي نزحوا إليها.
وفي هذا السياق، قال التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان إن العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى في اليمن شهدت خلال الأسبوع المنصرم سلسلة من الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات في حق المدنيين، تضمنت أعمال قتل واعتقالات بالجملة لعدد من النشطاء المدنيين والسياسيين ومداهمات وتفجير منازل وحجب الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
كما اتهمت منظمة «رايتس رادار»، الحقوقية الناشطة من أوروبا، المسلحين الحوثيين بالإفراط في الانتقام من خصومهم، بما في ذلك إعدامهم الرئيس اليمني السابق ورفيقه عارف الزوكا - حسب قولها - بطريقة مخالفة لقوانين الحرب، بعدما تمكنوا من اختراق حراساته الأمنية كافة، وأصبح أسيراً في قبضتهم عند اقتحامهم لمنزله.
وقالت المنظمة إن قتل صالح والزوكا بهذه الطريقة يعد إعداماً وقتلاً خارج القانون، لمخالفته اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 التي تحظر قتل أسرى الحرب، وتمنحهم الحماية من القتل والتعذيب. وأوضحت في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أن عملية الإعدام تواكبت مع إعدام الحوثيين للعشرات من أتباع صالح ومناصريه، واعتقال العشرات من قيادات حزبه ومناصريه والقوات الخاصة الموالية له، في مداهمات عشوائية لمنازلهم بصنعاء منذ الإعلان عن مقتل صالح.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.