قمة باريس لتعزيز موارد محاربة الاحتباس الحراري

البنك الدولي سيتوقف عن تمويل التنقيب عن النفط والغاز ابتداء من 2019

قمة باريس لتعزيز موارد محاربة الاحتباس الحراري
TT

قمة باريس لتعزيز موارد محاربة الاحتباس الحراري

قمة باريس لتعزيز موارد محاربة الاحتباس الحراري

قمة باريس للمناخ، التي دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واستضافها أمس في أعقاب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس عام 2015، تدور بالدرجة الأولى حول إلزام الشركات والمستثمرين بالمشاركة في حماية المناخ. وأمس توجه أكثر من 50 زعيم دولة بالقوارب إلى مقر انعقاد القمة، في أعقاب حضور مأدبة غداء في قصر الإليزيه دعا إليها الرئيس الفرنسي. وتوجه هؤلاء الزعماء على متن قوارب في قلب العاصمة الفرنسية للوصول إلى مقر انعقاد المؤتمر في جزيرة بنهر السين.
وقال الرئيس الفرنسي إن قرار ترمب الانسحاب من الاتفاقية «نداء صحوة عميق للقطاع الخاص» ليتحرك. وقال ماكرون لمحطة (سي بي إس) التلفزيونية الأميركية: «إذا قررنا عدم التحرك وعدم تغيير طريقة إنتاجنا واستثمارنا وتصرفنا فسنكون مسؤولين عن ملايين الضحايا».
واجتمع قادة العالم ومعهم رؤساء الشركات والناشطون في مسعى لتمويل تحول الاقتصاد العالمي نحو الطاقة النظيفة لتجنب أسوأ سيناريو للاحتباس الحراري. وحذر خبراء انعقاد «قمة العالم الواحد» من أن هدف الاتفاق المتمثل في إبقاء الاحتباس الحراري أقل من درجتين مئويتين سيظل حلما ما لم يتم استثمار تريليونات الدولارات في تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
وسحبت إدارة ترمب الذي وصف التغير المناخي بأنه «خدعة»، تمويلات بمليارات الدولارات لقضايا المناخ، بما في ذلك ملياران من ثلاثة مليارات دولار تعهدت واشنطن بالمساهمة بها لما يسمى بـ«صندوق المناخ الأخضر». ودعا ماكرون الثلاثاء باقي الشركاء إلى «تعبئة أقوى بكثير». وقال لصحيفة «لو موند»: «نحن بعيدون جدا عن هدف اتفاقية باريس بالحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى ما دون درجتين مئويتين».
ولطالما شكلت المسائل المالية نقطة خلافية في خطط الأمم المتحدة المتعلقة بالمناخ حيث تصر الدول النامية على الحصول على مساعدة مالية لتتمكن من سد كلفة التحول إلى مصادر طاقة أقل تسببا للتلوث ولمواجهة العواصف والجفاف والفيضانات الناجمة عن التغير المناخي.
وتعهدت الدول الغنية عام 2009 بجمع مائة مليار دولار كل عام بوصفها تمويلا مرتبطا بالمناخ مخصصا للدول النامية ابتداء من عام 2020.
ويحذر خبراء من أنه بالوتيرة الحالية لانبعاثات الغازات السامة، بات العالم في طريقه نحو ارتفاع من ثلاث درجات في المعدل، ما قد ينتج عنه عواصف مدمرة وارتفاع منسوب مياه البحار وفيضانات وجفاف.
وفي غياب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، المدافع الأبرز عن قضايا المناخ الذي لعب دورا أساسيا في إبرام اتفاقية باريس، سيتولى المهمة رجال الأعمال والقادة الحكوميون على مستوى الولايات والمناطق، حيث مثلهم في باريس حاكم نيويورك مايكل بلومبرغ ومحافظ كاليفورنيا السابق آرنولد شوارزينغر ومؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس.
وقال شوارزينغر في باريس: «لا يهم إن كان دونالد ترمب انسحب من اتفاقية باريس، لأن القطاعين الخاص والعام والجامعات لم يتخلوا عنها. لم يتخل أحد عنها». وقال وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري على هامش القمة لوكالة الصحافة الفرنسية، إن عدم مشاركة بلاده في القمة «مخيبة للآمال، لا بل أكثر من ذلك، إنها عملياً عار عندما تؤخذ في الاعتبار الوقائع والعلم والحس السليم، وكل العمل الذي أنجز».
وقال رئيس وزراء فيجي فرانك بانيماراما الذي ترأس محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ التي جرت في بون الشهر الماضي: «في حين التحدي ضخم، علينا القيام بكل ما في وسعنا لمواجهته. ندرك أن ذلك يعني الفرق بين الحياة والموت بالنسبة لملايين الناس المعرضين للخطر حول العالم». وأضاف: «هناك تريليونات الدولارات المخزنة في المؤسسات الاستثمارية الخاصة (...) علينا فك القفل عن هذا التمويل».
من جهته، أعلن البنك الدولي أنه سيتوقف عن تمويل مشروعات التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما ابتداء من 2019، وتتحمل البشرية بحرقها الكثيف للنفط والفحم والغاز الطبيعي مسؤولية الغازات السامة التي ترفع درجة حرارة الأرض، وتسببت بارتفاع معدلات درجات الحرارة حول العالم بنحو درجة مئوية حتى الآن.
وأفاد تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه بناء على اتجاهات عام 2015، سيبلغ إجمالي التمويل الحكومي نحو 67 مليار دولار بحلول هذا التاريخ. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أنه سيكون هناك حاجة لاستثمارات تقدر بنحو 3.5 تريليون دولار كل عام في قطاع الطاقة حتى عام 2050 لإبقاء الاحتباس الحراري تحت درجتين مئويتين، وهو ما يعادل ضعف الإنفاق الحالي. وحث الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي - مون الدول على الاتفاق على برنامج يصل إلى هدف مائة مليار دولار بحلول العام المقبل.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «رقم ضخم لكنني أعتقد أنه قابل للتحقق إذا توفرت الإرادة السياسية».
وتقول الدول النامية إن الدول المتقدمة لا تواكب التزاما أوسع نطاقا في اتفاقية باريس للاقتصادات المزدهرة بأن توفر مائة مليار دولار سنويا بحلول عام 2020 من موارد عامة وخاصة على حد سواء لمساعدة الدول النامية في التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر طاقة نظيفة والتكيف مع آثار التغير المناخي.
وقال محمد أدو رئيس وفد جمعية الإغاثة المسيحية في قمة التغير المناخي: «القطعة المفقودة من الأحجية هي التمويل لمساعدة الدول الأكثر فقرا في العالم على الحصول على طاقة نظيفة كي لا تمضي على درب الوقود الأحفوري مثل العالم المتقدم». وأضاف في تصريحات أوردتها «رويترز»: «من دون تمويل ملائم لن تستطيع الدول النامية التعامل مع التغير المناخي أو التخلص من انبعاثات الكربون بالسرعة الكافية لتحقيق أهداف باريس».
وقالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ باتريسيا إسبينوزا، إن التحرك السياسي «لن يكون كافيا إذا لم نحدِّث ونعيد إطلاق البنية المالية العالمية ونجعل جميع أشكال التنمية منخفضة الانبعاثات ومرنة ومستدامة».

وبين القادة الذين حضروا قمة الثلاثاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم والرئيس المكسيكي أنريكي بينيا نييتو ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي. ولم يُدعَ ترمب إلى اجتماع الثلاثاء حيث مثل الولايات المتحدة (أكبر ملوث عالمي) مسؤول من السفارة في باريس.
وتغيب عن القمة كذلك زعماء أبرز الدول المتسببة بالتلوث وهي الصين والهند والبرازيل وروسيا وكندا، إضافة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر.
وفي هذه الأثناء، تجمع نحو مائتي متظاهر في شوارع باريس مطالبين فرنسا بالتوقف عن دفع «أي يورو إضافي على طاقة الوقود الأحفوري».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».