بوتين يعلن من سوريا خفض قواته وإطلاق العملية السياسية

وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، في زيارة مفاجئة، غير معلنة سابقاً، إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا، استهل فيها جولة خارجية تشمل القاهرة ومن ثم أنقرة، حيث بحث أيضاً عملية التسوية السورية. وهذه أول مرة تطأ فيها قدم بوتين الأراضي السورية منذ توليه الرئاسة عام 2000، وكان في استقباله وزير الدفاع سيرغي شويغو، وقائد القوات الروسية في سوريا سيرغي سوروفيكين، ورأس النظام السوري بشار الأسد. وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، في تصريحات أمس إن الزيارة جاءت في هذا التوقيت بمناسبة الإعلان عن بدء سحب القوات من سوريا. ومن الأراضي السورية هذه المرة عاد بوتين وأكد مجدداً، من حميميم، على موقفه بأن العمليات ضد الإرهاب في سوريا انتهت، وأصبحت الظروف مناسبة لإطلاق عملية التسوية التامة للأزمة السورية.
وقال في كلمة أمام العسكريين الروس في حميميم إن مهمة التصدي للعصابات المسلحة تم إنجازها بنجاح، وأن القوات الروسية بالتعاون مع قوات النظام تمكنت خلال عامين ونيف من القضاء على مجموعات الإرهاب الدولي التي تمتع بقدرات قتالية عالية، وأضاف: «بناء عليه اتخذت قراراً بعودة الجزء الأكبر من القوات الروسية في سوريا إلى الوطن»، وأكد في الوقت ذاته الحفاظ في سوريا على القاعدتين الروسيتين، الجوية في مطار حميميم والبحرية في طرطوس، وأشار إلى أنهما ستواصلان عملهما بصورة دائمة «بموجب اتفاقيات دولية». وأشار إلى أن العملية الروسية ساهمت في الحفاظ على سوريا دولة مستقلة ذات سيادة، و«تمت تهيئة الظروف للتسوية السياسية برعاية الأمم المتحدة». وأصدر أمراً لوزير الدفاع الروسي وقائد القوات في سوريا ببدء عملية سحب القوات من سوريا.
واستمع بوتين، يرافقه الأسد، إلى عرض عن العمليات قدمه قائد القوات الروسية في سوريا سيرغي سوروفكين، وأعلن خلاله أنه «تم توجيه تعليمات، وبدأت عملية الانسحاب (من سوريا) 25 طائرة، بينها 23 طائرة مقاتلة متنوعة المهام، ومروحيتان من طراز (كا - 52)، وكذلك قوات الشرطة العسكرية الروسية، والقوات الخاصة، والمشافي العسكرية الروسية، ومجموعات نزع الألغام». وأكد أن الجزء الذي سيبقى في سوريا من القوات الروسية قادر على تنفيذ المهام لاحقاً بالفاعلية ذاتها.
وأجرى بوتين في قاعدة حميميم محادثات مع بشار الأسد، ثمّنا خلالها ما تم إنجازه في سوريا على صعيد الحرب ضد الإرهاب، وهو ما وصفه بوتين بأنه «أمر في غاية الأهمية لسوريا وروسيا وللعالم بأسره»، وركز في حديثه مع الأسد على عملية التسوية السورية، وعبَّر في هذا السياق عن أمله في أن «ليس مجرد إعادة الحياة الآمنة، بل وبالتعاون مع تركيا وإيران، إطلاق العملية السياسية لتسوية الوضع في سوريا بشكل عام. وأن نتمكن من التحضير لمؤتمر شعوب سوريا، وأن نطلق عملية التسوية السلمية هذه»، لافتاً انتباه الأسد: «تناولنا هذا الموضوع خلال محادثاتنا مؤخراً في سوتشي»، غير أن الأسد لم يبد اهتماما بحجم اهتمام بوتين بعملية التسوية السياسية، وتمسك بأولوية الحرب على الإرهاب، حين قال مخاطباً الرئيس الروسي: «أعتقد أن المخطط من زيارتكم يحمل بصورة خاصة طابع اللقاء المتصل بالقضاء على الإرهاب، ومواصلة التصدي للإرهاب الدولي، وفي الوقت ذاته (الزيارة) متصلة ببدء عملية التسوية السلمية على الأراضي السورية». واكتفى بعد ذلك بعبارات حول «الانتصارات على الإرهاب» دون إعلان أي موقف واضح بشأن مؤتمر الحوار السوري والمحادثات التي أبلغه بوتين أنه سيجريها في مصر وتركيا حول التسوية السورية.
ومن حميميم اتجه بوتين إلى القاهرة، حيث أجرى محادثات أمس مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، تناولا خلالها العلاقات الثنائية والمشاريع المشتركة، والوضع في الشرق الأوسط، مع تركيز الاهتمام على التسوية في سوريا وليبيا.