مزوار لـ{الشرق الأوسط}: زيارة الملك لتونس متفق عليها مسبقا.. ولا نتعامل برد الفعل

وزير الخارجية المغربي أكد أن الرباط انخرطت في المبادرة التونسية بشأن ليبيا

صلاح الدين مزوار
صلاح الدين مزوار
TT

مزوار لـ{الشرق الأوسط}: زيارة الملك لتونس متفق عليها مسبقا.. ولا نتعامل برد الفعل

صلاح الدين مزوار
صلاح الدين مزوار

عدّ صلاح الدين مزوار، وزير خارجية المغرب، القول إن زيارة الملك محمد السادس لتونس هي رد فعل على تقارب جزائري - تونسي بأنه «يدخل في خانة الخرافات التي لا يصدقها أحد، ذلك أن الملك محمد السادس لا يتعامل من منطلق رد الفعل، بل يتعامل من منطلق التعامل مع دول صديقة، لنا معها علاقات قوية»، وقال إن زيارة الملك محمد السادس «جاءت بدعوة من رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي، وكانت مبرمجة، لذا لا يمكننا القول إنها تدخل في منطق رد الفعل، وكأن المغرب لا يعيش إلا لرد الفعل لما تقوم به هذه الجارة أو تلك، هذا ليس منطق المغرب، وليس المنطق الذي يتعامل به جلالة الملك».
وذكر مزوار، في حديث صحافي أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، في ختام الزيارة الرسمية التي قام بها ملك المغرب قبل أيام لتونس، أن إبرام 22 اتفاقية تعاون في مختلف المجالات، تعد إشارة قوية لثقة الرباط في قدرة تونس ومؤسساتها على الاستمرار والتطور.
على صعيد آخر، قال مزوار إن الرباط انخرطت في المبادرة التونسية بشأن المصالحة في ليبيا «باتفاق مع إخواننا التونسيين، ودعمناها وقلنا إننا مستعدون للمساهمة إلى جانب إخواننا التونسيين في بلورتها وتطويرها»، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا مشتركا، وأن المبادرة طرحت، وجرى الاتفاق على أن تكون تونس، بحكم قربها من ليبيا، الوعاء الذي سيسمح لهذه المقاربة بأن تتطور.
ورأى وزير خارجية المغرب أنه ما زالت هناك صعوبات «مرتبطة بالوضع الحالي في ليبيا، تتمثل في وجود حكومتين، وانعدام الاستقرار، وهو ما أدى إلى تأجيل لقاء وزراء خارجية الدول المغاربية في تونس (كان مقررا الأحد الماضي)، لكن الفكرة ما زالت قائمة».
وأشار مزوار إلى أن مسؤولية الدول المغاربية في مواكبة التحول الذي تعيشه ليبيا بتعقيداته وصعوباته يفرض عليها أن تعمل في اتجاه مشترك من أجل مواكبة تلك التحولات ودعمها.
وشدد مزوار على القول إن المغرب لا يتعامل في إطار ثقافة منافسة الآخر بل يعمل من منطلق التكامل والتعاون مع الآخر «خدمة لإخواننا في ليبيا وخدمة لاستقرار المنطقة برمتها». وفيما يلي نص الحوار.
* ما دلالة زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس لتونس، خاصة في هذه الظرفية التي يعيشها البلد، فهنالك عمليات إرهابية بتواز مع استمرار عملية الانتقال السياسي؟
- هذه الزيارة هي تأكيد على اهتمام جلالة الملك بالتحول الإيجابي الذي تعيشه تونس، وتهدف أيضا إلى تقديم الدعم المعنوي لها في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها، خاصة أنها في طور الخروج من المرحلة الانتقالية والدخول في المراحل الطبيعية. إن تونس اليوم تعيش تحولا إيجابيا، وتمضي قدما في بناء مؤسساتها القائمة على التوافق الذي وصلت إليه القوى الحية في البلاد. وأعتقد أن هذه الزيارة تأتي في سياق دعم هذا المسار، وتأتي أيضا لتؤكد على الاهتمام المستمر لجلالة الملك، والاهتمام المستمر للمغرب بهذا التحول الديمقراطي الإيجابي. إن هذه الزيارة تحمل في طياتها أيضا إشارات قوية تؤكد الدعم المغربي، وتتمثل في حضور ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في أول زيارة رسمية له خارج المغرب، وكذلك حضور الأمير مولاي رشيد، إلى جانب الوفد الرفيع المستوى الذي رافق جلالة الملك، سواء الوفد الوزاري أو وفد رجال الأعمال. فهذه كلها إشارات تؤكد على هذا البعد الداعم، وهذا الاهتمام.
* هنالك من يقول إن زيارة الملك محمد السادس لتونس هي رد فعل على تقارب جزائري - تونسي لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، بماذا تردون على ذلك؟
- أعتقد أن القول بذلك يدخل في خانة الخرافات التي لا يصدقها أحد، ذلك أن جلالة الملك محمد السادس لا يتعامل من منطلق رد الفعل، بل يتعامل من منطلق التعامل مع دول صديقة، لنا معها علاقات قوية. دول يجب أن تلمس بأن الحضور والتفاعل والتعامل هو دائما حاضر ومستمر.
إن زيارة الملك محمد السادس جاءت بدعوة من رئيس الجمهورية التونسية، وكانت مبرمجة، لذا لا يمكننا القول إنها تدخل في منطق رد الفعل، وكأن المغرب لا يعيش إلا لرد الفعل إزاء ما تقوم به هذه الجارة أو تلك، هذا ليس منطق المغرب، وليس المنطق الذي يتعامل به جلالة الملك.
* من خلال الاتفاقيات الكثيرة والمهمة التي أبرمت تحت إشراف ملك المغرب والرئيس التونسي نلاحظ أن الرباط تريد إقامة شراكة غير مسبوقة مع تونس، لكن كما تعلمون البلد الآن يعيش مرحلة العبور من نهاية الانتقال إلى المرحلة الطبيعية. لكن ألا ترون أن المشهد السياسي في تونس لم يتبلور بعد حتى تكون الشراكة المرجوة قائمة على أسس صلبة خاصة أن البلد مقبل على الانتخابات، ألا ترون أن في ذلك مجازفة، وربما تأتي رياح الانتخابات التونسية بما لا تشتهيه سفن المغرب؟
- هذه إشارة إلى الثقة المغربية في المؤسسات التونسية، وفي قدرة الفاعلين السياسيين التونسيين على السير بالبلاد في الاتجاه الإيجابي. فتونس حسمت شيئا أساسيا هو خيارها القائم على ترسيخ الديمقراطية, وترجمة ذلك على مستوى الدستور، في إطار التوافق.
وفي إطار التوافق ذاته، جرى الاتفاق على آخر مرحلة انتقالية للدخول في المرحلة الطبيعية والعادية. فهذه مؤشرات بلد ودولة ناضجة، قادرة على أن تبني مستقبلها في إطار واضح ومستمر. ومن ثم فإن إبرام 22 اتفاقية تعاون في مختلف المجالات إشارة قوية لثقتنا في قدرة تونس ومؤسساتها على أن تستمر وتتطور في الاتجاه الذي اختاره الشعب التونسي، واختارته قواه الحية.
إن الاتفاقيات التي أبرمناها هي اتفاقيات تسير في اتجاه النموذج الذي نرغب ونطمح في بنائه، وإقامة شراكة جديدة متجددة تنظر إلى المستقبل، وتشكل ذلك النموذج الذي عبر عنه جلالة الملك في خطابه في المجلس التأسيسي (البرلمان)، والمرتبط برؤيته للاتحاد المغاربي الجديد.
* الملاحظ أن الملك محمد السادس وجه في خطابه الذي ألقاه في المجلس التأسيسي رسائل كثيرة إلى من يهمه الأمر بالنسبة لمستقبل اتحاد المغرب العربي، لماذا توجيه هذه الرسائل من تونس بالضبط؟
- أعتقد أن ثمة رمزية في إلقاء جلالة الملك محمد السادس لخطاب في المجلس التأسيسي يترجم نظرته ورؤيته للخروج من حالة العقم التي يعيش فيها الاتحاد المغاربي، وكيف يجب البناء بالنظر إلى الدينامية التي تعرفها المنطقة، وأهمية بناء الشراكات الذكية التي تسير في اتجاه منطق رابح - رابح، وتجاوز حالتي العقم والجمود، لأن العالم يتغير ويتطور، وبالتالي فإن مسألة الاندماج الإقليمي أصبحت من الأشياء الثابتة في النظام الاقتصادي العالمي الجديد وفي تنافسيته، هذا إلى جانب تحقيق مصلحة الشعوب، وأهمية الأمن والاستقرار، ومواجهة التحديات التي تحيط بنا.
هذه كلها أشياء تسير في اتجاه ضرورة الانخراط في ثقافة جديدة تتجاوز العقبات الفكرية والثقافية التي تعتقد بأن تعذر العمل في اتجاه مشترك سيقوي طرفا على حساب طرف آخر. نحن في منطقة تحتاج إلى بناء شراكات قوية، وبناء علاقات الثقة والتعاون لرفع التحديات، تحديات الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية. وهذه كلها تحديات تفرض علينا اليوم أن نرشد مسارنا بثقافة جديدة، ونبني اتحادنا المغاربي على أسس جديدة أيضا، وأن ننسلخ من ثقافة الماضي وعقده، وأن نكون كقادة وكمسؤولين في مستوى تحديات المرحلة وما تنتظره شعوبنا.
* في ظل تعذر تبلور مغرب عربي جديد، خاصة بعد الحراك العربي، إذ تعيش ليبيا حالة انفلات أمني، والجزائر تعيش انتظارية ما بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة. هل يمكننا الحديث عن رهان بشأن تقوية محور الرباط - تونس في ظل هذا السياق المغاربي المضطرب؟
- إن مقاربة جلالة الملك تقوم على أساس أن دينامية العلاقات الثنائية، بمفهومها الجديد وثقافتها الجديدة، يمكنها أن تسير في اتجاه دعم هذا التصور المرتبط ببناء الاتحاد المغاربي، وخلق نماذج في العلاقات الثنائية تساهم في بلورة الرؤية وتكاملها فيما يخص هذا البناء. بالطبع هناك تحدي أمن واستقرار ليبيا وبناء مؤسساتها، وهو مسؤولية مشتركة عبرنا عنها في الكثير من المناسبات، ذلك أن مسؤولية الدول المغاربية في مواكبة التحول الذي تعيشه ليبيا بتعقيداته وصعوباته، يفرض علينا أن نعمل في اتجاه مشترك من أجل مواكبة تلك التحولات ودعمها. نحن لا نتعامل في إطار ثقافة منافسة الآخر، بل نعمل من منطلق التكامل والتعاون مع الآخر، خدمة لإخواننا في ليبيا، وخدمة لاستقرار المنطقة برمتها، ولهذا أعتقد أن هذه الثقافة تبقى أساسية كفلسفة عمل وكتوجه لدى جلالة الملك والمغرب في تدبير قضايا من هذا المستوى، ومن هذا الحجم، خصوصا إذا كانت مرتبطة بالأمن والاستقرار، ومواجهة الإرهاب والعنف، ومرتبطة بتجارة البشر والأسلحة، وكذلك مرتبطة بضرورة مواكبة ودعم الحوارات الوطنية والاستقرار وبناء المؤسسات. فهذه هي ثقافة المغرب، وهذه هي المنظومة الثقافية التي يعمل في سياقها جلالة الملك.
* لقد أطلقت تونس أخيرا مبادرة للمصالحة الداخلية في ليبيا، هل من دور مغربي أو تنسيق مغربي - تونسي في هذا المجال؟
- هناك تنسيق مشترك، فهذه المبادرة طرحت، وجرى الاتفاق على أن تكون تونس، بحكم قربها من ليبيا، الوعاء الذي سيسمح لهذه المقاربة بأن تتطور. وأعتقد أنه ما زالت هناك صعوبات مرتبطة بالوضع الحالي في ليبيا، تتمثل في وجود حكومتين، وانعدام الاستقرار، وهو ما أدى إلى تأجيل لقاء وزراء خارجية الدول المغاربية في تونس. لكن الفكرة ما زالت قائمة. فباتفاق مع إخواننا في تونس انخرطنا في هذه المبادرة ودعمناها، وقلنا إننا مستعدون للمساهمة إلى جانبهم في بلورتها وتطويرها.
* الملاحظ أن معظم الدول العربية ودول العالم سحبت سفراءها من ليبيا، المغرب أبقى على سفيره هناك، ألا تخشون مما يخشاه الآخرون؟
- نحن ننطلق من مبدأ أساسي هو أن وجود بعثتنا الدبلوماسية في أحلك الظروف واستمرارها إشارة لالتزام المغرب تجاه الدول المعنية. وهذا يعني أيضا توجها ينطلق من قناعتنا بأنه من مسؤوليتنا الاستمرار في الحفاظ على البعثات مفتوحة لأن إغلاقها هو إشارة إلى انعدام الثقة في الدولة المعنية. فبقاء البعثات مفتوحة دليل على وجود ثقة في البلد إلى جانب كونها التزام وتضامن.
هناك مراحل عصيبة تمر بها بعض الدول، وحضور البعثات الدبلوماسية واستمرارها رغم المخاطر مؤشر على أن هناك حضورا للحفاظ على أن لا يستمر الانفلات، وهذه إشارات أساسية، وهذا خيار يقوم به المغرب. بالطبع نأخذ كل الاحتياطات الضرورية لحماية الدبلوماسيين المغاربة، والحفاظ على أمنهم خاصة وأنهم يواصلون تحمل مسؤولياتهم هناك عن قناعة.
* جرى أخيرا التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار بين المسلحين في شمال مالي وحكومة باماكو تحت إشراف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي. كيف نظرتم إلى المبادرة الموريتانية، خاصة أن المغرب بدوره أجرى اتصالات وحاول التقريب بين الأفرقاء في مالي؟
- نحن نعد أن أي مبادرة تؤدي إلى نتيجة إيجابية، مبادرة جيدة. ومقاربة المغرب هي أن يبقى الحوار مفتوحا، وأن يظل هناك دائما خط للتواصل. فالحوار هو مبدأ أساسي نعمل من أجله ونساهم فيه بقوة في مالي، فالمغرب لا يتعامل مع قضايا من هذا النوع من منطلق دعم طرف وترك الآخر لتعقيد الأمور. ومبادرة جلالة الملك ساهمت بقوة في حل المشاكل بشمال مالي.
إن ما يقوم به المغرب من مبادرات كثير منها غير مرئي، وهي مبادرات تساهم حقا في الحفاظ على هذا الانفتاح، وإمكانية استمرار الحوار ما بين الأطراف، فهذا هو الخيار الذي يسير فيه المغرب. نحن لا نعمل في اتجاه تعقيد الأمور، بل نبحث دائما عن الوسائل لتسهيلها، وذلك في إطار احترام الوحدة الترابية للدول، واحترام مؤسساتها، وهذا هو المنطق الذي نعمل بمقتضاه.
لذا فإن ما يقوم به المغرب كثير، وكلما كانت هناك مبادرة يدعمها خاصة إذا كانت تسير في اتجاه المساهمة في حل المشاكل. إن المغرب لا يلعب وراء الستار لخلق المشاكل، بل يساهم دائما في الاتجاه الإيجابي، وإيجاد الحلول في إطار الحوار، لأنه حوار بين إخوان ينتمون إلى نفس البلد في إطار الوحدة الوطنية، لكن يجب مواكبتهم ومساعدتهم على أن يبقى خط التواصل مستمر.
ومعلوم، في هذا السياق، أنني قمت أخيرا بزيارة لمالي لإبلاغ رسالة من جلالة الملك محمد السادس إلى الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، وحملت نفس المضمون أي أن لا تكون هناك قطيعة ما بين الأطراف تؤدي للرجوع إلى الوراء بالنسبة للدينامية الإيجابية التي تعيشها الشقيقة مالي، ويجب علينا دعمها بكل قوة لكي تستقر وتستمر لأن استقرار مالي هو مساهمة في استقرار المنطقة ككل.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.