لقاء متوتر بين ماكرون ونتنياهو بسبب قرار ترمب

الرئيس الفرنسي طالب ضيفه بـ«تقديم بادرة للفلسطينيين»

ماكرون ونتنياهو خلال مؤتمرهما الصحافي في باريس أمس (إ.ب.أ)
ماكرون ونتنياهو خلال مؤتمرهما الصحافي في باريس أمس (إ.ب.أ)
TT

لقاء متوتر بين ماكرون ونتنياهو بسبب قرار ترمب

ماكرون ونتنياهو خلال مؤتمرهما الصحافي في باريس أمس (إ.ب.أ)
ماكرون ونتنياهو خلال مؤتمرهما الصحافي في باريس أمس (إ.ب.أ)

رغم رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إضفاء طابع من الحرارة على لقائهما في قصر الإليزيه، أمس، فإن ما حصل بينهما، كما ظهر من خلال التصريحات الصحافية التي أعقبت الاجتماع، كان أشبه بـ«حوار طرشان»، نظراً إلى المواقف المتناقضة تماماً بينهما إزاء اعتراف واشنطن بالقدس عاصمةً لإسرائيل.
وكان واضحاً أن رغبة ماكرون في دفع نتنياهو إلى تبني مواقف معتدلة أو القيام ببادرة ما لتنفيس الاحتقان مع الفلسطينيين المتأتي عن القرار الأميركي، بقيت بلا نتيجة. وما حصل أن كل طرف أعاد تأكيد مواقفه المعروفة. فالرئيس الفرنسي كرر رفض بلاده للبادرة الأميركية، مستنداً إلى حجتين رئيسيتين، الأولى أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب يدوس على القانون الدولي، باعتبار أن القدس، كبقية الأراضي الفلسطينية التي احتُلت عام 1967، تحكمها القرارات الدولية، كما أن باريس كبقية بلدان العالم لا تعترف بضم إسرائيل للقدس الشرقية. أما حجة الرئيس الفرنسي الثانية فهي أن قرار ترمب يشكل خطراً على السلام في الشرق الأوسط.
وتعتبر باريس أن المنطقة ليست بحاجة إلى بؤر توتر تُضاف إلى ما تعرفه من حروب. وسبق لماكرون أن اتصل مباشرة بالرئيس الأميركي ليعرب له عن رفض فرنسا مبادرته الخطيرة، كما أنه وصف قراره بـ«المؤسف». كذلك فإن باريس كانت من بين الدول التي رعت الاجتماع الأخير لمجلس الأمن لمناقشة الخطوة الأميركية، وكانت وراء المبادرة الأوروبية لاستصدار بيان جماعي سيواجَه به رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يلتقي في بروكسل، اليوم، وزراء الخارجية الأوروبيين. وتكرر باريس أنها مع قيام دولتين تعيشان جنباً إلى جنب، وتقتسمان القدس عبر التفاوض.
وإزاء هذه المواقف الفرنسية، لم يكن أمام نتنياهو إلا تكرار ما سبق أن قاله منذ الأربعاء الماضي، وأن يستعيد الدعاية الأميركية، ومنها أن قرار ترمب «صائب» و«سيسهل عملية السلام». وقال نتنياهو الذي يواجه في إسرائيل مجموعة اتهامات بالفساد، إنه «عندما يستوعب الفلسطينيون حقيقة أن القدس عاصمة إسرائيل سيتحقق السلام».
وككل مرة، حمّل نتنياهو الطرف الفلسطيني مسؤولية جمود المفاوضات منذ ربيع 2014، بسبب رفض حكومة نتنياهو تجميد الاستيطان. وفي هذا السياق لا يُنتظر أن تلقى دعوة ماكرون لنتنياهو إلى «القيام بخطوات شجاعة وبناء الثقة مع الفلسطينيين من أجل الخروج من المأزق الحالي»، والبدء بـ«تجميد كامل للاستيطان»، أيَّ صدى إيجابي. وجاء رد نتنياهو باتهام الطرف الفلسطيني بـ«رفض السلام»، ودليله على ذلك أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «يرفض» التفاوض من غير شروط.
بيد أن ماكرون الذي كان «ضعيف الصوت» حتى الآن فيما يخص ملف النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، بعكس مبادراته بشأن لبنان وليبيا وأزمات أخرى في المنطقة، يبدو راغباً في المحافظة على علاقة جيدة مع نتنياهو وإسرائيل وعدم القطيعة مع ترمب، رغم الاختلاف الجذري بشأن الملف الفلسطيني. فقد أعلن أن إسرائيل «بلد صديق» وأنه يُدين «أشكال الاعتداءات الإرهابية كافة وكل ما يهدد أمن إسرائيل والإسرائيليين» من دون الإشارة إلى القتلى الفلسطينيين أو مئات الجرحى الذين سقطوا منهم في الأيام الماضية. وذهب ماكرون إلى المطالبة بـ«تجنب العنف مهما كان الثمن». ومن جهة أخرى، ترك الباب مفتوحاً مع الرئيس الأميركي بتعبيره عن «رغبة في وساطة أميركية»، مضيفاً أن «علينا انتظار ما هو مقترح، والأمر يرجع للجانبين لقبول ذلك».
كان الرئيس الفرنسي يشير إلى «خطة» أميركية لتسوية «تاريخية» تضع حداً للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي والتي لم يُعرف منها إلا النزر اليسير. ووفق مصادر دبلوماسية فرنسية، فإن الطرف الأميركي طلب من الأوروبيين «عدم القيام بأي بادرة» في الوقت الحاضر بانتظار تبلور الخطة التي أوكل البيت الأبيض بلورتها إلى مستشار الرئيس الخاص صهره جارد كوشنر. وفي أي حال، لا تبدو باريس مقتنعة بالخطة، إذا كان أول الغيث الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الأمر الذي يتجاوز المقاربة الكلاسيكية والمحددات المتفق عليها للحل.
بيد أن ماكرون ونتنياهو لم يحصرا نقاشهما في الملف الفلسطيني وحده، بل لم تتغير أولوية رئيس الوزراء الإسرائيلي المتمثلة في إيران. واستفاد من المناسبة ليؤكد أن طهران «تحاول إقامة قواعد برية وجوية وبحرية في سوريا لقتال إسرائيل وتدميرها، ولن نتساهل في ذلك». وهاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قائلاً إنه لن يتلقى «محاضرات من إردوغان الذي يقصف قرى الأكراد ويدعم إيران والإرهابيين في غزة».
أما الجانب الفرنسي الذي توترت علاقاته بطهران في الأشهر الأخيرة، فإنه يفضل اليوم تلافي صب الزيت على النار، خصوصاً أن باريس وجهت دعوة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني للمشاركة في قمة المناخ التي تستضيفها غداً. وسبق للسفير الإيراني في باريس أن أعلن عن احتمال عقد اجتماع بين ماكرون وروحاني في حال جاء الأول إلى فرنسا وهو ما لم يتأكد حتى الآن. وسبق لفرنسا أن اتهمت إيران باتباع سياسة «الهيمنة» في منطقة الشرق الأوسط، كما قال ماكرون إن برنامج طهران الباليستي «من غير ضوابط»، وهو ما أثار حنق طهران.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.