يوم في حياة الرئيس ترمب

يستيقظ عند الخامسة والنصف صباحاً ويستهلّ أنشطته بمتابعة القنوات الإخبارية

ترمب خلال اجتماع بموظفي البيت الأبيض في الشهور الأولى من الرئاسة (نيويورك تايمز)
ترمب خلال اجتماع بموظفي البيت الأبيض في الشهور الأولى من الرئاسة (نيويورك تايمز)
TT

يوم في حياة الرئيس ترمب

ترمب خلال اجتماع بموظفي البيت الأبيض في الشهور الأولى من الرئاسة (نيويورك تايمز)
ترمب خلال اجتماع بموظفي البيت الأبيض في الشهور الأولى من الرئاسة (نيويورك تايمز)

يستيقظ الرئيس ترمب عند نحو الساعة الخامسة والنصف صباح كل يوم، ويفتح جهاز التلفزيون في غرفة النوم الرئيسية بالبيت الأبيض. يوجه جهاز التحكم إلى قناة «سي إن إن» لمشاهدة الأخبار، ثم ينتقل إلى قناة «فوكس أند فريندز» للتسلية واستلهام الأفكار، وأحياناً يشاهد برنامج «مورنينغ جو»، الذي يذاع على قناة «إم إس إن بي سي».
وحسب بعض مساعديه، فإنه يكون مفعماً بالطاقة تارةً، ومغتاظاً تارةً أخرى، وربما الاثنان معاً. يمسك الرئيس بجهاز الـ«أيفون» الخاص به ليطلق تغريدات، بينما يتكئ على وسادته. وفي أحيان أخرى، يكتب تغريداته من الغرفة المجاورة بينما يشاهد التلفزيون من خلال جهاز آخر، أو يصعد إلى غرفة الاجتماعات بالطابق العلوي، بملابسه الرسمية أو بملابس النوم ليشرع في إجراء مكالمات العمل الرسمية وغير الرسمية.
بعد نهاية عامه الأول في البيت الأبيض، أعاد ترمب تعريف مفهوم الرئاسة. فهو لا يزال يرى أعلى منصب في البلاد بنفس الصورة التي رسمها في ليلة انتصاره الهائل على هيلاري كلينتون؛ مكافأة يجب عليه أن يحارب لحمايتها في كل لحظة، باستخدام سيفه السحري: «تويتر». وعلى الرغم من جرأته وعناده، فإن ترمب لا يعتبر نفسه «عملاقاً» يهيمن على مجريات المسرح العالمي، وفق شهادة 60 من مستشاري وأصدقاء الرئيس ومشرعين في الكونغرس.
اعتبر الرؤساء المتوالون على البيت الأبيض كل يوم بمثابة اختبار في كيفية إدارة شؤون البلاد، لا إدارة فئة محددة أو محاولة التوفيق بين مصالح متضاربة. أما بالنسبة إلى ترمب، فإن كل يوم يمثّل معركة بقاء. فهو لا يزال يستعرض انتخابات العام الماضي لقناعته بأن التحقيقات التي أجراها روبرت ميلر، المدعي الأميركي الخاص، بشأن التدخل الروسي، هي مجرّد خطة لتجريده من شرعيته. ولا تزال الخرائط الملونة التي تُظهر الولايات التي فاز بأصواتها تغطي جدران البيت الأبيض.
قبل توليه الرئاسة، طلب ترمب من كبار مساعديه أن يعتبروا كل يوم من أيام الرئاسة بمثابة مسلسل تلفزيوني يقوم فيه بقهر خصومه. وحسب تقديرات مقربين منه، فإن ترمب يقضي 4 ساعات على الأقل يومياً، وأحياناً ضعف هذه المدة أمام شاشات التلفزيون، التي يخفت صوتها أحياناً.
وأشار السيناتور ليندسي غراهام، العضو الجمهوري بمجلس الشيوخ عن ولاية ساوث كارولينا الذي اجتمع بالرئيس أكثر من نظرائه، إلى أن ترمب «يشعر بأن هناك من يسعون لإضعافه كرئيس منتخب، وبأن المزاعم بشأن التواطؤ (مع روسيا) لا أساس لها». وأضاف غراهام أن ترمب «يعتقد أن اليسار الليبرالي والإعلام يسعيان لتدميره. نجح ترمب في الوصول إلى (الرئاسة) بتوجيه لكمات مضادة». وتابع غراهام أن «المشكلة التي سيواجهها هي أن هناك فرقاً بين الترشح للرئاسة، وعمل الرئيس. عليك أن تحقق التوازن بين (المقاتل) وأن تكون الرئيس». ويعتبر ترمب أن النهج الذي سلكه قاده إلى البيت الأبيض، ولذلك فإنه الطريق الصحيح. وبينما يعدّ ترمب (وفق استطلاعات الرأي) أقل رئيس شعبية بين الرؤساء السابقين (32% فقط من الناخبين اعتبروا أداءه مُرضياً في الاستطلاع الأخير الذي أجراه مركز «بيو» البحثي)، إلا أنه يهيمن على الساحة السياسية أكثر من أسلافه.
وبعد شهور من الفشل التشريعي، يقترب ترمب من النصر من خلال مشروع قانون التخفيضات الضريبية وإلغاء جزء من برنامج الرعاية الصحية الذي أطلقه باراك أوباما. ورغم أنه لم يحقق الكثير مما وعد به خلال الحملة الانتخابية، فإنه حقق تقدماً كبيراً في تقليص القيود المفروضة على الشركات وقوانين البيئة. كما أن الاقتصاد الذي ورثه يواصل النمو، وأسوق المال ارتفعت لتبلغ مستويات قياسية. يضاف إلى ذلك نجاح قرار حظر السفر الذي فرضه على القادمين من دول ذات غالبية إسلامية في أن يحقق مبتغاه، ويؤتي ثماره بعد الجولات العديدة في المحاكم. وكان صهره وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، قد أبلغ بعض رفاقه بأن ترمب لن يتغير أبداً بعد أن بلغ عمره 71 عاماً، وأنه سيجبر الإدارة على العمل وفق إرادته ووفق ما يراه مناسباً.
في سياق متّصل، فقد سار جون كيلي، كبير موظفي البيت الأبيض وجنرال الحرب المتقاعد ذو الأربعة نجمات الذي خاض الحرب في العراق عام 2003 وواصل السير بجنوده رغم النيران التي أمطرتهم، على نفس النهج بالعمل 14 ساعة في اليوم لفترة طويلة لتثبيت النظام في عملية فوضوية حقق فيها بعض النجاح.
ففي الشهور التي سبقت توليه إدارة المكتب البيضاوي الصيف الماضي، خلفاً لرينس بيربوس، كان البيت الأبيض يبدو مزدحماً في جميع الأوقات في ظل وجود طوفان من المساعدين والزوار الذين كانوا يتوافدون لتقديم النصيحة. ففي أثناء لقاء مع مراسلي صحيفة «نيويورك تايمز»، كان عدد الموجودين في المكان لا يقل عن 20 شخصاً، لكن الحال تغير الآن، وبات باب المكتب البيضاوي شبه مغلق.
يعمل كيلي في هدوء على تقليص وقت الفراغ الذي يمكن للرئيس فيه نشر تغريداته، وذلك بزيادة ساعات العمل. كذلك، عمل بيربوس على تشجيع الرئيس على الوصول إلى مكتبه عند الساعة 9 أو 9:30، وإن كان حقق نجاحاً متواضعاً.
وقدّم الرئيس الذي كان يتمتّع بسيطرة كاملة على إمبراطورية أعماله، تنازلات كبيرة بعد أن حاول التحكّم في كل صغيرة وكبيرة في شؤون البيت الأبيض خلال الشهور الأولى. ورغم تذمره من القيود، فإن ترمب يحاول دائماً الحصول على موافقة كيلي الذي يراه كنظير، حسب بعض المقربين من ترمب. وأفاد بعض المقربين من الرئيس بأن ترمب يستدعي كيلي نحو 10 مرات في اليوم، وربما 4 أو 5 مرات في أثناء العشاء أو في أثناء لعب مباراة غولف، للاستفسار عن جدول أعماله أو طلب مشورة بشأن سياسة ما. في المقابل، اعتمد كيلي نفس الانتقادات التي لطالما رددها ترمب، بالتأكيد للرئيس أنه يوافقه الرأي في أن بعض المراسلين الصحافيين لا يودّون سوى الحط من شأن الإدارة.
واعتبر مقربون من ترمب أن التلفزيون هو الذخيرة التي يستخدمها ترمب لشن حربه في «تويتر»، ولذلك فإن جهاز التحكم في القنوات لا يستخدمه سوى ترمب أو طاقم الفنيين. وفي أثناء تناوله وجبة العشاء، يكون التلفاز الذي يبلغ حجم شاشته 60 بوصة صامتاً، ويكتفي ترمب بقراءة شريط الأخبار، والأخبار التي تفوته يستطيع إعادتها من خلال نظام «سوبر تي فو» الحديث، الذي يتولى تسجيل الأخبار ليستعرضها الرئيس لاحقاً. وفي أثناء متابعته للأخبار، يقوم ترمب بمناقشة وتبادل الأفكار مع الموجودين في الغرفة، بمن فيهم القائمون على إدارة شؤون البيت الأبيض الذين يستدعيهم بضغطة زر لتناول الغذاء أحياناً أو لطلب قنينة «دايت كوك» التي يتناول منها نحو 10 يومياً.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

سوق السندات الأميركية تُطلِق إنذاراً بشأن خطط خفض الضرائب

الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك يرتدي قبعة دعماً للجمهوري دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)

سوق السندات الأميركية تُطلِق إنذاراً بشأن خطط خفض الضرائب

يلوح في الأفق تحذير شديد من سوق ديون الخزانة الأميركية، التي تبلغ 28 تريليون دولار، ضد إضافة مزيد من العبء على الدين الذي ينمو بمقدار تريليونَي دولار سنوياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

ترمب يعد حزمة دعم واسعة النطاق لقطاع الطاقة الأميركي

يعمل الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على إعداد حزمة واسعة النطاق في مجال الطاقة، لطرحها خلال أيام من توليه المنصب.

الاقتصاد أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)

الدولار الأميركي ينخفض بعد ترشيح ترمب بيسنت وزيراً للخزانة

انخفض الدولار الأميركي، يوم الاثنين، بعد أن رشح الرئيس المنتخب دونالد ترمب، سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة، مما أوقف الارتفاع الحاد للعملة بعد الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».