السويحلي يصعّد في مواجهة حفتر ويقلل من تهديدات اقتحام طرابلس

سياسيون في ليبيا مستاؤون من إدانة مجلس الأمن «العبودية» قبل انتهاء التحقيقات

جندي من الجيش الوطني الليبي أثناء المواجهات مع ارهابيين في حي خريبيش ببنغازي أمس (أ. ف. ب)
جندي من الجيش الوطني الليبي أثناء المواجهات مع ارهابيين في حي خريبيش ببنغازي أمس (أ. ف. ب)
TT

السويحلي يصعّد في مواجهة حفتر ويقلل من تهديدات اقتحام طرابلس

جندي من الجيش الوطني الليبي أثناء المواجهات مع ارهابيين في حي خريبيش ببنغازي أمس (أ. ف. ب)
جندي من الجيش الوطني الليبي أثناء المواجهات مع ارهابيين في حي خريبيش ببنغازي أمس (أ. ف. ب)

صعَّد رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عبد الرحمن السويحلي، من نبرة التحدي في مواجهة تهديد القائد العام للجيش المشير ركن خليفة حفتر، بالتوجه نحو العاصمة طرابلس عقب انتهاء مهلة اتفاق الصخيرات في 17 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ودعا السويحلي «المواطنين كافة لعدم الالتفات إلى الدعوات التي وصفها بـ(المُغرضة) التي تطلقها (ما تسمى) القيادة العامة».
يأتي ذلك في وقت استغرب فيه سياسيون ليبيون مسارعة مجلس الأمن الدولي إلى إدانة «العبودية في ليبيا» دون انتظار التحقيقات الجارية في القضية، أو تقديم حلول لمساعدة البلاد في مواجهة تدفق المهاجرين غير الشرعيين. ودعا مجلس الأمن الدولي إلى «نقل المحتجزين إلى سلطات الدولة»، وطالبها بتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية وأجهزة الأمم المتحدة لضمان نقل المساعدات الإنسانية إلى مراكز الاحتجاز.
وأدان المجلس في بيان أصدره، أول من أمس، وفقاً لـ«فرانس برس»، «الانتهاكات المشينة لحقوق الإنسان والتي يمكن أن تشكِّل جرائم ضد الإنسانية»، وقال إن «الطريقة الوحيدة لتحسين ظروف معيشة جميع السكان وبينهم المهاجرون تكمن في القدرة على الاعتماد على ليبيا مستقرة». وعقب تلاوة نص البيان، أعرب مساعد ممثل روسيا في الأمم المتحدة بيتر إيلييشيف عن أسفه لعدم إدراج عبارة في النص النهائي بشأن «مصدر الفوضى» في ليبيا اقترحتها موسكو.
وغرقت ليبيا منذ الإطاحة بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي منذ 6 أعوام في الفوضى وسط تنازع سلطات وميليشيات مسلحة متنافسة عجزت السلطات عن ضبطها. وتشكل ليبيا نقطة عبور للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وقد تعرضت لانتقادات حادة بعد عرض شبكة «سي إن إن» وثائقياً يُظهر مهاجرين أفارقة يتم بيعهم رقيقاً قرب طرابلس.
وأفاد عدد من الدبلوماسيين بأنه من النادر أن يذكر نص أممي صراحةً العبودية في بلد ما، بل جرت العادة على ذكرها ضمن سلسلة انتهاكات لحقوق الإنسان يُجرى التنديد بها بشكل عام. لكن بعد معلومات نُشرت مؤخراً عن بيع مهاجرين أفارقة في سوق للرقيق في ليبيا، قررت 9 بلدان أوروبية بمبادرة فرنسية وبدعم من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إجراء «عمليات إجلاء طارئة» لمهاجرين من ضحايا المهربين.
وتفيد الإحصاءات الأخيرة لمنظمة الهجرة الدولية بأن 15 ألف مهاجر يقبعون في مراكز احتجاز تشرف عليها بشكل شبه رسمي حكومةُ الوفاق الوطني.
وقال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الدكتور البدري الشريف لـ«الشرق الأوسط»: إن «الدول الأوروبية تركت كل الجرائم التي تُرتكب في العالم، وتفرغت لما يسمي (سوق النخاسة) في ليبيا»، مشيراً إلى أن «الفيديو (المزعوم) الذي بثته قناة (سي إن إن) مفبرك وغير صحيح». وتابع الشريف: «هذه محاولة لتحميل مشكلة الهجرة لليبيا لأغراض سياسية، في حين أن بلادي ضحية لمثل هذه الممارسات».
سياسياً، دعا رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي «جميع الليبيين لعدم الالتفات إلى الدعوات التي وصفها بـ(المُغرضة) التي تطلقها (ما تسمى) القيادة العامة حول 17 ديسمبر (كانون الأول)»، في إشارة إلى القائد العام للجيش المشير ركن خليفة حفتر.
وطالب السويحلي خلال لقائه السفير التركي لدي بلاده أحمد دوغان، في مقر المجلس بالعاصمة، «كل الأطراف الليبية والإقليمية بالالتزام بالاتفاق السياسي الليبي كمرجعية دستورية وحيدة لإدارة البلاد، وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي بالخصوص». وجدد السويحلي دعم مجلسه «استمرار العملية السياسية، وحرصه على التوصل إلى تسوية شاملة مبنية على التوازن والشراكة الكاملة في إطار الاتفاق السياسي الليبي، وفقًا لخطة عمل الأمم المتحدة حول ليبيا».
وثمّن انفتاح تركيا على جميع الأطراف، ودعا الحكومة التركية إلى تشجيع الفرقاء الليبيين على الحوار، لإنهاء الأزمة ورفع المعاناة عن الليبيين، عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية فاعلة تبسط سيطرتها على جميع أنحاء البلاد وتتولى تهيئة الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية لإجراء الاستحقاق الدستوري والانتخابي.
من جانبه أكد السفير التركي أن بلاده تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف وتشجع مجلسي النواب والأعلى للدولة، على التوصل إلى صيغة توافقية لتعديل الاتفاق السياسي، للمضي قدمًا نحو استكمال بقية مراحل خطة عمل الأمم المتحدة حول ليبيا.
وسبق للسويحلي التقاء سفير بريطانيا لدى ليبيا بيتر ميلت، مساء أول من أمس، حيث أكد السفير «دعم بلاده لجهود التوصل إلى توافق شامل بين مجلسي النواب والأعلى للدولة لتعديل الاتفاق السياسي وفقاً لخطة عمل الأمم المتحدة».
وشدد ميلت على أن المملكة المتحدة «مقتنعة بعدم وجود أي تاريخ لانتهاء العمل بالاتفاق السياسي، وتدعم بقاءه المرجعية الوحيدة التي تحكم إدارة البلاد حتى انتخاب السلطة التشريعية الجديدة بعد اعتماد الدستور». ولوحظ أن بيان السويحلي حمل نفس اللغة والصياغة الحادة، في مواجهة حفتر.
وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هدد حفتر بدور للجيش إذا فشل الحوار السياسي، إذ قال في جمع من قيادات الجيش الوطني: «لا توجد أي مؤشرات تُطمئن الشعب الليبي إلى أن مسار الحوار الجاري هو الحل الوحيد للأزمة السياسية الراهنة، وباب البدائل لا يزال مفتوحاً». وأضاف أنه «في حال فشل الحوار في إيجاد حل سياسي، سيكون الباب مفتوحاً على مصراعيه للشعب لتحديد مصيره، وستكون القوات المسلحة رهن إشارة الشعب».
وفي 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015، وقَّع سياسيون ليبيون الاتفاق بوساطة من الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات في المغرب، آملين في إنهاء النزاع العسكري والسياسي في البلاد الغنية بالنفط عبر تشكيل حكومة وفاق وطني تقود مرحلة انتقالية لعامين وتنتهي بانتخابات. ويري السويحلي، أن تاريخ 17 ديسمبر، يتعلق بولاية حكومة الوفاق الوطني فقط، ولا يتعلق بشرعية الاتفاق السياسي.
في غضون ذلك، رحّل مركز إيواء الهجرة غير الشرعية في مدينة مصراتة، 33 مهاجراً غير شرعي من النيجر طواعية إلى تونس، ومنها إلى المغرب ثم إلى بلادهم. وفي شأن آخر، تظاهر ليبيون، أمس، في عدد من المناطق تنديداً ورفضاً لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، نقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس. وجاءت المظاهرات تلبيةً لدعوات تقدم بها عدد من النشطاء، ومنظمات مجتمعية، إضافة إلى الجالية الفلسطينية المقيمة في ليبيا.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.