«تقدم كافٍ» في محادثات لندن وبروكسل حول «بريكست»

توقعات بأن ينتهي الانفصال باتفاق تجاري على غرار الموقَّع مع كندا

رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي ورئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر(أ.ف.ب)
رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي ورئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر(أ.ف.ب)
TT

«تقدم كافٍ» في محادثات لندن وبروكسل حول «بريكست»

رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي ورئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر(أ.ف.ب)
رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي ورئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر(أ.ف.ب)

بعد أشهر من التقدم البطيء في المحادثات بين بروكسل ولندن حول خروج الأخيرة من التكتل الأوروبي، أو «بريكست»، تسارعت الوتيرة في الأيام الأخيرة وصولاً إلى اللقاء الذي عُقد فجر أمس (الجمعة)، والذي أعلن عنه في اللحظات الأخيرة، بين رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. وأعلنت المفوضية الأوروبية أنه تم التوصل إلى اتفاق مبدئي، معتبرةً أنه تم تحقيق «تقدم كافٍ» في 3 مسائل تشكل جوهر انسحابها من التكتل، بينها الحدود مع آيرلندا، وكلفة «بريكست»، وحقوق المواطنين.
وأكدت ماي أن الجزء الأهم من الاتفاق هو ضمان ألا تعود نقاط التفتيش إلى الحدود بين آيرلندا الشمالية الخاضعة للحكم البريطاني وجمهورية آيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، بعد «بريكست» المتوقع رسمياً بتاريخ 29 مارس (آذار) 2019. وقالت ماي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع يونكر، كما جاء في تقرير «فرانس برس»: «سنضمن ألا تكون هناك حدود فعلية في آيرلندا الشمالية». وقوبل الإعلان عن التوصل إلى التسوية بارتياح في أوروبا ولا سيما في آيرلندا. ورحب رئيس الوزراء الآيرلندي ليو فارادكار، الجمعة، بالاتفاق الذي اعتُبر أنه يشكّل «نهاية المرحلة الأولى من المفاوضات. حصلنا من المملكة المتحدة على الضمانات التي نريد». لكنه أكد ضرورة «البقاء متيقظين في المرحلة الثانية» منها.
وأوضح كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه، أن نص الاتفاق «يمكن أن يشكل أساساً لاتفاق الخروج» النهائي (من الاتحاد الأوروبي)، المرتقب أواخر مارس 2019، إلا أن بارنييه شدد على أنه «يجب العمل عليه، وتدعيمه، وتوضيحه».
ويتعين أن يقر المجلس الأوروبي، وهو الهيئة التي تمثل الدول الأعضاء في الاتحاد، الاتفاق الذي تم التوصل إليه في قمة تُعقد في 15 ديسمبر (كانون الأول) في بروكسل، ما سيسمح ببدء المرحلة الثانية من المفاوضات حول مستقبل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ولندن، ولا سيما العلاقات التجارية. وأعرب رئيس المفوضية الأوروبية عن «ثقته»، كما توقع رئيس وزراء الدنمارك لارس لوكي راسموسن، أن يقر المجلس هذا الاتفاق الأسبوع المقبل. وأرسل رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، نص الاتفاق إلى قادة الدول الأعضاء الـ27، من أجل وضع المبادئ التوجيهية الرئيسية للمفاوضات المستقبلية، والتي يمكن أن يتم تبنيها مع انعقاد القمة الأسبوع المقبل.
وقال توسك: «دعُونا نتذكر أن التحدي الأصعب لا يزال أمامنا. نعرف جميعاً أن الانفصال صعب، لكن الأصعب هو الانفصال وبناء علاقة جديدة». وأبدى رئيس المجلس الأوروبي أسفه «للوقت الكبير الذي استغرقه الجزء الأسهل» من مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال إنه سيقترح أن تبدأ المحادثات بشأن الفترة الانتقالية التي تلي موعد الخروج الفعلي لبريطانيا من الاتحاد في أسرع وقت ممكن. وهو اقتراح ينادي به أيضاً بارنييه. وهو أوضح أن المحادثات ستبدأ «مطلع العام حول مرحلة انتقالية»، و«فيما بعد حول العلاقة المستقبلية». واعتبر توسك أن لدى الأوروبيين شروطاً لمرحلة انتقالية تبقى خلالها المملكة المتحدة عضواً في السوق المشتركة والاتحاد الجمركي، وهي مرحلة ترى ماي أنها قد تمتد لسنتين. لكنه حذر من أنه سيكون على لندن «احترام قانون الاتحاد الأوروبي بأكمله بما في ذلك القوانين الجديدة» التي تُقَرّ خلال هذه المدة. ودعا توسك كذلك إلى أن توضح بريطانيا بشكل أكبر نوع العلاقة التجارية التي ترغب فيها بعد انسحابها من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي. وقال إنه سيتم وضع مجموعة منفصلة من الإرشادات العام المقبل بشأن التعاون في مجال الأمن والإرهاب.
واقترح توسك أيضاً «مفاوضات استشرافية» تبدأ منذ الآن حول شكل العلاقة المستقبلية، في المجال التجاري وكذلك في مجال مكافحة الجريمة والإرهاب وحماية الأمن والدفاع والشؤون الخارجية.
وشدد توسك على اعتماد مبادئ توجيهية رسمياً حول هذا الجزء من الاتفاق «العام المقبل».
وذكّر بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق «نهائي وناجز إلا بعد خروج المملكة المتحدة (من الاتحاد)».
إلا أن نتائج هذه المحادثات الاستشرافية سيتم جمعها في «إعلان سياسي» يرفق بالاتفاق النهائي للخروج من الاتحاد.
ورأى بارنييه أنه وبالنظر إلى «الشروط» التي وضعتها بريطانيا فإن اتفاق التجارة الحرة «على غرار ذلك الموقّع مع كندا» بات النموذج المرجح اعتماده أساساً أوروبياً للاتفاق. وأضاف بارنييه: «لسنا نحن (من يريد ذلك) بل أصدقاؤنا البريطانيون الذين يضعون هذه الخطوط الحمراء التي تغلق أبواباً معينة. لذا فسنعمل على هذا النموذج».
وأكدت المفوضية أن «مواطني الاتحاد المقيمين في المملكة المتحدة، والمواطنين البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد الـ27، سيحتفظون بالحقوق التي يتمتعون بها بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي».
وفيما يتعلق بفاتورة خروجها من الاتحاد الأوروبي، والتي شكلت أكثر النقاط إثارة للخلاف، أعلنت ماي أنها ستكون «عادلة» لدافعي الضرائب البريطانيين. وقد اتفق الجانبان على «منهجية» لاحتساب الفاتورة، لا على رقم نهائي. وقد أعلن متحدث باسم الحكومة البريطانية لوكالة الصحافة الفرنسية أن الفاتورة ستتراوح بين 40 و45 مليار يورو.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».