تحرير ميناء عسكري في الحديدة من قبضة الميليشيات

TT

تحرير ميناء عسكري في الحديدة من قبضة الميليشيات

أربك تقدم قوات الجيش الوطني اليمني المسنود من تحالف دعم الشرعية، ميليشيات الحوثي في الشريط الساحلي الغربي لليمن بعد التقدم في الحديدة بتحرير ميناء عسكري وعدد من القرى القريبة لمديرية حيس، في الخط الرابط بين تعز – الحديدة.
جاء ذلك متزامناً مع تقدم القوات في جبهات الجوف والبقع بمحافظة صعدة، وتأمين قوات الجيش اليمني طريق اليتمة – البقع، وعدداً من المواقع الأخرى التي تمت السيطرة عليها من قبل قوات الجيش، وبإسناد جوي من مقاتلات تحالف دعم الشرعية.
وقال سكان من الحديدة لـ«الشرق الأوسط»: «شددت الميليشيات الحوثية من تواجدها في عدد من مديريات الحديدة الريفية، ودفعت بعدد من الأطقم العسكرية والمسلحين، في الوقت الذي شنت حملة قمع واعتقالات لأنصار وكوادر حزب المؤتمر الشعبي العام، الجناح الموالي لصالح».
في الأثناء، ذكر مصدر في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط»، أنه «مع الإرباك الحاصل للانقلابيين في الحديدة، تواصل عناصر المقاومة الشعبية في إقليم تهامة استهداف تجمعاتهم ودورياتهم العسكرية في كل شوارع الحديدة، وأنها قتلت خمسة من الانقلابيين وأصابت تسعة آخرين، في ثلاث عمليات نوعية وسط المدينة».
وتواصل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في تعز وإقليم تهامة، معاركها في الساحل الغربي لتعز وتطهيره من جيوب الميليشيات الانقلابية، حيث أصبحت على مشارف منطقة الحيمة الساحلية التابعة لمديرية التحيتا، ثاني مديرية تقع جنوب الحديدة، بعد مديرية الخوخة التي تمت السيطرة عليها، علاوة على تقدمها باتجاه مديرية حيس، وذلك بعد استعادة معسكر أبي موسى الأشعري في مديرية الخوخة، أحد أكبر المعسكرات الواقعة جنوب مدينة الحديدة.
وبالتوازي تتواصل المعارك في مقبنة والصلو والشقب في صبر، ومعارك مماثلة في الجبهة الغربية الشمالية، وأشدها في محيط معسكر الدفاع الجوي ومحيط جبل هان الاستراتيجي.
العقيد عبد الباسط البحر، نائب ناطق محور تعز العسكري، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يخوضون معارك ضارية في مختلف جبهات محافظة تعز والساحل الغربي للمحافظة، وهناك تقدم كبير ومتسارع جداً للقوات المسلحة المنية في الساحل الغربي وعلى محورين؛ محور الخط الساحلي باتجاه الخوخة وتم تحريرها، إضافة إلى عدد من المواقع المهمة». وأضاف: «بالسيطرة على مدينة الخوخة يعتبر الجيش الوطني حقق تقدماً ساحقاً؛ لأهمية المدينة وكونها منفذاً للتهريب بالنسبة للميليشيات الحوثية، ومورداً مهماً من مواردهم، ويتم التقدم الآن إلى اتجاه مدينة حيس، التابعة للحديدة، جنوباً، بعدما تم تحرير عدد من المواقع القريبة منها».
وأكد أن الجيش الوطني «يحرز تقدماً جديداً أيضاً في المحور الآخر، وهو الخط الرئيس الرابط بين تعز والحديدة، الذي يمر عبر النجيبة وحيس، وفي هذا الخط تم التقدم والسيطرة على جبال ومواقع استراتيجية شمال جسر الهاملي وجسر ريسان، وتمت السيطرة على مركز عزلة الهاملي في موزع، وكل هذه التقدمات تساهم في التقدم باتجاه محافظة الحديدة، وذلك بإسناد جوي كبير من قبل التحالف العربي الذي نفذ عدداً من الغارات التي استهدفت عدداً من التعزيزات وآليات عسكرية ومعدات تابعة للانقلابين»، لافتاً إلى أن «الانقلابيين باتوا يعيشون انهيارات متسارعة في صفوفهم جراء الخسائر الكبيرة التي تكبدوها».
كما أكد العقيد البحر، أن «عمليات استخباراتية ترافق العمليات العسكرية بالتوازي وتواصل مع عناصر من المغرر بهم من هم في الحرس الجمهوري المواليين لصالح وبعض القيادات المؤتمرية، جناح صالح؛ ما سرع بوتيرة الانتصارات والتحرك، وتصفية وتطهير بعض التباب والجبال، علاوة على حملة عسكرية خرجت من معسكر خالد بن الوليد باتجاه شرق المعسكر إلى منطقة مفرق المخا ومنطقة البرح، وتدور معارك عنيفة في تلك المناطق، وبوصول تلك القوات إلى منطقة البرح، سيتم التحام القوات بالجبهات القادمة من تعز ويتم رفع الحصار على مدينة تعز من الاتجاه الغربي».
وفي محافظة البيضاء، تواصل الميليشيات الانقلابية الدفع بتعزيزات إلى جبهات المختلفة فيها، وبحسب مصدر في المقاومة الشعبية في جبهة الزاهر، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» مشاهدة «تعزيزات كبيرة للانقلابيين لكافة جبهاتها في المحافظة، بما فيها دبابات عدة نوع 55، وعربات (بي إم بي) وأطقم عدة محملات بأفراد ومسدسات آلية».
في سياق آخر، قال الجيش الأميركي أمس، الجمعة، إنه نفذ ضربات جوية في 20 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في محافظة البيضاء اليمنية، أسفرت عن مقتل خمسة متشددين من فرع تنظيم القاعدة الإرهابي، هناك بينهم مجاهد العدني الذي وصفه بأنه أحد قادة التنظيم، وفقاً لما أوردته «رويترز».
وقالت القيادة الوسطى بالجيش الأميركي في بيان: «كان العدني يتمتع بنفوذ كبير في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، فضلاً عن علاقاته الوثيقة مع زعماء كبار آخرين في التنظيم».
وبالعودة للجوف: أعلنت قوات الجيش الوطني الموالية للحكومة الشرعية باليمن، مساء الجمعة تحرير مواقع جديدة من قبضة الحوثيين في محافظة الجوف (143) كم شمال شرقي صنعاء.
ونقل موقع الجيش «سبتمبر.نت» عن مصدر عسكري قوله: «إن قوات اللواء الأول حرس حدود، تمكنت من تحرير منطقتي حرشة العجوز، وحرشة الأرانب، في جبهة الغريميل شمال شرقي خب والشعف شمال الجوف في مواجهات تدور منذ ساعات الصباح». وأكد المصدر «أن رجال الجيش تمكنوا من أسر المشرف العام لميليشيا الحوثي بمديرية خب والشعف المكنى بـ(أبو علي الكبسي)، وطاقم الصواريخ الحرارية، وقتل قيادي آخر بجبهة اليتمة واستعادة دورية كانت تقله وقناصة».
وأشار المصدر، الذي نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية، إلى استمرار المعارك التي يخوضها الجيش الوطني، وأن رجال الجيش يتقدمون نحو منطقة وجبال الأجاشر: «وسط فرار جماعي للميليشيا الحوثية، التي سقط منها قتلى وجرحى كثر».في غضون ذلك، شنت مقاتلات تحالف دعم الشرعية غارات جوية استهدفت مواقع وآليات قتالية لميليشيا الحوثي في جبهة الساقية، جنوب غربي المحافظة؛ ما أدى إلى تدمير مدفعية وسقوط قتلى وجرحى، حسب المصدر ذاته.
وتشهد مواقع عدة في محافظة الجوف معارك مستمرة بين الطرفين منذ أكثر من عامين ونصف العام، في حين تقول القوات الحكومية إنها باتت مسيطرة على معظم المناطق في المحافظة الواقعة قرب الحدود السعودية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.