فساتين الزفاف من 1775 إلى 2014.. استعراض تاريخي وثقافي

صناعة لا تتأثر بالأزمات الاقتصادية وتحركها رغبة العرائس في التألق والتميز

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

فساتين الزفاف من 1775 إلى 2014.. استعراض تاريخي وثقافي

جانب من المعرض
جانب من المعرض

بدا ما يزيد على 80 فستانا، بمختلف درجات اللون الأبيض، موضوعين بعناية على دمى عرض الأزياء، كأنهم يداعبون خيال كل عروس مقبلة على الزواج أو تحن إلى فساتين كلاسيكية قديمة. كان هذا في معرض «فيكتوريا آند ألبرت» الذي فتح أبوابه منذ فترة قصيرة لمعرض بعنوان «فساتين الزفاف: من 1775 إلى 2014». وكما يدل عنوانه، فهو يتتبع تطور تصميم فساتين العرائس منذ قرون إلى يومنا هذا، موضحا أسماء المصممين الذين أبدعوها والنساء اللاتي ارتدينها. ومع ذلك، تؤكد إدوينا إيرمان، أمينة المعرض، أن: «هذا المعرض ليس عن الزواج، بل عن الاختيار الفريد الذي يجري اتخاذه في هذا اليوم المهم»، مشيرة إلى تأثير الحروب والأسواق والشهرة والأحوال الاقتصادية على اختيار الفستان.
ورغم أن المعرض يبدأ في إطار ثقافي قوي واضعا كل تصميم في إطاره الاجتماعي، فإنه يستمر في تسليط الضوء على التصميم على حساب المضمون، أو على الأقل فإن قوة هذه التصاميم طغت على كل شيء آخر. جرى تقسيم المعرض إلى جزأين: الطابق الأول يركز على السنوات ما بين 1775 و1957، حيث يرجع تاريخ أقدم فستان معروض إلى عام 1780 وهو تصميم مصنوع من الحرير ارتدته جين بايلي، ابنة أحد المزارعين الأثرياء، وتعرض مع الفستان مجموعته الكاملة من قبعة الرأس وحذاء أبيض من الحرير.
من الأسئلة التي يبدأ بها المعرض سؤال يتعلق باللون الأبيض. تشير إيرمان إلى أنه: «في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كان اللون الأبيض هو اختيار النساء من الطبقات الثرية فقط، بينما كانت الألوان الفاتحة هي الخيار العام. ولكن بسبب لمعان اللون الأبيض في ضوء الشموع وكذلك في ضوء الشمس، أصبح الخيار المفضل لجميع الطبقات».
كان موضوع تحديد لون الفساتين مستمرا حتى القرن العشرين، ولكنه بدأ يتحول إلى ذوق شخصي، وأصبح من المبتكر اختيار ألوان جديدة، وخاصة في العشرينات من القرن الماضي، عندما أصبح اللون الذهبي والألوان الفاتحة أكثر أناقة.
ولكن، من الواضح أن التركيز الأكبر في المجموعة كان على تأثير المشاهير، خصوصا بعد الحرب العالمية الأولى، حيث انصب الاهتمام عليهم كأن هناك حالة هروب من الواقع. بدأ نشر أخبار حفلات زفاف شخصيات شهيرة، وكان ذلك بالنسبة للمصممين أعظم ترويج، حيث يتردد أن الفستان الذي ارتده مارغريت وايام عام 1933 أثناء زفافها إلى الكولونيل تشارلز سويني أوقف حركة المرور. فقد كان الفستان بتصميم جدي أنيق وراق،= صممه لها نورمان هارتنيل، علما بأنه نفس المصمم الذي أشرف على تصميم فساتين الملكة إليزابيث الثانية لأكثر من عشر سنوات بعد تلك الفترة. الفستان المذكور كان يتميز بذيل يبلغ طوله 3.6 متر، وكان واضحا أن الهدف من ورائه كان عكس مركز مارغريت وايام الاجتماعي، مما جعله مثاليا بالصفحات الاجتماعية في الصحف والمجلات.
الحرب العالمية الثانية أعادت الاهتمام بفساتين الزفاف البسيطة، وبدأت النساء تصنع الفساتين من أقمشة متنوعة، فيما بدأ الرجال يرتدون بدلات عسكرية وأخرى رسمية. وبعد سنوات التقشف أثناء الحرب العالمية الثانية، أعادت مجموعة أزياء المصمم الفرنسي كريستيان ديور الأولى في عام 1947 بعض الرومانسية المفقودة لفساتين الزفاف بإضافة الطول والسخاء في القماش في تنورات مستديرة وواسعة.
يهتم الجزء الثاني من المعرض بالفترة ما بين عامي 1962 و2014. وهنا، نشاهد عرضا خاصا بالشخصيات ومصممي الأزياء. من بين أشهر مصممي فساتين الزفاف الموجودين في المعرض، جون غاليانو وفيرا وانغ وأليس تامبرلي. يذكر المعرض أن إعداد فستان عارضة الأزياء البريطانية كيت موس، الذي ارتدته عام 2011 وصممه غاليانو، استغرق 791 ساعة لإضافة أكثر من 5000 وحدة من الترتر والخرز. وهو مصنوع من الشيفون الخفيف والحرير الناعم ذي اللون الوردي الفاتح، في حين جرى تزيين الذيل بالخرز اللامع، وكان من أجمل التصميمات المعروضة. ومن بين المعروضات الأخرى، فستان الراقصة العالمية ديتا فون تيس الأرجواني الغامق الذي صممته لها فيفيان وستوود عام 2009، إلى جانب تصميم لكريستيان لاكروا يتمتع بياقة عالية ومصنوع من الحرير الأسود وورق الذهب ويرجع إلى عام 1993. هناك أيضا الفستان الذي صممته سيلينا بلو المذهل ذي اللون الأحمر الضارب إلى الرمادي مع غطاء رأس مستوحى من أسقف البيوت السريلانكية، وذلك من أجل حفل زفافها الذي أقيم في عام 1998.
وتشير إيرمان إلى أن أهمية حفلات زفاف المشاهير تكمن في صور فستان الزفاف. وغالبا ما يتطلع صانعو الفساتين منخفضة التكلفة إلى اختيارات المشاهير ويقلدونها. وتعلق إيرمان على ذلك: «لم تؤثر الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم عام 2008 في صناعة فساتين الزفاف، لأن الجميع يريدون فستانا خاصا لذلك اليوم بغض النظر عن الثمن». وربما هذا ما يجعل هذه الصناعة لا تتأثر كثيرا بالأزمات، بدليل أن صناعة فساتين الزفاف، تقدر بعشرة مليارات جنيه إسترليني في بريطانيا وحدها ولا تزال تشهد نموا ملحوظا، خصوصا مع تنامي هذه الصناعة في عصر العولمة.
وتعلق إيرمان بأن «هذا المعرض ليس عن الزواج، ولكنه عن الاختيارات الفريدة التي نقررها. حفلات الزفاف تجربة عامة، وأغلبنا مر بها، ودائما نشعر بالحماس ذاته تجاهها». إلى جانب فستان العروس، جرت الإشارة إلى مكان الزفاف عبر خطوط معمارية رسمت على نوافذ العرض، وتظهر الحركة والمشاعر عبر مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية، وفي بعض الحالات، جرى عرض أشياء مثل الدعوات وباقات الزهور وغيرها.
كان من الممكن للمعرض، وهو متحف وليس عرضا للأزياء، أن يقدم المزيد فيما يتعلق بهذا السياق، بالإضافة إلى المزيد من النماذج الأثرية. فرغم أن فستان الزفاف يرجع اختياره إلى المرأة أولا وأخيرا، إلا أن علاقته وثيقة بالثقافة والتقاليد أيضا.
كان التركيز على حفلات الزفاف البريطانية محدودا، مع أنه كان سيثير المزيد من الاهتمام بتسليط الضوء على كيف سافرت تلك الأفكار والتصميمات. نعم، أثار المعرض الاهتمام بمعروضاته، لكنه لم يغط كل الجوانب وترك بعض الزوار والمهتمين يرغبون في المزيد.
- يستمر معرض «فساتين الزفاف: 1775 - 2014» حتى 15 مارس (آذار) عام 2015.



الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.