في غابة الدب «ويني ذا بو» وأصدقائه... معرض للكبار قبل الصغار

يستكشف عالم الكاتب إي إي ميلن والرسام إي إتش شيبارد عبر عرض خيالي وصور ورسومات أصلية

رسم للفنان إي إتش شيبارد  من قصص ويني ذا بو (إغمونت)
رسم للفنان إي إتش شيبارد من قصص ويني ذا بو (إغمونت)
TT

في غابة الدب «ويني ذا بو» وأصدقائه... معرض للكبار قبل الصغار

رسم للفنان إي إتش شيبارد  من قصص ويني ذا بو (إغمونت)
رسم للفنان إي إتش شيبارد من قصص ويني ذا بو (إغمونت)

في قصص الأطفال الشهيرة هناك شخصيات حفرت أماكنها في الذاكرة، أحبها الأطفال ولعبوا معها في خيالهم وشاركوها المغامرات البريئة، وتظل لتلك الشخصيات سحرها حتى بالنسبة للكبار الذين حملوها في الذاكرة معهم على مر السنين. ولعل من أكثر الأشياء إمتاعا للكبار والصغار عندما تظهر تلك الشخصيات مرة أخرى في فيلم أو معرض ليعودوا لها مستمتعين بها ولعل في شخصية الدب «بادنغتون» الذي يحبه الصغار والكبار مثلا حيا، حيث يجتذب الفيلم السينمائي الذي يعرض حاليا في الدور السينما الجماهير من كل الأعمار.
ولكننا اليوم في رفقة دب آخر، له مغامرات شهيرة مع أصدقائه من عالم الحيوان وصديقه الطفل كريستوفر روبن. إنه «ويني ذا بو»، الدب الذي خلدته شركة ديزني في أحد أشهر أفلامها، ولكنه اليوم بطل لمعرض ممتع يستضيفه متحف فيكتوريا آند ألبرت في لندن تحت عنوان «ويني ذا بو: استكشاف قصة كلاسيكية».
المعرض يحمل الصغار والكبار إلى بيت الطفل كريستوفر روبن والغابة حيث يقطن صديقه الدب «بو» وأصدقاؤه: «تيغر» و«بيجليت» و«رو» و«رابيت» وغيرها من حيوانات الغابة. يحول خبراء المتحف المساحة إلى عالم خيالي يبدأ بعرض لعدد كبير من اللعب التي أنتجت وحملت اسم «بو» من الألعاب التي استخدمت شخصية الدب ذي القميص الأحمر شعارا لها إلى جانب قطع أخرى حملت رسمات لـ«بو» وأصدقائه مثل طقم شاي «كريستوفر روبن» الذي كان هدية للملكة إليزابيث حين كانت طفلة، واحتفظت به في مجموعتها الخاصة حتى اليوم.
المعرض يضم مجموعة ضخمة من الرسومات الأصلية بريشة الفنان إي إتش شيبارد الذي صور كتب «ويني ذا بو» لكاتبها إيه إيه ميلن، وبمجرد وضع تلك الرسومات نجح المعرض في جذب قطاع كبير من البالغين والمهتمين بكتب الأطفال، الذين انشغلوا بتفحص تلك الرسومات بخطوطها البسيطة التي حولت العالم السحري للدب «ويني ذا بو» وأصدقائه إلى صور متحركة. ورغم أن القصص تحولت لفيلم رسوم متحركة فإن مطالعة بعض الرسومات التي تصور حركات متلاحقة يثبت أن شيبارد قد نجح في تحويل القصص لرسوم متحركة قبل أن تفعل ذلك استوديوهات ديزني.
وبعنوانه «ويني ذا بو: استكشاف قصة كلاسيكية»، يحاول المعرض استكشاف ما خلف عالم «بو» من خلال استعراض بعض الصور الأصلية للكاتب ميلن وابنه كريستوفر روبن، إضافة إلى تجسيد لبيت ميلن مكتملا بحجرة نوم الطفل كريستوفر روبن، حيث بدأت كل الحكايات وعلاقة الطفل مع الدب اللعبة التي ابتاعها له والداه من متجر «هارودز» بمناسبة عيد ميلاده الأول. وأطلق الطفل اسم «ويني ذا بو» على اللعبة الأثيرة لديه مستعيرا اسم دبة حقيقية في حديقة حيوان لندن تدعى «ويني» ويضم المعرض صورة فوتوغرافية لكريستوفر روبن إلى جانب الدبة ويني.
في حجرة كريستوفر روبن كما نراها في المعرض، هناك سرير صغير وإلى جانبه أرفف عليها ألعاب محشوة تمثل الحيوانات المختلفة في عالم «بو» من تلك الحجرة نرى بابا صغيرا جدا يمر منه الصغار من زوار المعرض، هذا الباب يفضي لعالم الغابة حيث يجمح الخيال ويكون قصصا طريفة لحيوانات محببة، وإن كان منسقو المعرض حرصوا على أن تكون الغابة مكانا يصلح للعب أيضا حيث يمكن للأطفال الجري بين الأشجار الورقية المرسومة وكأنها خرجت من صفحات القصص، وأيضا المشاركة في لعبة رمي العصي في النهر التي لعبها «بو» مع صديقه كريستوفر روبن أو الجلوس على مقاعد صغيرة للرسم والتلوين. كما يتعلم الزائر الصغير بعض المعاني السامية التي حرص ميلن على وجودها في القصص مثل التعاون الذي يتجسد من خلال اشتراك «بو» مع «بيغلت» في بناء بيت خشبي للحمار «إيور» ليحميه من برد الشتاء، هناك أيضا معان أخرى في عالم بو تمثل الصداقة والمتع البسيطة ومخيلة الأطفال المتشوقة للمعرفة.
أيضا يصور المعرض العلاقة بين ميلن وشيبارد التي أنتجت بعض أشهر كتب الأطفال في العالم، ويكفي أن نعرف أن شكل الدب «بو» تطور من الدب الذي احتضنه كريستوفر روبن في نومه إلى شكل دب آخر كان ملكا لأحد أطفال الرسام شيبارد. ومن الصعب تخيل وجود كلمات ميلن التي تتسم بالطرافة والغرابة في بعض الأحيان واختراع كلمات جديدة، دون رسومات شيبارد التي جسدت كل تلك المعاني في خطوط وأشكال شغلت خيال أجيال من الأطفال.
وللكبار الذين سيمرون بتلك الغابة هناك الجانب التوثيقي عبر عرض لكل تلك الرسومات الأصلية بريشة شيبارد وأيضا عبر صوت ميلن وهو يروي إحدى القصص في غرفة معتمة تتراقص حروف الكلمات على سقفها عبر عرض ضوئي.
يستعرض «ويني ذا بو: استكشاف قصة كلاسيكية»، 90 عاما من تاريخ الدب «بو» ومن أجل خلق ذلك المعرض الممتع غاص معدوه في أرشيفات «فيكتوريا آند ألبرت» وشركة «والت ديزني» و«شيبارد ترست» و«جامعة صاري» من أجل الحصول على 230 رسما تعرض هنا، بعضها يعود إلى العشرينات من القرن الماضي. وإلى جانب الرسومات هناك نسخ أولى من القصص والوثائق والصفحات التي تحمل تعليقات الكاتب وتصحيحات من الرسام.
خلال اليوم الأول للمعرض الذي خصص لأعضاء المتحف تجول مدير «فيكتوريا آند ألبرت» تريسترام هانت بين الزوار حاملا معه قلما ودفترا صغيرا ليسجل الملاحظات وتوقف ليتحدث مع الزوار حول محتويات المعرض. وأشار هانت إلى سعادته بعودة شخصية «ويني ذا بو» للمتحف بعد 40 عاما على آخر معرض لها، معلقا أن المعرض الحالي يضم أضخم مجموعة من الرسومات الأصلية المرسومة بالرصاص لإي إتش شيبارد. كما علقت منسقة المعرض إيما لاوس: «نريد أن نشغل خيال الأطفال وأن نجعلهم، بعد أن يزوروا المعرض، ينشغلون بخلق عالم خيالي خاص بهم بالكلمات والرسومات».
* معرض «ويني ذا بو: استكشاف قصة كلاسيكية» في متحف فيكتوريا آند ألبرت من 9 ديسمبر (كانون الأول) 2017 حتى 8 أبريل (نيسان) 2018.



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».