«حزب الله» تحت اختبار «النأي بالنفس» مجدداً

نائب حليف للحزب: القرار ملزم للحكومة لا للأفرقاء السياسيين

جانب من اجتماع الحكومة اللبنانية أمس بعد توقف لأسابيع (دالاتي ونهرا)
جانب من اجتماع الحكومة اللبنانية أمس بعد توقف لأسابيع (دالاتي ونهرا)
TT

«حزب الله» تحت اختبار «النأي بالنفس» مجدداً

جانب من اجتماع الحكومة اللبنانية أمس بعد توقف لأسابيع (دالاتي ونهرا)
جانب من اجتماع الحكومة اللبنانية أمس بعد توقف لأسابيع (دالاتي ونهرا)

بدا إعلان الحكومة اللبنانية، أمس، التزامها «بكل مكوناتها السياسية النأي بنفسها عن أي نزاعات أو صراعات أو حروب أو الشؤون الداخلية للدول العربية» مخرج تسوية للأزمة السياسية، وافق عليها «حزب الله»، رغم أن قرار «ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية»، الوارد في خطاب القسم للرئيس اللبناني ميشال عون، والبيان الوزاري للحكومة الحالية، لم يمنعه من تخطي التوافق اللبناني الرسمي في وقت سابق.
ويتضمن القرار الحكومي الأخير، الذي أعلنه رئيس الحكومة سعد الحريري أمس، ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري نفسيهما، اللذين كرسا موقف حكومة الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي حول «النأي بالنفس» عن أزمات المنطقة، لكن الحزب لم يلتزم به في السابق، حيث توسع انخراطه في الأزمة السورية، من القتال «لحماية المقامات الدينية» كما قال، إلى إعلان الأمين العام للحزب حسن نصر الله أنه «حيث يجب أن نكون، سنكون»، وهو ما يرسم شكوكاً هذه المرة حول التزام الحزب الذي لا تزال قواته تنتشر في الميدان السوري.
وفي حين لم يظهر أي موقف اعتراضي من الحزب حول مضمون البيان الوزاري الذي بات ملزماً لأطراف الحكومة، التي تضم ممثلين اثنين عن الحزب في مكوناتها، يحاول حلفاء الحزب التفريق بين موقف الحكومة وموقف الأفرقاء السياسيين من أزمات المنطقة، إذ يؤكد النائب اللبناني في البرلمان كامل الرفاعي، أحد حلفاء الحزب، أن القرار الأخير «ملزم للحكومة وأعضائها، لكن ذلك لا يمنع الأفرقاء السياسيين في البلد من التعبير عن موقفهم»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الالتزام الحكومي «يعني أن أعضاءها سيكونون ملتزمين بعدم زيارة دمشق، مثلاً، وكذلك سيلتزمون بقرارات الجامعة العربية، ولا يبدون رأيهم بشؤون الدول العربية، لكن ذلك لا يتعارض مع حق الآخرين من التعبير عن موقفهم». وذكّر بأن وزراء الحزب أو وزراء آخرين حين زاروا سوريا «فإنهم زاروها بصفة شخصية وغير رسمية». وأكد الرفاعي أن «ثمة توافقاً حكومياً على القرار الأخير»، ودعا «جميع الأطراف اللبنانية للالتزام بالقرارات الحكومية».
ورغم إحالة المقربين من الحزب قضية تدخله في سوريا في وقت سابق إلى تبرير مفاده أن «الحزب لم يكن وحيداً بين الأطراف اللبنانية التي تدخلت في الأزمة السورية»، فإن تدخله كان خرقاً مفضوحاً للقرارات اللبنانية الرسمية المتعلقة بالنأي بالنفس. غير أن الظروف اللبنانية هذه المرة تبدلت، فقد أعلن نصر الله في وقت سابق أن الحرب ضد «داعش» في سوريا والعراق «باتت على نهايتها»، ما يعني أن الحزب يقترب من الانسحاب من البلدين. إضافة إلى ذلك، أعلن في خطابه الأخير أن الحزب لم يرسل أسلحة إلى اليمن.
وتعول الأطراف اللبنانية على التزام الحزب بالانسحاب العملي من أزمات المنطقة، حيث أعرب مستشار رئيس حزب «القوات اللبنانية»، العميد المتقاعد وهبة قاطيشا، عن أمله في أن يلتزم الحزب «بالنأي الفعلي بالنفس عن تلك الأزمات»، مضيفاً أن «التجارب السابقة لا تشجع على الجزم بذلك». لكنه في الوقت نفسه، أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الظروف تغيرت الآن، ولم تعد الظروف لصالحه في المنطقة، وهو ما يدفعه للتقيد بالقرارات الرسمية اللبنانية، والرضوخ لها»، وقال: «أعطينا الحزب الآن فرصة لتأكيد التزامه بالقرار الحكومي اللبناني».
وأشار قاطيشا إلى أن السقف الزمني لانسحاب الحزب من أزمات المنطقة موجود، لكنه يبدي واقعية في الإعلان عن أن «الانسحاب الجسدي يحتاج إلى وقت، ويتحقق ضمن المحادثات بين الحكومة ورئيس الجمهورية». ومع تأكيده أن «الوقت ضاغط لإثبات الالتزام بالنأي الفعلي بالنفس عن تلك الأزمات»، قال: «لا نعرف حتى الآن إذا كان تأييد الحزب للقرار الحكومي لعبة لكسب الوقت، أو هو مقتنع بضرورة انسحابه من أزمات المنطقة»، مشدداً على أن الحزب الآن «تحت الاختبار».
وحول تبدل الظروف بين عامي 2012 و2017، أوضح قاطيشا أن الظروف المختلفة في هذا الوقت «تتمثل في أن (داعش) انتهى في سوريا التي تتجه إلى حل سياسي قد لا يكون له فيه أي دور، بالنظر إلى أن الدور الحالي ينحصر في روسيا والمعارضة السورية، ما يعني أنه لا دور عسكري له فيها بعد الآن». أما في العراق، فإن «الحراك الشعبي يؤكد أن العراق عربي وليس إيرانياً، ما يعني أن هناك رفضاً لإيران في العراق»، لافتاً إلى أن «تحالف الحوثي في اليمن تشقق». وأضاف: «هذه التطورات تعني أنه على مستوى المنطقة، فإن التطورات ليست لصالحه، وتفرض تلك الوقائع عليه واقعاً يتمثل بضرورة أن تكون الساحة اللبنانية مستقرة حتى لا يدفع أثماناً غالية».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.