تونس تؤكد التزامها مواصلة الإصلاحات الاقتصادية

TT

تونس تؤكد التزامها مواصلة الإصلاحات الاقتصادية

أكدت السلطات التونسية من جديد التزامها بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذ مجموعة من التوصيات التي اشترطها صندوق النقد الدولي لمواصلة تمويل الاقتصاد التونسي وتوفير السيولة المالية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود.
وكان اللقاء الذي جمع زياد العذاري الوزير التونسي للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي ببعثة من صندوق النقد التي يترأسها روذر بيورن، مناسبة لعرض أحدث المؤشرات حول تطور الوضع الاقتصادي والمالي في تونس خلال الفترة الراهنة، والآفاق المتاحة لتحسنه في ظل ما شهدته عدة مؤشرات من تطور ساهمت في تحقيق نمو إيجابي ناهز 2.1 في المائة خلال الربع الثالث من السنة الحالية.
واستعرض العذاري مجموعة الإصلاحات التي شرعت الحكومة في تنفيذها منذ 2015، خاصة المتعلقة منها بتحسين مناخ الاستثمار وسن قانون جديد للاستثمار وانطلاق الهيئة التونسية للاستثمار في النشاط الفعلي خلال بداية السنة المقبلة، إلى جانب عدد من القوانين والإجراءات الهادفة إلى إصلاح الاقتصاد التونسي.
وفي المقابل، أكدت بعثة الصندوق التي تواصل زيارتها إلى تونس حتى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حرصها على متابعة برنامج التعاون بين الجانبين، وسعت إلى الاطلاع عن كثب على تطور الأوضاع الاقتصادية في تونس والآفاق المتاحة لتحسينها وما تم إقراره من إجراءات إصلاحية لاستعادة نسق النمو والمحافظة على التوازنات المالية الإجمالية.
وفي هذا الشأن، قال عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي والمالي التونسي إن صندوق النقد سيفرج في نهاية الأمر عن القسط الثالث من القرض المتفق بشأنه مع السلطات التونسية، لأنه التزم بدعم الاقتصاد التونسي.. ولكنه سيظل متابعا بصفة لصيقة لكل القرارات والإجراءات الهادفة إلى إصلاحات اقتصادية كبرى، على حد تعبيره.
وتنتظر الحكومة التونسية إفراج الصندوق عن القسط الثالث من القرض المقدر بمبلغ إجمالي في حدود 2.9 مليار دولار يصرف على أقساط متتالية كلما تقدمت السلطات في تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية، تشمل عددا من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، من بينها صندوق الدعم والجهاز البنكي وكتلة الأجور وعدد العاملين في القطاع العام.
وأجل الصندوق في يونيو (حزيران) الماضي حصول تونس على القسط الثالث المقدر بنحو 350 مليون دولار في انتظار الوقوف على مزيد من الإصلاحات والإجراءات الحكومية الرامية إلى تعديل المؤشرات الاقتصادية. ومن المنتظر وفق توقعات المسؤولين عن الشأن الاقتصادي التونسي أن يتم صرفه نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.
ويخضع الاقتصاد التونسي لمجموعة من الضغوط الداخلية، ممثلة في نقابات العمال والأحزاب المعارضة التي ترفض سياسة التقشف المنتظرة من قبل الحكومة، علاوة على الضغط على المصاريف ومراجعة منظومة دعم المواد الاستهلاكية والحد من كتلة الأجور. ويعاني الاقتصاد من ناحية أخرى من كم هائل من الضغوط الخارجية، إذ إن معظم هياكل التمويل الدولية تنتظر موافقة الصندوق على الأقساط الجديدة من القرض للإفراج بدورها عن مجموعة من القروض التي يحتاجها الاقتصاد التونسي بقوة.
وتعرف ميزانية تونس عجزا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة نتيجة ضعف الموارد المالية الذاتية وارتفاع النفقات العامة، خصوصا كتلة أجور القطاع العام التي تجاوزت نسبة 14 في المائة. وقدر هذا العجز بنحو 6.1 في المائة، في حين أن حجم الدين العمومي من المنتظر أن يرتفع إلى حدود 69.6 في المائة مع نهاية السنة الحالية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.