التحالف الدولي يؤكد لقاءات مباشرة بين الجيشين الأميركي والروسي

3 آلاف «داعشي» يقاتلون في سوريا والعراق

نازحون من دير الزور إلى مخيمات قرب الحسكة شمال سوريا بدأوا بالعودة إلى مناطقهم (مواقع التواصل)
نازحون من دير الزور إلى مخيمات قرب الحسكة شمال سوريا بدأوا بالعودة إلى مناطقهم (مواقع التواصل)
TT

التحالف الدولي يؤكد لقاءات مباشرة بين الجيشين الأميركي والروسي

نازحون من دير الزور إلى مخيمات قرب الحسكة شمال سوريا بدأوا بالعودة إلى مناطقهم (مواقع التواصل)
نازحون من دير الزور إلى مخيمات قرب الحسكة شمال سوريا بدأوا بالعودة إلى مناطقهم (مواقع التواصل)

قال المتحدث الرسمي بأسم التحالف الدولي ضد داعش الكولونيل رايان ديلون إن عمليات التحالف الدولي ضد «داعش» تشهد «نقطة انعطاف» مع تهاوي قوة التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق بعد استعادة كل من الرقة والموصل، مقدّرا عدد المقاتلين المتبقيين في المنطقة بنحو ثلاثة آلاف.
وقال ديلون في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» على هامش جلسة صحافية عقدها في لندن أمس، إن التحالف الدولي يتواصل مع القوات الروسية «عدة مرات خلال اليوم، عبر خطين أحدهما جوي والآخر أرضي»، مضيفا أن الجانبين عقدا ثلاثة لقاءات «وجها لوجه» على الأقل خلال الأشهر الماضية، موضّحا أن كلها تهدف إلى «تفادي الاصطدام وضمان أمن الطواقم الجوية وقواتنا على الأرض». واعتبر ديلون أن «خط عدم الاشتباك» فعّال وضروري، وسمح لنا بمحاربة «داعش».
وحول التهديد التركي بقصف مدينة عفرين، حيث تتركّز قوات سوريا الديمقراطية، أوضح ديلون أن «لا وجود للتحالف الدولي في مدينة عفرين، ونحن نركّز في الوقت الحالي على العمل مع حلفائنا على الأرض لتطهير ما تبقى من المناطق التي يوجد فيها (داعش) وسط نهر الفرات». واستدرك: «تركيا عضو في التحالف وحلف الناتو، وأي شيء يبعدنا عن الحرب ضد (داعش) يدعو إلى القلق».
وعودة إلى «نقطة الانعطاف» التي تشهدها عمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا والعراق، أوضح ديلون في الجلسة الصحافية أن التنظيم أصبح عاجزا عن إطلاق عمليات عسكرية كبيرة، لكنه لا يزال يمثّل تهديدا. وقال إن «التحالف ينظر إلى العدو، ويراقب كيف يتكيف، حتى نتمكّن من تقديم الدعم لشركائنا الذي يحتاجون إليه لتحقيق هزيمة مستدامة لـ(داعش) في العراق وسوريا». وأشار ديلون إلى أن عدد الغارات الجوية التي شنّها ضد التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق انخفض من 1500 غارة في سبتمبر (أيلول)، إلى 700 في أكتوبر (تشرين الأول)، إلى 200 في نوفمبر (تشرين الثاني).
وشرح المتحدّث بالقول: «بينما نواصل دعم الشركاء السوريين بطرق مختلفة، سأشير أيضاً إلى أننا نقوم بتصميم دعمنا ليعكس احتياجات شركائنا على أرض الواقع. فعلى سبيل المثال، سيعود ما يزيد على 400 من مشاة البحرية الأميركية قريباً إلى بلادهم من دون أن يتم استبدالهم». وتابع أنه مع انتهاء العمليات القتالية الرئيسية، ثمة حاجة إلى عدد أقل من العناصر لدعم شركائنا على الأرض.
وأكد ديلون أن «جهاز البروبغندا» الذي أنشأه «داعش» في طريقه إلى الاختفاء بعد الخسائر الكبيرة التي تكبّدها، لافتا إلى أن المجلة الإلكترونية الشهرية «رومية» التي كان ينشرها بلغات متعددة توقفت عن الصدور منذ 90 يوما على الأقل. وأضاف المتحدّث أنه رغم انخفاض مستوى الإصدارات المتطرفة، لا يزال بعض العناصر ينشرون محتوى إرهابيا على الإنترنت باستخدام هواتف نقّالة وأجهزة كومبيوتر.
وفي إطار التقدّم الذي أحرزه التحالف وحلفاؤه في سوريا، قال ديلون إنه منذ تحرير الرقة في أكتوبر، حافظت قوات سوريا الديمقراطية على زخمها في تقدمها ضد «داعش» في منطقة الخابور ووسط نهر الفرات، وذلك بدعم مستمر من التحالف. ولفت إلى أن قوات سوريا الديمقراطية نجحت في تطهير أكثر من 4300 كيلومتر مربع منذ بداية عملية «عاصفة الجزيرة» في سبتمبر. وقد عمدت قوات سوريا الديمقراطية إلى عزل الجيوب المتبقية من مقاتلي «داعش» على طول الضفة الشرقية لنهر الفرات وتطهير المناطق بشكل منهجي إلى الغرب في المنطقة الصحراوية على طول الحدود مع العراق، وفق المتحدّث.
وفي حديثه عن الوضع في الرقة بعد تطهيرها من التنظيم الإرهابي، أكد ديلون أن أفراد قوات سوريا الديمقراطية وقوات الأمن الداخلي في المدينة ما زالوا يبحثون ويتخلصون من الأجهزة المتفجرة المرتجلة، والأفخاخ المتفجرة التي أخفاها الإرهابيون داخل المنازل.
وفي الشهر الماضي، وفي الكثير من أحياء الرقة، سلمت قوات سوريا الديمقراطية مهام الحفاظ على الأمن إلى «قوة الأمن الداخلي في الرقة»، وانتقل عدد من أفراد «قسد» الذي هم من أبناء الرقة المحليين، إلى الأمن الداخلي للمدينة الذي يضمّ 3000 عنصر.
إلى ذلك، يركّز التحالف الدولي على تمكين شركائه المحليين من التركيز على الانتعاش والاستقرار في مجتمعاتهم المحلية. ولفت ديلون إلى أن «المجلس المدني في الرقة يحرز تقدماً في جهود تحقيق الاستقرار في الرقة والمناطق المحيطة بها»، لافتا إلى أن التحالف قدّم معدات البناء إلى مجلس الرقة المدني، بما في ذلك 25 شاحنة قلابة و20 قلابة أمامية للمساعدة في إزالة الحطام.
وفي استعراضه للعمل الذي يقوم به المجلس المدني في الرقة، ضرب ديلون مثالا بجهود الأخير على إعادة الأطفال إلى صفوفهم: «وهذه أولوية رئيسية في منطقة لم تشهد التعليم الرسمي لمدة خمس سنوات. وقد قام المركز بتدريس واستئجار مدرسين مؤهلين، وبدأ في إعادة تأهيل الفصول الدراسية، ويقدم حالياً الكتب لعشرين ألف طالب في 56 مدرسة»، على حد قوله.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.