غضب شعبي في اليمن بعد مقتل صالح

أنصار الرئيس السابق توعدوا الحوثيين بردٍ قاسٍ

غضب شعبي في اليمن بعد مقتل صالح
TT

غضب شعبي في اليمن بعد مقتل صالح

غضب شعبي في اليمن بعد مقتل صالح

اعتبر سكان في عدد من المدن اليمنية أن مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح أمس، سيزيد من إشعال حرب الشعب اليمني لاجتثاث ميليشيات الحوثي الانقلابية، مشيرين إلى أنه على الرغم من أن صالح كان حليفا لميليشيات الحوثي وأنه هو الذي قاد البلاد إلى الفساد والهاوية على مدى 33 عاما، فإنهم مصدومون لطريقة مقتله من قبل الميليشيات الحوثية.
وقال سكان في تعز تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» إنهم لم يكونوا يتمنون الموت لصالح، خاصة بعدما أطلق الانتفاضة الشعبية الأخيرة ضد الميليشيات الانقلابية الحوثية، وهي الانتفاضة التي استجاب لها غالبية المواطنين اليمنيين.
وعموماً، استقبل الشارع اليمني خبر مقتل علي عبد الله صالح، بصعوبة، إذ لم يصدق كثير من اليمنيين الخبر في البداية، إلى أن بثت صور مقتله من قبل وسائل الإعلام المختلفة. وسخر عدد من اليمنيين من الكلمة «الباردة» التي تحدث بها زعيم ميليشيات الحوثي عبد الملك الحوثي، بعد عملية قتل صالح، والتي بدا فيها الحوثي مسرورا، وصف يوم مقتل صالح بأنه «استثنائي وتاريخي».
وعبر عدد من المواطنين في مدينة تعز والحديدة الساحلية عن استيائهم لإعدام صالح من قبل ميليشيات الحوثي، لأنهم كانوا يأملون في نجاح الانتفاضة الشعبية التي قام بها صالح وأنصاره ضد الحوثيين، آملين أن تخلصهم هذه الانتفاضة من ميليشيات الحوثي المهيمنة على محافظة الحديدة بشكل كامل، وتعز المحاصرة منذ ما يقرب من الثلاثة أعوام.
كما زاد الغضب الشعبي في العاصمة صنعاء لدى أنصار صالح الذين توعدوا «الحوثيين بالرد القاسي، وتطهير العاصمة صنعاء منهم، وأكدوا أن الحرب الحقيقية لاجتثاث ميليشيات الحوثي من كهوفهم في مران وفي جميع المحافظات اليمنية قد بدأت للتو».
ورأى آخرون أن إعدام صالح سيكشف في المرحلة المقبلة مدى قوة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مواجهة ميليشيات الحوثي. وعلق الدكتور عبده سعيد مغلس، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، قائلاً إن «مقتل الرئيس السابق طوى صفحة من تاريخ اليمن سيسجل التاريخ ما لها وما عليها، وما نعيشه نتاجها». واعتبر أن الحدث يفضح منهج ميليشيات الانقلاب الحوثية الذين لا يقبلون أحدا». وتابع في نشره موقع «التغيير» اليمني الإخباري المستقل: «نهج الشرعية ومسارها واضح ومحدد من قبل الحادث وسيستمر بعده، ويدها ممدودة لكل من ينظم لها ومشروعها، وعلى الجميع وخصوصاً أنصار المؤتمر الشعبي العام والمترددين والمحايدين الالتفاف اليوم مع الشرعية ونهجها ومسارها لاستكمال التحرير وبناء الدولة الاتحادية». وأضاف: «ليكن شعارنا جميعاً شرعية ومشروع وتحالف وتحرير، وبذلك ننقذ الوطن من مآلات صراع الطائفية والمذهبية والمناطقية التي تخطط لها إيران وأدواتها».
كذلك تزايد الخوف والقلق وسط سكان صنعاء بعد تأكد خبر مقتل صالح من قبل الميليشيات الحوثي، خصوصاً مع توالي الانفجارات في عدد من الشوارع وسماع إطلاق الرصاص.
وقال أحد سكان حي الجزائر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، يدعى محمد لكنه رفض الكشف عن هويته بالكامل: «نعيش في قلق يومي ولا ندري ما الذي نفعله أو أين نخرج. لا نقتات منذ أربعة أيام إلا ما يوجد في المنزل لكون المنطقة التي نحن فيها خطرة جدا للغاية، وأطفالي يبكون يومياً. نريد الخلاص والخروج من هذا المأزق. أريد فقط أن أخرج أطفالي وأسافر فيهم إلى ريف تعز»، مؤكدا أنه «بعد سماع خبر مقتل صالح، زاد الخوف والقلق من أن يتكثف تبادل إطلاق النار في صنعاء دون احترازات أمنية مما يتسبب في سقوط ضحايا من المدنيين». وتابع: «أنقذونا، أوصلوا أصواتنا جميعا في هذا المربع، من شارع الجزائر وحتى شارع الستين وبغداد. الناس تموت جوعا ولا تسمع غير بكاء أطفالهم، والمحلات التجارية أغلقت أبوابها والعمال داخل هذه المحلات، وهم على وشك الموت إذا لم يجدوا من ينقذهم أو يغيثهم».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.