موازنة العراق تدخل سوق المساومات السياسية

نائب كردي: لا عوائد لإقليم كردستان حتى يسلمها لبغداد

TT

موازنة العراق تدخل سوق المساومات السياسية

بينما حذرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق من مغبة تأخير إقرار الموازنة المالية لعام 2018، بدأت اللجنة المالية في البرلمان العراقي دراسة السبل الكفيلة بتخطي العقبات التي حالت دون إقرارها خلال الجلسة الاستثنائية التي عقدها البرلمان الأحد الماضي.
وأكدت مفوضية الانتخابات في بيان على ضرورة إقرار الموازنة في موعد أقصاه العشرين من الشهر الحالي لارتباط ذلك بإطلاق الأموال المخصصة لإجراء الانتخابات البرلمانية العام المقبل مع عدم إمكانية إجرائها في الموعد المحدد لها في شهر مايو (أيار) المقبل في حال فشل البرلمان في التوصل إلى صيغة لإقرارها.
وفي سياق ذلك بدأت القوى السياسية ماراثونا سياسيا بين من يريد تأجيل الانتخابات بحجة الخلافات التي تؤدي في كل مرة إلى عدم إكمال النصاب للتصويت عليها وبين من يريد إجراء الانتخابات في موعدها بسبب ما يترتب على التأجيل من فراغ دستوري. وفي محاولة أخيرة لعدم إرجاع الموازنة إلى الحكومة لإجراء التعديلات اللازمة عليها، أكدت عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار الدكتورة ماجدة التميمي لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة المالية ستعمل على عدم إعادتها إلى الحكومة في أي حال من الأحوال وحسم الخلافات الخاصة بها وبالتالي عقد جلسة استثنائية للبرلمان للتصويت عليها خلال الفترة المقبلة». وأضافت التميمي أن «الاعتراضات الرئيسية حول مشروع قانون الموازنة جاءت من ثلاثة أطراف هي التحالف الكردستاني الذي يعترض على النسبة الخاصة بكردستان والتي حددت بـ12.67، بينما هم متمسكون بنسبة 17 في المائة مثلما كانت عليه طوال الأعوام الماضية». وأضافت التميمي أن «الاعتراض الثاني جاء من نواب محافظة البصرة الذين يريدون نسبة 50 في المائة من إيرادات المنافذ و5 في المائة من الإيرادات النفطية، بينما الاعتراض الثالث هو من قبل تحالف القوى العراقية الذي يريد نسبة تعيينات عالية كون مناطقهم تضررت بعد اجتياح داعش لها عام 2014».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني ريبوار طه لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف الكرد من موضوع الموازنة واحد بصرف النظر عن الخلافات السياسية بين الأحزاب السياسية الكردية»، مبينا أن «هذه القضية هي قضية شعب كردي وليست قضية أحزاب أو كتل سياسية». وأشار إلى أن «الموقف الحالي من الموازنة في غاية الصعوبة، حيث لا توجد حتى الآن مؤشرات على إمكانية ردم الفجوة الخاصة بالخلافات بين الأطراف المختلفة»، موضحا أن «المطلوب هو تعديلها بما يتناسب مع حقوق كل الأطراف دون غبن حق أحد تحت أي ذريعة».
ومع دخول الموازنة سوق السجالات والمساومات السياسية، أكد كل من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ونائبه نوري المالكي على ضرورة الإسراع في إقرار الموازنة وإعادة النازحين إلى المناطق المحررة. وقال مكتب المالكي في بيان له إن الأخير «استقبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والوفد المرافق له، وجرى خلال اللقاء بحث التطورات والمستجدات السياسية والأمنية في البلاد والمنطقة». وأضاف المكتب أن «الجانبين أكدا على ضرورة توحيد الخطاب السياسي والعمل على تجاوز المشاكل والخلافات سيما ما يتعلق بالحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، والإسراع في إقرار الموازنة الاتحادية، واحترام التوقيتات الزمنية لإجراء الانتخابات وتوفير الأجواء المناسبة لإعادة النازحين إلى المناطق المحررة».
وفي السياق نفسه، دعا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلى أهمية احترام التوقيتات الدستورية بإجراء الانتخابات، وذلك خلال حضوره احتفالية أقامها المجمع الفقهي في بغداد أمس.
إلى ذلك، وفيما تصر الحكومة الاتحادية على أن تسلم حكومة إقليم كردستان الإيرادات، بما فيها النفطية، إليها لكي تدفع رواتب موظفي الإقليم، قال نائب في البرلمان الكردستاني إن الإقليم لا موارد له حتى يسلمها. وقال علي حمة صالح، عضو لجنة الموارد الطبيعية ببرلمان كردستان، لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد سيطرة القوات الاتحادية على كركوك والمناطق المتنازع عليها، واستعادتها حقول وآبار نفط (باي حسن وهافانا وجمبور) وغيرها، لم تعد بيد حكومة الإقليم سوى الآبار النفطية التي بقيت ضمن سلطتها حسب الدستور والتي تنتج كميات تتراوح بين 200 - 250 ألف برميل من النفط يوميا تصدر عبر الموانئ التركية، وهذه الكميات لا تكفي لسد احتياجات الإقليم من الموارد الكافية لدفع رواتب موظفيه، وهذا يعني أننا مقبلون على كارثة معيشية إذا لم يتم تدارك الوضع، وخصوصا إذا لم تستجب الحكومة الاتحادية لنداءات إرسال حصة إقليم كردستان من الموازنة الاتحادية، فالإقليم فقد تماما كل إمكانياته المالية بالإضافة إلى عوائده النفطية».
وأضاف النائب أن «العوائد النفطية الحالية للإقليم تذهب لتسديد الديون التي تسلمتها حكومة الإقليم في وقت سابق، وهي ديون اتفقت هذه الحكومة أن تدفعها بالنفط، وهذا أحد أسباب السياسة النفطية الفاشلة التي اعتمدتها حكومة الإقليم وبالأخص وزارة الموارد الطبيعية (النفط) خلال السنوات الماضية». وحول تطورات قضية استدعاء وزير الموارد آشتي هورامي لمساءلته من قبل البرلمان حول تلك السياسة قال حمة صالح: «نريد أن نستدعي الوزير لكي نسأله عن أسباب فشل جولات التفاوض السابقة التي أجريت مع الحكومة الاتحادية، وكذلك سؤاله عن مصير الديون الهائلة التي اقترضتها حكومة الإقليم وأن تدفع مقابلها النفط، بالإضافة إلى أننا نريد أن نسأله عن مصير العوائد الكبيرة خلال السنوات الثلاث الماضية وأين ذهبت، ولماذا عجزت الحكومة عن دفع رواتب الموظفين رغم تلك العوائد، وأخيرا أن يوضح لنا العقود النفطية التي أبرمتها وزارته مع الشركات الأجنبية وطبيعة تلك العقود وتفاصيلها».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».