المعارضة تحذر من عرقلة «جنيف» لصالح «سوتشي»

لا تعول على المرحلة الثانية وأقصى ما تتوقعه «المفاوضات المباشرة»

وفد هيئة التفاوض يتجه لجلسة مع المبعوث الدولي في جنيف الجمعة الماضي (أ.ب)
وفد هيئة التفاوض يتجه لجلسة مع المبعوث الدولي في جنيف الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

المعارضة تحذر من عرقلة «جنيف» لصالح «سوتشي»

وفد هيئة التفاوض يتجه لجلسة مع المبعوث الدولي في جنيف الجمعة الماضي (أ.ب)
وفد هيئة التفاوض يتجه لجلسة مع المبعوث الدولي في جنيف الجمعة الماضي (أ.ب)

لا تعوّل المعارضة السورية كثيراً على ما قد تحمله المرحلة الثانية من الجولة الثامنة في مفاوضات جنيف انطلاقاً مما انتهت إليه المرحلة الأولى، وما رافقها من مواقف على لسان وفد النظام الذي ترجح عودته إلى سويسرا بعدما كان غادرها يوم الجمعة الماضي. ومع يقينها بما يقوم به النظام ومن خلفه روسيا في محاولة لإنهاء دور «جنيف» عبر تركيز الاهتمام على ما بات يعرف بـ«مؤتمر الحوار الوطني» في سوتشي، ترى أن أقصى ما قد يتحقق في اجتماعات الأيام المقبلة التي ستبدأ غداً (الثلاثاء)، وهو ما ستسعى إليه، بدء المفاوضات المباشرة، رغم انقسام الآراء بشأن فعاليتها أو عدمها بين ممثلي وفد المعارضة.
وبعدما كان رئيس وفد النظام بشار الجعفري قد اعتبر أن جولة جنيف انتهت بالنسبة إليهم، مصرحاً بـ«أن الحكومة ستتخذ قراراً يوم الثلاثاء حول ما إذا كان الوفد سيعود أم لا»، يرى قدري جميل رئيس منصة موسكو أن عودة وفد النظام إلى جنيف شبه محسومة، بينما يقول المتحدث باسم وفد المعارضة يحيي العريضي: «لا يمكننا توقّع ما قد يقوم به النظام وهو الذي لم يأخذ المفاوضات منذ البداية على محمل الجد بعد اختياره الحل العسكري، ويقينه بأن الحل السياسي يضرّه». من جهته، يتوقّع عضو الائتلاف هشام مروة عودة وفد النظام «إلا إذا قررت موسكو التصعيد واتخذت قرار المقاطعة وهذا ما لا تعكسه المعطيات لدينا». ويوضح العريضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ليس طمعاً أو رغبة بلقاء وفد النظام، لكن إدراكاً منّا لأهمية هذا الأمر. وليس من حيث الشكل إنما من حيث الجوهر، لأن الحال القائم يعني استمرار الوضع في سوريا على ما هو عليه من الحرب والقتال واستباحة كرامة الإنسان السوري».
وفي حين يتّفق كل من مروة وجميل على عدم المبالغة في التفاؤل بإحداث أي خرق في المفاوضات ما يجعلهما يعتبران أن مطلب المفاوضات المباشرة أقصى ما يمكن التوصل إليه، يقول جميل لـ«الشرق الأوسط»: «نعتبر أن الجلوس وجهاً لوجه من شأنه أن يكون الانطلاق الفعلي والجدي لأي مفاوضات رسمية انطلاقاً من قرار مجلس الأمن 2254، وهذا ما سنسعى إليه هذا الأسبوع». وذكّر بموقفه الرافض لشرط مصير رئيس النظام المسبق الذي يستخدمه النظام حجّة لعرقلة المفاوضات، مضيفاً: «يبقى الهدف الأهم بالنسبة إلينا في هذه المرحلة هو تذليل العقبات كي نجلس على طاولة واحدة على الأقل في نهاية هذه المفاوضات أو في بداية الجولة المقبلة».
من جهته، ورغم تأكيده على أهمية المفاوضات المباشرة، يرى مروة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنها «لن تكون ذات أهمية إذا لم تترافق مع قرار وموافقة على بحث السلال الأربع، أي الحكم الانتقالي والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، والدليل على ذلك ما حصل في جولتي جنيف الأولى والثانية عام 2014 حيث لم يتم التوصل إلى أي نتيجة». من هنا، يرى مروة أن عودة وفد النظام إلى جنيف لن تكون إلا صورة طبق الأصل عن حضوره في المرحلة الأولى، وتقديمه ملاحظات على الوثيقة التي قدمها المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
ويصف العريضي المرحلة المقبلة بـ«الامتحان» بالنسبة إلى النظام ومن خلفه موسكو، وجدّيتها في إيجاد حل للأزمة السورية عبر القرارات الدولية التي وقّعتها، مع تأكيده على التمسك بـ«بيان الرياض 2» وتفاصيله، مضيفاً أن «هناك استحقاقات والتزامات وإجماعاً دولياً على الحل، في وقت يعمل طرف على العرقلة والوقوف في وجه الأمم المتحدة التي عليها القيام بدورها وإلزام الجميع بالقرارات الدولية». ويؤكد أنه إذا أرادت روسيا عبر هذه العرقلة تحويل الاهتمام إلى سوتشي، كما يتضح في بعض المعطيات، فعليها أن تدرك أن هذا الأمر لن يوصل إلى أي نتيجة، موضحاً: «الاعتقاد بأن سياسة المصالحات المحلية التي اتبعت في عدد من المناطق السورية قد تنطبق على حلّ الأزمة السورية خاطئ، لأن هذا الهدف لن يتحقّق إلا تحت المظلة الدولية التي يجسدها جنيف».
وفي حين يستبعد مروة إحداث أي خروقات في المرحلة الثانية من جنيف مع تأكيده على مرجعيته بالنسبة إلى المعارضة، يقول: «يبدو واضحاً أن النظام ومن خلفه روسيا، يحاولان تكريس فكرة عدم إنتاجية جنيف للمطالبة بعقد مؤتمر سوتشي الذي لا نرى له أي مستقبل، خصوصاً أن المجتمع الدولي لا يزال متمسكاً بمفاوضات جنيف».
في المقابل، لا يرى رئيس منصة موسكو، قدري جميل، خوفاً أو خطراً على مفاوضات جنيف رغم محاولة موسكو الدفع نحو عقد مؤتمر آخر، ويقول: «روسيا لم تحدد زمان ومكان هذا المؤتمر التي حرص مسؤولوها على تسميتها بـ(الحوار الوطني)، لغاية الآن، لكن حتى لو عقد، فهو لن يكون بديلاً عن جنيف بل داعماً له، على غرار ما حصل في (آستانة)، وذلك عبر جمعه دائرة أوسع من ممثلي المجتمع السوري بشقيه الموالي للنظام والمعارض له».
وكان المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أعلن الخميس توقف جولة المحادثات ثلاثة أيام بدءاً من السبت، على أن تُستأنف الثلاثاء حتى منتصف الشهر الحالي، بينما اعتبر رئيس وفد النظام أنها انتهت ولم يحسم قراره حول العودة إلى جنيف أو عدمها، منتقداً بيان «الرياض 2» الذي جدّدت المعارضة خلاله تمسكها بمطلب تنحي رئيس النظام بشار الأسد.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».