قلق في دمشق من «شتاء مرعب» بسبب قطع الكهرباء... و«مسلسل الكذب»

رجل يسير وسط الدمار في ريف دمشق (أ.ف.ب)
رجل يسير وسط الدمار في ريف دمشق (أ.ف.ب)
TT

قلق في دمشق من «شتاء مرعب» بسبب قطع الكهرباء... و«مسلسل الكذب»

رجل يسير وسط الدمار في ريف دمشق (أ.ف.ب)
رجل يسير وسط الدمار في ريف دمشق (أ.ف.ب)

أثارت إعادة النظام السوري العمل في برنامج «تقنين» التيار الكهربائي في مناطق سيطرته، بعد حالة من الانتعاش شهدها هذا القطاع، موجة استياء كبيرة في أوساط الأهالي، واعتبر بعضهم أن وعوده بتحسين وضعهم المعيشي والخدمات لم تتحقق عملياً.
وشهدت دمشق خلال الصيف الماضي عدم انقطاع الكهرباء على مدار اليوم، وغابت أصوات المولدات الكهربائية، وسط تصريحات لمسؤولين بأن الوضع الكهربائي يتجه إلى مزيد من التحسّن، وأن «الشعب سينعم بشتاء مستقر ودافئ» وأن المنظومة الكهربائية قادرة على توفير حاجة البلاد كاملة، وذلك بعد سيطرة النظام وحلفائه على حقول نفط وغاز في البادية الشرقية.
لكن ومع تعرض البلاد لأول موجة برد منتصف الأسبوع الماضي، فوجئ سكان دمشق والأرياف المحيطة بها بإعادة النظام العمل ببرنامج «التقنين» وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة. ولوحظ أن برنامج «التقنين» في أحياء وسط العاصمة، تضمن قطع الكهرباء عنها لفترة ساعتين وتوفيرها لساعتين في فترة النهار، مع توفيرها طوال فترة الليل، على حين تضمن في أحياء أطراف العاصمة قطع التيار لمدة أربع ساعات وتوفيرها لساعتين، وذلك على مدار الـ24 ساعة.
وأثارت هذه الحالة موجة استياء كبيرة في أوساط الأهالي، بعد تلاشي آمالهم المعقودة على الوعود التي أطلقها مسؤولون وجعلهم أمام هاجس تكرار معاناتهم المريرة مع الظلام والبرد القارس التي عاشوها خلال سنوات الحرب الماضية.
شاب يبدو في العقد الثالث من عمره، وأثناء وجوده مع عدد من الزبائن في أحد المحلات في دمشق، سخر من عودة العمل ببرنامج «التقنين» بعد كل الوعود التي منّى بها المسؤولون الأهالي. وقال: «لو ظلوا صامتين فهو أفضل لهم. هكذا يؤكدون أنهم يكذبون على الناس كما فعلوا منذ البداية عندما قالوا انتهت الحرب في أول ثلاثة أشهر للأزمة قبل سبع سنوات»، ويضيف: «مسلسل كذب طويل لن ينتهي».
ويهون برنامج «التقنين» في وسط العاصمة عما هو عليه في أطرافها الجنوبية، ذلك أن انقطاع التيار الكهربائي يصل إلى أكثر من 20 ساعة في اليوم، وفق أحد السكان، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه خلال فترة الساعتين التي يفترض أن يكون التيار الكهربائي فيها غير مقطوع «لا تأتي الكهرباء سوى 15 إلى 20 دقيقة»، ويقول ساخرا: «كهرباء لا توجد والمازوت سعره مرتفع جدا وكذلك الغاز. سنستخدم الهواء للتدفئة. نظام عتيد أعادنا للعصر الحجري».
وبررت وزارة الكهرباء تراجع مسؤوليها عن تصريحات التفاؤلية السابقة، بأن الوضع الكهربائي يتجه إلى مزيد من التحسّن، وإعادة العمل ببرنامج «التقنين»، بأنها تقوم بترميم مخازنها من الفيول «استعداداً للشتاء»، ولكن «الكميات المتوفرة حالياً لا تزال غير كافية لتغطية الذروة الشتوية، لذا قد تضطر الوزارة خلال فصل الشتاء إلى تطبيق برامج تقنين»، وإن سبب ارتباك ساعات التقنين هو «الارتفاع الكبير في الطلب على طاقة الكهرباء، واستجرار كميات كبيرة تفوق طاقة التوليد اليومية وكميات الغاز والفيول الموردة، إلى محطات التوليد».
ولاقت تبريرات الوزارة انتقادات لاذعة وسخرية كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب أحدهم: «أربع ساعات متواصلة تنقطع عنا كل يوم صباحا و3 ساعات مساء متواصلة بدأ مسلسل الكذب». وقال آخر: «أمر ليس غريبا فقط بل معيبا عندما يصدرون الكهرباء للبنان ويقطعون الكهرباء عن البلد». واعتبر آخر أن «مسلسل الفساد لم ينقطع وأيضا مسلسل الكذب»، مبديا أسفه لأن «الحكومة شاطرة لدرجة لا يسبقها أحد بالكذب ونهب الإنسان السوري»، وقال ساخرا: «شكرا حكومة».
وبعد أن وصلت نسبة إنارة المدن السورية قبل الحرب إلى مائة في المائة، تجاوز إجمالي خسائر قطاع الكهرباء في البلاد خلال سنوات الحرب 1.2 تريليون ليرة (الدولار الأميركي يساوي نحو 450 ليرة)، حيث خرجت نصف محطات التوليد عن الخدمة، وتعاني محطات التوليد، واستحالة تأمين قطع الغيار الضرورية أحياناً بسبب الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد، إضافة إلى عدم توفر السيولة النقدية والقطع الأجنبي اللازم، وانخفاض عدد الفنيين في مجال التشغيل والصيانة بسبب الظروف الأمنية، ما أدى إلى وضع حكومة النظام منذ السنوات الأولى للحرب برنامجاً لتنظيم توفير الكهرباء في دمشق وما تبقى من مناطق تسيطر عليها في البلاد.
وذكرت إحصاءات، نشرت أواخر العام الماضي، أن سوريا لا تنتج سوى نحو 1700 ميغاواط من الكهرباء من أصل تسعة آلاف ميغاواط سابقاً، حيث أدت سيطرة عناصر أكراد وتنظيم داعش وفصائل سورية معارضة على خطوط غاز ونفط إلى هذا التراجع الحاد في إنتاج الكهرباء ولم تسفر عمليات ترميم محطات الطاقة عن زيادة الإنتاج نتيجة غياب الفيول وتأخر وصوله من روسيا وإيران.
لكن النظام وبدعم من حلفائه سيطر مؤخرا على عدد من حقول النفط والغاز في شرق ووسط البلاد، في حين سيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من قبل قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية وتشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية رأس حربتها، على أكبر حقول النفط والغاز، منها حقول «العمر» و«كونوكو» في ريف محافظة دير الزور وكذلك على «سد الفرات» في محافظة الرقة.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن مصادر الطاقة التي كان يعتمد النظام عليها بشكل رئيسي قبل الحرب هي تلك التي سيطرت عليها «قوات سوريا الديمقراطية»، وأن الحقول التي سيطر عليها مؤخرا لا تنتج سوى كميات قليلة من النفط والغاز تكاد لا تسد سوى جزء يسير من حاجته من الطاقة.
ويرى متابعون للوضع في داخل مناطق سيطرة النظام، أن عدم انقطاع الكهرباء في دمشق على مدار الـ24 ساعة وفي عدد من المدن الأخرى التي يسيطر عليها خلال الصيف، هي مجرد محاولة من قبل هذا النظام للإيحاء في أوساط الدول الإقليمية والغربية بقدرته على «التعافي بسرعة وإعادة عجلة الحياة بمختلف جوانبها إلى طبيعتها».
ولفت أحدهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه المحاولة التي استخدمت وسائل إعلام في دول إقليمية لترويجها تحت عناوين منها «سوريا في زمن الحرب: كهرباء 24 ساعة»، باءت بالفشل مع أول انخفاض لدرجات الحرارة، ولكن النتيجة جاءت على عكس ما يشتهي وأثبتت أنه أعجز من أن يوفر أدنى مقومات الحياة والاستقرار للذين يعيشون في مناطق سيطرته. ويقول هؤلاء: «كل ما يردده النظام عن قدرته على تحسين الوضع في مناطق سيطرته هي مجرد أضغاث أحلام».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.