أنقرة تتحفظ على ممتلكات «ضراب» وتتهم القضاء والكونغرس بالخضوع لغولن

إردوغان: المحاكم الأميركية لا يمكنها معاقبة تركيا بشأن العقوبات على إيران

محتجون في إسطنبول أمس ضد اعتقالات قامت بها الحكومة لصحافيين وأكاديميين ومحامين (إ.ب.أ)
محتجون في إسطنبول أمس ضد اعتقالات قامت بها الحكومة لصحافيين وأكاديميين ومحامين (إ.ب.أ)
TT

أنقرة تتحفظ على ممتلكات «ضراب» وتتهم القضاء والكونغرس بالخضوع لغولن

محتجون في إسطنبول أمس ضد اعتقالات قامت بها الحكومة لصحافيين وأكاديميين ومحامين (إ.ب.أ)
محتجون في إسطنبول أمس ضد اعتقالات قامت بها الحكومة لصحافيين وأكاديميين ومحامين (إ.ب.أ)

صعدت أنقرة من انتقاداتها للنظام القضائي الأميركي على خلفية محاكمة أحد كبار موظفي بنك «خلق» الحكومي بتهمة التحايل لخرق العقوبات الأميركية على إيران في الفترة من 2010 إلى 2015، واتهمت القضاء والكونغرس الأميركيين بأنهما مخترقان من جانب حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه بالوقوف وراء محاولة انقلاب فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) العام الماضي.
كما أصدرت السلطات التركية قرارا بالتحفظ على أموال وممتلكات تاجر الذهب التركي من أصل إيراني رضا ضراب الذي تحول إلى شاهد في القضية التي بدأ نظرها يوم الثلاثاء الماضي، وقال في إفادته أمام المحكمة إن الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء، كان على علم بالأوامر الصادرة لبنك خلق بتنفيذ عمليات تبييض أموال لصالح إيران ووافق عليها.
وقال إردوغان في خطاب جماهيري بولاية كارص (شمال شرقي تركيا) أمس (السبت) إنه ليس بإمكان المحاكم في الولايات المتحدة مقاضاة تركيا في إشارة إلى محاكمة نائب رئيس بنك خلق محمد هاكان أتيلا فيما يتعلق بـ«اختراق العقوبات الأميركية على إيران» و«الاحتيال المصرفي».
واتهم ضراب، الذي قبل التعاون مع ممثلي الادعاء الأميركي في المحاكمة، مسؤولين أتراك عدة من بينهم إردوغان وعدد من وزرائه منهم وزيرا الاقتصاد ضافر تشاغلايان ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي إيجمان باغيش، اللذان استقالا بأوامر من إردوغان عقب تحقيقات أجريت في تركيا في 17 و25 ديسمبر (كانون الأول) 2013، بالمشاركة في برنامج لخرق العقوبات.
واعتبرت الحكومة التركية برئاسة إردوغان، في ذلك الوقت، هذه التحقيقات بمثابة محاولة من حركة غولن للإطاحة بها، وعوقب بالفصل أو النقل مئات من رجال الأمن ومدعي العموم الذين شاركوا في هذه التحقيقات. وتقول تركيا إن شهادة ضراب في قضية أتيلا هي محاولة لتقويض تركيا واقتصادها، بعد أن أبلغ ضراب هيئة محلفين في محكمة اتحادية بنيويورك يوم الخميس الماضي بأن إردوغان أجاز تحويل أموال في برنامج لمساعدة إيران على التحايل على عقوبات كانت تفرضها عليها الولايات المتحدة.
وتثير القضية مخاوف من احتمالات تعرض تركيا لعقوبات مالية كبيرة إضافة إلى تشويه سمعة الرئيس رجب طيب إردوغان الذي بدأ من الآن الاستعداد للانتخابات الرئاسية في 2019 والتي ستجرى وفق النظام الرئاسي للمرة الأولى بعد إقراره في استفتاء تعديل الدستور في 16 أبريل (نيسان) الماضي.
وقال ضراب إنه علم من ظافر تشاغلايان، الذي كان وزيرا للاقتصاد، أن إردوغان ونائب رئيس الوزراء وزير الخزانة، في ذلك الوقت، علي باباجان، أجازا لبنكين تركيين هما بنكا الزراعة والأوقاف تحويل أموال إلى إيران، ونفى بنك الزراعة هذا البرنامج المزعوم، كما دفع محمد هاكان أتيلا نائب رئيس بنك خلق السابق ببراءته أمام محكمة مانهاتن الاتحادية.
ووجه الادعاء الأميركي اتهامات لتسعة أشخاص في هذه القضية بالتآمر لمساعدة إيران على التملص من العقوبات، على الرغم من أن السلطات لم تلق القبض إلا على ضراب (34 عاما) في مارس (آذار) 2016 وأتيلا (47 عاما) في مارس 2017. وأقر ضراب بجميع التهم الموجهة إليه في القضية، مؤكدا أنه يتعاون مع الادّعاء العام في هذا الشأن.
وخلال إفادته في اليوم الرابع من محاكمة أتيلا، ذكر ضراب، أول من أمس الجمعة، أنهم توجهوا إلى تجارة الأغذية الوهمية بعد انتهاء تجارة الذهب، بسبب التغييرات التي طرأت على نظام تجارة الذهب على ضوء العقوبات الأميركية على إيران.
ونفى إردوغان يوم الخميس الماضي خرق بلاده لنظام العقوبات الأميركية على إيران، كما وصفت الحكومة التركية القضية المنظورة في أميركا بأنها تحمل أبعادا سياسية وليست قضائية، وحذرت من «مؤامرة ضد تركيا».
وقررت النيابة العامة في مدينة إسطنبول في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس التحفظ على جميع أموال وممتلكات ضراب وأقاربه إلى حين التحقيق في ملفاته. وقالت النيابة، في بيان، إنها حصلت على معلومات تفيد بأن ضراب والمرتبطين به «قاموا بالحصول على معلومات ينبغي أن تبقى سرية من حيث منافعها السياسية الداخلية أو الخارجية، ومن ناحية أمن الجمهورية التركية، بغرض التجسس بها لصالح دولة أجنبية ومحاولتهم لتهريب أموالهم».
وأفادت تقارير إعلامية بأن ضراب كان حول نسبة كبيرة من ممتلكاته في تركيا إلى طليقته مطربة البوب التركية إبرو جونداش التي انفصلت عنه بعد القبض عليه في مطار ميامي (شرق أميركا) في مارس 2016.
في السياق ذاته، اتهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو القضاء والكونغرس الأميركيين بأنهما مخترقان من قِبل حركة غولن، وقال خلال حفل وضع حجر الأساس لمركز ثقافي في أنطاليا أمس، إن الحكومة التركية تُدرك المؤامرات التي تحاك ضدها، والغايات التي تسعى إليها حركة غولن (التي وصفها بالمنظمة الإرهابية) عبر استخدام أجهزة القضاء الأميركي.
وأكد جاويش أوغلو أن بلاده قادرة على مقاومة جميع التحديات والمؤامرات التي تحاك ضدها، معتبرا أن حركة غولن تغلغلت أيضاً في المؤسسات الأميركية المحلية وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج.



القضاء الكوري الجنوبي يُصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
TT

القضاء الكوري الجنوبي يُصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه، فيما أعلن زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون أن بلاده اختبرت بنجاح، الاثنين، صاروخاً فرط صوتي جديداً سيساهم في ردع «جميع الخصوم» في المحيط الهادئ، على ما أوردت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية الثلاثاء.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائه نظيره الكوري الجنوبي شو تاي-يول (أ.ف.ب)

ويجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

تحاول الشرطة إيقاف المتظاهرين خلال مظاهرة ضد الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)

واضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين. وعزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن 5 سنوات.

وجاء في بيان أصدره المحققون، الثلاثاء، «إن مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر، الاثنين، دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا حوالى 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي، وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

موالون للرئيس المعزول يون سوك يول يتظاهرون في سيول صباح اليوم احتجاجاً على أمر الاعتقال (أ.ب)

وأعلن الحزب الديموقراطي المعارض، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أنه قدم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون. وطلب الجهاز المكلف التحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديموقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمض على تأسيسه أربع سنوات، ويعمل فيه أقل من مائة موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك عن اعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال، ورغبته بتولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب. وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد، وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير، الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان، يون، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران). وتبدأ المحاكمة في 14 يناير وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صادقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.

من جهة أخرى، أجرت بيونغ يانغ التجربة الصاروخية الجديدة أثناء زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى كوريا الجنوبية، وقبل أسبوعين من تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. وقال كيم الذي أشرف على عملية الإطلاق برفقة ابنته جو إي إن «نظام الصواريخ الفرط صوتي المتوسط المدى» يهدف إلى تعزيز الردع النووي للبلد تدريجياً. وأكد أن هذا السلاح الجديد «سيردع بشكل موثوق أي خصوم في منطقة المحيط الهادئ يمكن أن يؤثروا على أمن دولتنا».

وذكرت الوكالة الرسمية أنه تم استخدام «مركّب جديد من ألياف الكربون» لمحرك الصاروخ، كما «أدخلت وسيلة جديدة... إلى نظام التحكم في الطيران والتوجيه».

A photo released by the official North Korean Central News Agency (KCNA) shows the launch of an intermediate-range ballistic missile (IRBM) with a hypersonic warhead as payload, at an undisclosed location in North Korea, 06 January 2025 (issued 07 January 2025). EPA/KCNA EDITORIAL USE ONLY

ويسمح استخدام ألياف الكربون في صنع صاروخ بتخفيف وزنه، بالتالي زيادة مداه وقدرته على المناورة، لكنه يصعب السيطرة على هذه التكنولوجيا بسبب ضعف قدرة هذه المادة المركبة على مقاومة درجات حرارة مرتفعة. ويصنف صاروخ بأنه فرط صوتي حين تزيد سرعته عن 6 آلاف كلم في الساعة، ما يزيد بـ5 مرات عن سرعة الصوت.

وأوضح يانغ مو جين، رئيس جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «ما هو مقلق في هذا الصاروخ أن هذه التكنولوجيا لا تمتلكها حالياً سوى روسيا والصين والولايات المتحدة». وتابع: «من أجل الوصول إلى مثل هذه السرعة، لا بد من استخدام مواد قادرة على مقاومة ظروف قصوى».

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية أن الصاروخ أطلق من منطقة بيونغ يانغ واجتاز 1500 كلم بسرعة «ماخ 12» التي تزيد 12 مرة عن سرعة الصوت، قبل أن يسقط في بحر اليابان أو بحر الشرق، حسب التسمية الكورية. وأكد كيم جونغ أون «أن هذه الخطة والجهد هما حتماً للدفاع عن النفس وليسا خطة وعملاً هجوميّين». لكنّه شدد على أنه «لا يمكن للعالم تجاهل أداء» هذا الصاروخ القادر، على حد قوله، على «توجيه ضربة عسكرية خطرة لخصم بكسره بفاعلية أيّ حاجز دفاعي صلب». وأكد كيم أن «تطوير القدرات الدفاعية لكوريا الشمالية التي تهدف لأن تكون قوة عسكرية، سيتسارع بشكل أكبر».

وهذه أول عملية إطلاق صاروخ تقوم بها كوريا الشمالية في العام الجديد، بعد آخر عملية أجرتها في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) قبل ساعات من الانتخابات الرئاسية الأميركية. وندد بلينكن بعملية الإطلاق، مؤكداً أن بيونغ يانغ تتلقى «معدات وتدريباً عسكرياً» من روسيا.

من جانبه، ندد رئيس كوريا الجنوبية بالوكالة، تشوي سانغ موك، الثلاثاء، بـ«تهديد خطير» للأمن الإقليمي. ورأى المحللون في إطلاق الصاروخ وتصريحات كيم جونغ أون رسالة موجهة إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.