فشل مساع قطرية للتوسط بين صالح والحوثيين

الخارجية اليمنية شددت على أهمية تضافر الجهود للتخلص من دور إيران

TT

فشل مساع قطرية للتوسط بين صالح والحوثيين

أكدت مصادر مطلعة أن قطر حاولت دعم الحوثيين في خلافهم الأخير مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وذلك عبر محاولة إبطاء أي تحرك لصالح بالاتصال عليه لعرض وساطة مع المتمردين الحوثيين.
وقال مقربون من علي صالح لـ«الشرق الأوسط»، إن صالح رفض تدخل قطر ووساطتها بعد أن تلقى اتصالات قبل 72 ساعة من خطابه الذي أذيع عبر التلفاز، وحتى بعد ساعات من هذا اللقاء. وأكد أن الأمر أصبح بيد الشعب الذي يعتبر المؤتمر الشعبي جزءاً منه.
وذكر الدكتور عادل الشجاع عضو حزب المؤتمر الشعبي العام لـ«الشرق الأوسط»، أن مكتب وزير الخارجية القطري تواصل مع المكتب الخاص لعلي صالح، لطرح مبادرة وساطة بهدف تخفيف التوتر مع الحوثيين، لكن صالح رفض أن يزج بالمؤتمر الشعبي العام في يد قطر التي لها مآرب سياسية.
وأضاف أن قطر تواصلت في هذه الفترة مع وزير الخارجية الأسبق أبو بكر القربي، وأبدت رغبتها في استضافته لعرض تفاصيل الوساطة التي ترغب في القيام بها بين حزب المؤتمر الشعبي والحوثيين لاحتواء الأزمة الراهنة، ولكن رئيس المؤتمر علي صالح رفض هذه الدعوة التي أبلغهم بها القربي، وشدد على أن فرصة كافية تُركت للحوثيين لكنهم لم يستفيدوا منها.
ولفت الشجاع، إلى أن قيادة المؤتمر الشعبي تدرك أن القطريين في الوقت الراهن يبحثون عن حلفاء مؤقتين نتيجة للأزمة التي تمر بها قطر مع عدد من الدول.
وبيّن أن المؤتمر الشعبي العام يعرف أسباب تقدم قطر للعب دور الوساطة، كونها تريد في الوقت الراهن أن يكون لها موطئ قدم لتعزز من قوة الحوثي وتوفر له الاستمرار في التصعيد، رغبة منها في فتح ثغرة لاستمرار التحالف العربي في الحرب كي تتنفس من خلالها، لأنها تدرك أن هذا الاستنزاف يضعف جميع الأطراف، وبالتالي تكون قطر بمأمن في المرحلة المقبلة إذا استمرت الحرب.
ووصف ما حدث أمس في صنعاء بالثورة الشعبية التي لا يمكن التراجع عنها، مبيناً أن مجلس النواب هو من سيقود المرحلة الانتقالية إلى أن يبدأ الحوار مع جميع المكونات السياسية، لحين اختيار الشعب الذي سيقوده في المرحلة المقبلة.
إلى ذلك، لم تستبعد وزارة الخارجية اليمنية، أي تدخل لقطر بين طرفي الانقلاب، بحسب الدكتور منصور بجاش وكيل وزارة الخارجية اليمني.
وقال وكيل الوزارة لـ«الشرق الأوسط» إن قطر خرجت من التحالف العربي وتربطها الآن علاقات مع إيران، وتسعى إلى أن ترتبط بمصالحة في أي طريق ترى من خلالها خلق سياسة تتبعها، وأجندة تعمل عليها، موضحاً أنه حتى الآن لا توجد معلومات حقيقية عن التحرك الأخير لقطر، ولكن هذا لا يلغي أن قطر تتجه بسياستها يميناً وشمالاً.
واعتبر بجاش أن تصريحات صالح بادرة طيبة إن صدقت النيات، وفي حال عودة المؤتمر الشعبي العام تحت مظلة الشرعية، مشدداً على أهمية تضافر جهود الجميع من أجل التخلص من الدور الإيراني المشبوه في اليمن والمنطقة، وهي بادرة تخدم الحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي، التي من خلالها يعود اليمن لأحضان الحكومة.
ورحب بأي تواصل أو تفاهم حول عودة ما تبقى من أجزاء تقبع تحت سيطرة ميليشيات الحوثيين إلى حاضنة الحكومة الشرعية، وأن تندحر هذه الميليشيات التي لا تمثل سوى إيران وتهدف إلى زعزعة أمن واستقرار اليمن والمنطقة، مؤكداً أن الحكومة لا تعارض دخول أي حزب للمشاركة السياسية بشرط أن يكون تحت مظلة الشرعية، وأي طرف سيأتي معترفاً بشرعية الحكومة واليمن العربي، وليس اليمن الفارسي فهو مرحب به.
وفي السياق ذاته، أكد علي البخيتي العضو السابق في المؤتمر الشعبي العام لـ«الشرق الأوسط»، أن معلومات موثوقة وردت له من صنعاء تفيد بأن مسؤولين رفيعي المستوى في قطر تواصلوا مباشرة مع علي صالح، وتحديداً قبل 72 ساعة من الأحداث التي جرت أمس في صنعاء، لا سيما أنهم شعروا بأن مزاعم الحوثيين بدأت تتهاوى، للتوسط بعقد هدنة مع أنصار الله، على أن تتولى قطر ترتيب الوضع لإيجاد شراكة حقيقية في السلطة، مقابل وعود ومغريات بدعم مالي سخي للمؤتمر الشعبي العام.
وقال البخيتي: «كان المسؤولون القطريون يحذّرون علي صالح من خوض معارك مع الحوثيين لأنها ستضعفهم جميعاً، وستمكن التحالف بقيادة السعودية من السيطرة على الموقف، والمناطق التي في صنعاء وهو ما سيجعل الحوثي وصالح لا يستفيدون أي شيء».
وأكد أن صالح أبلغهم رفضه لهذه الوساطة، مبيناً أن الخيار أصبح بيد الشعب اليمني الذي ثار على الحوثيين وكان المؤتمر جزءاً من هذا الشعب، وعرض لهم ما حدث في الفترة السابقة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.