ترمب ينتصر في معركة «قانون الضرائب»

مجلس الشيوخ أقره بعد منتصف الليل

TT

ترمب ينتصر في معركة «قانون الضرائب»

أقر مجلس الشيوخ الأميركي مساء أول من أمس مشروع قانون الضرائب الذي يطمح الرئيس دونالد ترمب أن يخفض من خلاله أعباء الضرائب عن شرائح مختلفة من المجتمع.
واعتبرت وكالة الصحافة الفرنسية أن موافقة مجلس الشيوخ على القانون كانت بمثابة «انتصار مرحلي ثمين»، وقالت «رويترز» إنه سيكون «أكبر تعديل تشريعي في أميركا منذ 1980».
القانون الذي انقسم حوله الأميركيون استقبلته صحيفة «نيويورك تايمز» بلهجة نقدية لاذعة، معتبرة موافقة مجلس الشيوخ «تؤكد أن الهدف الأولي لقيادات الجمهوريين (حزب الرئيس) هو إثراء نخبة البلاد على حساب الباقين، بما فيهم أجيال المستقبل الذين سينتهي بهم الأمر لتحمل التكلفة».
ونشرت «رويترز» قبل أيام من إقرار القانون استطلاع رأي يفيد بأن 49 في المائة من الأميركيين المتابعين للقانون يعارضونه، لترتفع بذلك نسبة المعارضين للقانون في نوفمبر (تشرين الثاني) بنحو 8 في المائة عن نتائج استطلاع أكتوبر (تشرين الأول).
وانعكس ذلك الانقسام الأميركي على مناقشات مجلس الشيوخ وعملية التصويت التي انتهت قرب الساعة الثانية بعد منتصف الليل، حيث تم إقرار القانون بـ51 صوتا مقابل 46.
وصوت جميع الجمهوريين في مجلس الشيوخ باستثناء بوب كوركر مع الإصلاح الضريبي، فيما عارضته الأقلية الديمقراطية بالإجماع. وقبل التصويت، تم إقرار تعديلين أحدهما جمهوري والثاني ديمقراطي في سلسلة طويلة من عمليات التصويت.
وقال الرئيس الجمهوري للمجلس بول راين معبرا عن ارتياحه «للمرة الأولى منذ 1986، يتبنى مجلسا الشيوخ والنواب إصلاحا واسعا للنظام الضريبي». وأضاف: «فرصة كهذه لا تسنح سوى مرة واحدة لكل جيل وعلينا انتهازها».
وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إنه يتحتم التوفيق بين نص قانون ترمب الذي أقر في مجلس الشيوخ والصيغة التي تبناها مجلس النواب في 16 نوفمبر.
وبحسب الوكالة الفرنسية فإن أغلبية مجلس الشيوخ تتطلع إلى دعوة لجنة من المجلسين كانت قد كُلفت بإعداد تسوية بين مجلسي الكونغرس، ابتداء من الاثنين. وبعد ذلك يعيد كل مجلس التصويت على النص. وبدأ الجدل حول قانون ترمب منذ إعلان الرئيس عن خطوطه العريضة في سبتمبر (أيلول) الماضي، الذي تضمن خفض معدلات ضريبة الدخل على الشركات، وخفض الضرائب للمشروعات الصغيرة وخفض الحد الأعلى لضريبة الدخل للأفراد وإلغاء بعض الإعفاءات الضريبية المستخدمة على نطاق واسع.
وفي أكتوبر وافق مجلس النواب على خطة ميزانية السنة المالية 2018، وهو ما مهد الطريق أمام تمرير قانون ترمب، ثم وافق المجلس في نوفمبر على القانون بأغلبية 227 عضوا مقابل 205 أعضاء، وذلك بعد ساعات من الزيارة النادرة التي قام بها الرئيس لمقر الكونغرس لحث النواب على تمرير الخطة.
ويدين الحزب المعارض لترمب، الديمقراطي، بقوة، حيث علق السيناتور بيرني ساندرز على خطوة مجلس الشيوخ أول من أمس بقوله: «الخزانة الفيدرالية نُهبت مساء اليوم!».
وقالت زعيمة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ نانسي بيلوسي: «في قلب الليل خان أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون الطبقة الوسطى الأميركية».
وترتكز الانتقادات الموجهة للقانون على أنه يحرم الموازنة العامة من إيرادات ضريبية، وسيساهم في تفاقم الدين الأميركي الذي يتوقع أن يزيد بسبب القانون 1.5 تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة.
وبينما سيخفض القانون ضرائب أرباح الشركات لنحو 20 في المائة، مقابل 35 في المائة في الوقت الحالي، يدافع أنصار ترمب عن ذلك بقولهم إن الشركات ستوجه الأموال التي توفرها من الضرائب للإنفاق على التوظيف وزيادة الأجور.
وما يزيد من حدة النقد للقانون هو اعتقاد قطاعات واسعة من الأميركيين أنه سيفيد الرئيس بصفة مباشرة، خاصة أن ترمب واحد من أبرز المليارديرات الأميركيين ومن أهم رجال الأعمال في البلاد.
ونشرت قناة «سي إن بي سي» على موقعها تقريرا حول الجدل عن استفادة الرئيس من القانون، ونقلت عنه تصريحات ينفي فيها ذلك معلقا بقوله: «هذا (القانون) سيكلفني ثروة، إنه ليس جيدا لي صدقوني».
وأشارت القناة إلى أنه في الوقت الذي سعى فيه الجمهوريون لترويج القانون على أنه تخفيض للأعباء عن الطبقة الوسطى، فإن كثيرا من التحليلات تذهب إلى أن أكبر منافع القانون تذهب إلى الفئات الأكثر ثراء.
وفي مقال سابق بـ«نيويورك تايمز» عن القانون جاء في الصحيفة أن «التغييرات الأصعب التي يمكن أن تؤثر على أسر الطبقة المتوسطة تتضمن القضاء على خصومات ضرائب الولايات وضرائب الدخل المحلية. وسوف يكون الحد الأقصى للخصومات على ضرائب الممتلكات يبلغ 10 آلاف دولار».
لكن تلك الانتقادات لم توقف القانون الذي وصفته الوكالة الفرنسية أمس بأنه سيكون أول إصلاح كبير في عهد الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن ترمب لم ينجح في تنفيذ وعده بإلغاء قانون الضمان الصحي الذي أقره سلفه باراك أوباما. وبحسب الوكالة، فإن ترمب كان يعتبر معركته في إيقاف قانون الضمان الصحي المعروف باسم «أوباما كير» فشلا مهينا لحزبه الجمهوري.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.