الموازنة الاتحادية أمام البرلمان العراقي اليوم... وغموض حول حصة كردستان

نائب كردي: الحكومة خفضت حصة الإقليم من 17 إلى 12.6 في المائة

لقطة من جلسة سابقة للبرلمان العراقي بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي (أ.ب)
لقطة من جلسة سابقة للبرلمان العراقي بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي (أ.ب)
TT

الموازنة الاتحادية أمام البرلمان العراقي اليوم... وغموض حول حصة كردستان

لقطة من جلسة سابقة للبرلمان العراقي بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي (أ.ب)
لقطة من جلسة سابقة للبرلمان العراقي بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي (أ.ب)

تتزايد ضغوطات الحكومة الاتحادية على إقليم كردستان وخصوصا من الناحية الاقتصادية، فقد تلقى مجلس النواب العراقي مشروع الموازنة الاتحادية للعام المقبل 2018 وينتظر أن يعقد جلساته ابتداء من اليوم لمناقشة المشروع.
وكشف نائب رئيس البرلمان العراقي، النائب عن حركة التغيير الكردية آرام شيخ محمد، الجوانب التفصيلية لمشروع الموازنة مؤكدا في بيان صحافي «أن الميزانية القادمة أقرت حصة كردستان من الموازنة العامة بما فيها حصة قوات البيشمركة»، لكنه لمح «أنه رغم أن موازنات السنوات السابقة مررت من مجلس النواب بغياب الكتل الكردية، وأن الجانب الكردي لم يلتزم بتلك الموازنات في السابق، فإن الأمر مختلف هذه السنة، لأن الكرد مرغمون على القبول بما جاء في الموازنة للعام المقبل لأن الموارد الحالية لا تكفي لسد حاجات الإقليم من الأموال بسبب غلق المنافذ الحدودية وانخفاض موارده النفطية».
وفي اتصال مع النائب زانا سعيد روستايي من كتلة الجماعة الإسلامية بمجلس النواب العراقي كشف لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع الموازنة الاتحادية وصل إلى مجلس النواب العراقي يوم الأربعاء المنصرم، وسيتم عقد جلسة استثنائية اليوم لمناقشته، وسيجري المجلس قراءته الأولية للقانون، وسيقرر ما إذا سيعيده إلى الحكومة، أو سيتم توزيعه على اللجان النيابية لإعداد تقاريرها. وأوضح النائب أن الموازنة قدرت بـ90 تريليون و981 مليار و840 مليون دينار عراقي، بعجز يبلغ 13 تريليون و15 مليار و339 مليون دينار على أساس تقدير سعر برميل النفط بـ46 دولارا. وقال: «رغم أن مشروع القانون لم يشر بوضوح إلى خفض الحصة الكردية من الموازنة من 17 في المائة، لكن عند مطالعة أبواب الميزانية فإن مجموع التخصيصات لكردستان لا تتجاوز 12.6 في المائة في كل الأحوال، وهذا يعني أن الحكومة خفضت فعلا الحصة إلى النسبة التي حددتها سابقا. والأهم من ذلك أن المصاريف السيادية رفعت من 65 بابا إلى 95، وهذا سيقل بدوره من حصة الإقليم». وأكد النائب «أن قانون الموازنة هذه السنة يتعامل مع إقليم كردستان على أساس (محافظات إقليم كردستان) وليس على أساس حكومة إقليم».
وحول ميزانية قوات البيشمركة كشف النائب الكردي «في السنوات السابقة كانت الحصة مثبتة في قوانين الموازنة ضمن تخصيصات القوات الاتحادية، وهذه السنة تم تثبيت حصة لقوات البيشمركة لكن القانون اشترط أن تكون النسبة وفقا للنسبة السكانية بمعنى أن التخصيصات لن تتجاوز حدود 40 إلى 50 ألفا من أفراد البيشمركة، وعلى حكومة الإقليم أن لا تنتظر أكثر من ذلك». وبحسب مصادر الإقليم فإن عدد أفراد البيشمركة يتجاوز الـ200 ألف ويتسلمون رواتبهم من حكومة الإقليم حاليا.
وفي السياق ذاته كشف بيان صدر عن غرفة تجارة السليمانية «أن هناك ضغوطات جديدة تمارسها الحكومة الاتحادية ضد إقليم كردستان وهي ضغوطات ناجمة عن تداعيات الاستفتاء الكردي حيث فرضت السلطة الاتحادية ضرائب جمركية كبيرة على السلع والمواد المصدرة من مصانع محافظات الإقليم إلى المحافظات الجنوبية والوسطى في العراق». وقال البيان «إن المصدرين يواجهون ضغوطات كبيرة عند نقل منتوجاتهم من محافظات الإقليم عبر نقطة جمارك (صفرة) قرب منطقة حمرين حيث تفرض السلطات هناك ضرائب جمركية بثلاثة أضعاف عما سبق، وتتعامل مع المنتوجات المصنعة محليا كما تتعامل مع المنتوجات التركية والإيرانية، بالإضافة إلى التأخير المتعمد للشاحنات التي تنقل تلك المواد». وقال البيان «إن هذه الإجراءات سياسية بحتة، فقد حاولت غرفة تجارة السليمانية التباحث مع اتحاد الغرف التجارية العراقية والوزارات المعنية لكن تبين لها أن تلك الإجراءات سياسية وهدفها إضعاف اقتصاد الإقليم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم