وفد دمشق يغرق «جنيف» بالتفاصيل... ودول غربية تلجأ إلى موسكو

دي ميستورا ينشر وثيقته لمستقبل سوريا بعدما نشرتها «الشرق الأوسط»

دي ميستورا يتحدث إلى الصحافيين في جنيف أمس (إ.ب.أ)
دي ميستورا يتحدث إلى الصحافيين في جنيف أمس (إ.ب.أ)
TT

وفد دمشق يغرق «جنيف» بالتفاصيل... ودول غربية تلجأ إلى موسكو

دي ميستورا يتحدث إلى الصحافيين في جنيف أمس (إ.ب.أ)
دي ميستورا يتحدث إلى الصحافيين في جنيف أمس (إ.ب.أ)

اصطدمت الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف بإجراءات التفاوض، لدى تمسك رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري بـ«شكل» العملية وتفاصيلها، واتهامه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بـ«تجاوز ولايته» لدى تقديمه ورقة المبادئ السياسية قبل تسليمه الوفد الحكومي ردوداً على وثيقة سابقة قُدمت في مارس (آذار) الماضي، في وقت سلم وفد «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضةَ ورقته لمبادئ الحل السياسي على أمل الدخول في مفاوضات مباشرة.
وبدا، لدى انتهاء القسم الأول من الجولة الثامنة من دون اختراق، أن رهان دي ميستورا ودول غربية على تدخل موسكو لإنقاذ المفاوضات، للدخول في جوهر المفاوضات وبحث مبادئ الحل السياسي والانتقال لبحث ملفي الدستور والانتخابات.
وخيّم نشر «الشرق الأوسط» وثيقة دي ميستورا للحل السياسي وورقة «الهيئة»، أمس، على أجواء اليوم الأخير من الأسبوع الأول من الجولة الخامسة في جنيف. وقرر المبعوث الدول امس نشر وثيقته وتضمنت ورقة «المبادئ الـ12 للحل السوري» تصورَ دي ميستورا لمستقبل سوريا بموجب القرار 2254 للوصول إلى «دولة لا طائفية» ووجود ممثلين للمجالس المحلية، إضافة إلى عمل «الجيش الوطني» وأجهزة الأمن «بموجب الدستور».
عليه، قال المبعوث الدولي في رسالة إلكترونية، أمس، إنه بالفعل سلم الوفدين، أول من أمس، ورقته خلال جلسة المفاوضات المتزامنة غير المباشرة. وأضاف: «خلال دورات من المشاورات السورية – السورية، تمكن المبعوث الدولي من تحديد بعض النقاط المشتركة من خلال مشاوراته مع الحكومة السورية والمعارضة، كلٌّ على حدة».
وتشمل هذه القواسم المشتركة النقاط الـ12 بناءً على مسودة قُدمت في الجولة الرابعة من «جنيف»، و«تلقى المبعوث الخاص مقترحات قيِّمة من الحكومة والمعارضة حول مضمون النقاط، ودرس وفريقه كل الوثائق التي تلقوها بمنتهى العناية والتمعن»، قبل أن يتم تقديم ورقة «مبادئ المبعوث الخاص الحية الأساسية السورية - السورية الـ12»، وذلك بهدف «تجسيد القواسم المشتركة المتعلقة بمستقبل سوريا، وتوفير أفق مستديم حول رؤية يمكن أن يتقاسمها كل السوريين حول مستقبل بلدهم من دون التعرض لكيفية ترجمة هذه الرؤية على أرض الواقع، الأمر الذي سيتواصل العمل عليه بشكل موازٍ من خلال السلات الأربع»، التي تشمل: الحكم، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.
كما أُثير جدل إزاء نشر وثيقة «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة، التي تعكس أيضاً مجموعتي القاهرة وموسكو، 12 بنداً، خصوصاً إسقاط كلمة «العربية» من اسم «الجمهورية العربية السورية» لتصبح «سوريا»، إضافة إلى إقرار مبدأ اللامركزية وحقوق الأكراد. كما تضمنت الوثيقة تأكيد «إصلاح الجيش الوطني»، و«إعادة هيكلة أجهزة الأمن». وأثار نشر الوثيقة ردوداً في أوساط وفد المعارضة أدت إلى تعديل نقاط في المسودة الأخيرة التي قُدمت، أمس، لصالح تأكيد «عروبة سوريا»، إضافة إلى تأكيد الوفد أنه لم يبحث الانتقال السياسي، لأن هذا متروك للمفاوضات، وأن الحديث يجري حالياً حول مستقبل سوريا. ولوحظ إضافة فقرة تتعلق بـ«محاسبة مجرمي الحرب» عن ارتكاباتهم. وأبدت المعارضة في اليومين الأخيرين استعدادها لمفاوضات مباشرة. وقال رئيس الوفد نصر الحريري، الأربعاء الماضي: «نريد التحرك سريعاً نحو مفاوضات مباشرة» مع دمشق.
من جهته، شن الجعفري هجوماً على وفد «الهيئة» وموقفه السياسي، إضافة إلى انتقاد إصرار دي ميستورا على مناقشة ورقته قبل الرد على وثيقة كان وفد الحكومة قد قدمها في مارس العام الماضي. وقال الجعفري في خطاب تلفزيوني، أمس، إنه قدم الوثيقة قبل 9 أشهر وهي كانت قد قدمت إلى المبعوث الدولي الأسبق الأخضر الإبراهيمي، وإنه (الجعفري) لن يقدم ردوداً لدي ميستورا قبل تسلم تعليقاته وموقف المعارضة على وثيقة دمشق.
وحسب مصادر دبلوماسية غربية، فإن وثيقة دمشق، تضمنت بين 12 و15 بنداً، تجاهلت الانتقال السياسي وركزت على «مكافحة الإرهاب ومؤازرة الجيش والقوات المسلحة في مكافحة الإرهاب»، إضافة إلى بنود تتعلق بوقف تمويل ودعم الفصائل عبر الحدود، وإلى المطالبة برفع العقوبات، وعقد مؤتمر لإعمار سوريا من دون شروط، و«الحفاظ على مؤسسات الدولة ومرافقها وحماية البنى التحتية».
وقال الجعفري إن تقديم دي ميستورا ورقته «من دون استشارة» الأطراف هو «تجاوز» لمهمته كمبعوث دولي. إضافة إلى انتقاده دور المبعوث لأنه لم يُلزم «الهيئة» بالتراجع عن موقفها السياسي من المطالبة بخروج الرئيس بشار الأسد «عند بدء المرحلة الانتقالية». وقال: «هذا شرط مسبق، في وقت يُفترض أن تكون المفاوضات فيه من دون شروط مسبقة».
ويغادر الجعفري ووفده جنيف إلى دمشق، اليوم، رافضاً تحديد ما إذا كان سيعود إلى المفاوضات، وإن كان تردد في أوساط «جنيف» احتمال العودة الثلاثاء المقبل. وقال دبلوماسي غربي: «هناك جهد ممنهج لإغراق المفاوضات في التفاصيل»، لافتاً إلى أن واشنطن ودولاً غربية ودي ميستورا «يراهنون على تدخل روسيا كي ينخرط الوفد الحكومي في مفاوضات جوهرية في القسم الثاني من الجولة الخامسة، على أمل أن يستطيع دي ميستورا أن يعلن في ختام الجولة منتصف الشهر الجاري التفاهم على مبادئ الحل والتصور لسوريا المستقبل». وحض الموفد الدولي، الوفدين على «المشاركة بجدية في المباحثات من دون أي شروط مسبقة»، مطالباً الطرفين بالامتناع عن «الإدلاء بأي تصريحات تهدف إلى الطعن في شرعية أيٍّ من المدعوين الآخرين».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.