كشف علمي جديد: «بروتينات السمنة» مسؤولة عن حدوث السكري

المرض ينشأ في الكبد ويتسبب بحدوث مئات الآلاف من إصابات السرطان

صورة لنموذج من 6 جزيئات للإنسولين - أرشيف («الشرق الأوسط»)
صورة لنموذج من 6 جزيئات للإنسولين - أرشيف («الشرق الأوسط»)
TT

كشف علمي جديد: «بروتينات السمنة» مسؤولة عن حدوث السكري

صورة لنموذج من 6 جزيئات للإنسولين - أرشيف («الشرق الأوسط»)
صورة لنموذج من 6 جزيئات للإنسولين - أرشيف («الشرق الأوسط»)

في بحث جديد لفهم الطريقة التي يحدث بها مرض السكري من النوع الثاني الذي يصيب الكبار عادة، قال علماء سويسريون إنهم توصلوا إلى نتائج تشير إلى أن مرض السكري ينشأ في الكبد، وذلك بعد إجراء دراسات بيولوجية على السمنة التي تؤدي إلى احتمال التعجيل بحدوث المرض. ويعاني من السمنة 650 مليون شخص على الأرض.

بروتينات السكري

وتؤدي السمنة إلى ظهور ما تسمى «مقاومة الإنسولين» داخل الجسم. ولا تزال آلية حدوث هذا المرض غير معروفة بشكل كاف لدى العلماء.
ونشر باحثون من جامعة جنيف، أمس، في مجلة «نتشر كوميونيكيشن» تقريرهم عن العوامل التي تربط بين السمنة ومقاومة الجسم للإنسولين، إضافة إلى الدور الرئيسي للكبد في ظهور مرض السكري.
وكشف الباحثون عن العمل الذي يؤديه البروتين المسمى «بي تي بي آر - غاما» PTPR الذي تزداد مستوياته عند السمنة؛ الأمر الذي يثبط عمل مستقبلات الإنسولين الموجودة على سطح الكبد. وسيؤدي هذا الكشف إلى تطوير عقاقير علاجية تدرأ الإصابة بالسكري.
وقال الباحثون إن الخلايا الدهنية المتمددة، وهي إحدى الخصائص المرتبطة بالسمنة، تقود إلى ازدياد عدد الإشارات المتسببة في الالتهابات المؤثرة على الكبد وعلى أعضاء الجسم الأخرى. وتؤدي هذه الالتهابات الناجمة عن السمنة إلى تنشيط أحد العوامل البيولوجية المسمى «إن إف - كيه بيتا» الذي يعدا عاملا رئيسيا في الإصابة بالسكري.
وطرح البروفسور روبرتو كوباري، منسق «مركز السكري» في كلية الطب بالجامعة المشرف على الدراسة، تصوره لدور البروتينات في حدوث المرض: «إننا ركزنا على دراسة بروتين (بي تي بي آر - غاما). ومن دراستنا مختلف المجموعات البشرية، رأينا أن البروتين الأول الموجود لدى المعانين من السمنة يزداد في الكبد عند ظهور الالتهابات، مما يؤدي إلى التأثير على مستقبلات الإنسولين، وبالتالي يمنع عمل الإنسولين».

نظرية جديدة

ولتأكيد هذه الفرضية، غيّر الباحثون مستويات بروتين «بي تي بي آر - غاما» لدى الفئران؛ إما بتقليلها، أو الحفاظ عليها، أو زيادتها، ودرسوا مقاومة أجسامها للإنسولين. وقال خافيير بريناخوت، الباحث في المركز الذي شارك في الدراسة، إن «الفئران التي افتقدت تماما هذا البروتين بدأت تعاني من السمنة عند تغذيتها بطعام ذي سعرات حرارية عالية، إلا أن حالات مقاومة الإنسولين لم تظهر لديها، كما ظهر أنها محصنة تماماً ضد مرض السكري». كما أظهرت الدراسة أن إدخال نوع من البكتريا المعوية المؤدية إلى زيادة السمنة لدى هذه المجموعة الفاقدة تلك البروتينات، لم يقد إلى إصابتها بحالات مقاومة الإنسولين.
وبهدف دعم النتائج، لجأ فريق كوباري إلى إعادة تشكيلات بروتين «بي تي بي آر - غاما» إلى مستوياتها الطبيعية داخل الكبد فقط. وبهذا أصبحت مجموعة الفئران الجديدة معرضة مرة أخرى للإصابة بمقاومة الإنسولين، وهو الأمر الذي يؤكد الدور المحوري للكبد. ثم، وإضافة لذلك، أدت مضاعفة الباحثين أعداد تلك البروتينات في الكبد إلى الإصابة التامة بمقاومة الإنسولين.
وقال العلماء إن الوظائف الأيضية، أي الخاصة بالتمثيل الغذائي، لهذا البروتين، لم تكن معروفة؛ ولذا، فإن الكشف الجديد يفتح الطريق لتطوير علاجات جديدة تماماً.
وقال كوباري إن الدراسة أنجزت بفضل جهود «مركز السكري» بالجامعة الذي أنشئ عام 2015 لإجراء أبحاث علمية ودراسات إكلينيكية مشتركة.

السكري والسرطان

وأشارت دراسة ثانية لباحثين من جامعة «إمبريال كوليدج» البريطانية حول السكري، إلى أن نحو 800 ألف حالة من إصابات السرطان تحدث بسبب السكري، وهو ما شكل نحو 6 في المائة من الإصابات العالمية عام 2012.
وأظهرت الدراسة التي نشرت في مجلة «لانسيت ديابيتيس آند إندوكرينولوجي» المعنية بدراسات السكري والغدد الصماء، أن مؤشرات السمنة والسكري كانت من العوامل الأعلى تأثيرا في 12 نوعا من السرطان جرت دراستها.
وقال جوناثان بيرسون ستاترد، الباحث في كلية الطب بالجامعة: «بينما ظلت السمنة تربط بالسرطان لفترة غير بعيدة، فإن الصلة بين السكري والسرطان لم تؤكد إلا حديثاً». وأضاف أن الدراسة أثبتت أن السكري؛ وحده أو مع السمنة، مسؤول عن مئات الآلاف من إصابات السرطان حول العالم.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».