باسل السوري و«روضة» بئر العبد!

باسل السوري و«روضة» بئر العبد!
TT

باسل السوري و«روضة» بئر العبد!

باسل السوري و«روضة» بئر العبد!

قبل خمس سنوات غادر الطفل السوري باسل الرشدان، مدينته درعا التي كانت تواجه انتفاضة وأحداث عنفٍ نحو مخيمات اللجوء في الأردن. وقبل عامين فقط توفرت له الفرصة للسفر مع أسرته إلى مقاطعة برنس إدوارد إيلان الكندية، هناك تغير مسيره ومصيره.
في عامين تغيرت حياة الطفل باسل. تحوّل من طفل مشرد إلى رمز لكل أطفال العالم حين اختارته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ممثلاً عن الأطفال الذين يمرون بظروف صعبة يحرمون فيها من الحماية، واستقبلته في مقرها بنيويورك بمناسبة اليوم العالمي للطفل، الذي يصادف 20 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام. ومن هناك وجه باسل من على منبر المنظمة الدولية كلمة للعالم، قال فيها: «نحن أطفال العالم ومستقبل هذا العالم، وعلى الجميع أن يسمع صوتنا». وفيما بعد تلقى اتصالاً على الهواء من رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، يعبر فيها عن اعتزازه بهذا الطفل الذي أصبح فخراً لكندا... والعالم!
حسناً، ماذا لو بقي الطفل باسل في مخيمات اللجوء في الأردن، أو ساقته الظروف إلى لبنان أو تركيا أو أي بقعة من العالم؟، ماذا لو فرض عليه أن يتربى في بيئة مشحونة بالخوف والجوع والمرض وانعدام التعليم والصحة، وتفشي الأوبئة، وطغيان عصابات التوظيف الديني والسياسي؟
ماذا لو وقع فريسة التنظيمات المسلحة التي تفتك كالسرطان بالنازحين لتجندهم في معاركها وحروبها التي لا تنتهي؟ ماذا لو فرض عليه أن يترعرع في أحزمة البؤس والهامشيات، أو تضطره الظروف أن يجلس طفلاً تحت رحمة مشايخ يصيغون فكره خوفاً وحقداً وكراهية تجاه العالم؟
ما الذي تغيّر في عامين؟... حتى تحول الطفل المشرّد الفقير الذي ساقته الظروف نحو مخيمات اللجوء البائسة، إلى أن يصبح رمزاً عالمياً، وتفتخر به كندا. ما حدث لهذا الطفل، وأمثاله مهم جداً. لأنه يوضح لنا: كيف يتحول الإنسان، وكيف يتأثر، كيف يحدث التغيير نحو الأحسن أو الأسوأ؟، ربما يمكننا أن نعرف كيف يتحول الناس العاديون إلى متوحشين وقتلة.
الجمعة الماضي صُدم العالم بمجزرة مسجد الروضة في بئر العبد بمصر. هول الصدمة لا ينبغي أن ينسينا التفكير في هؤلاء القتلة، كيف تحولوا من أطفال ثم شباب عاديين إلى متوحشين يقتلون المصلين في مساجدهم.
بوضوح: إنها «الثقافة» القائمة على الكراهية؛ هي التي حوّلت أُناساً طبيعيين كانوا قبل اعتناقها بارين بأهلهم، ثم تحولوا بعدها إلى ذئاب بشرية، بعضهم قتل أمه وأباه في شهر رمضان (كما في قصص معروفة)، وبعضهم قتل مصلين في مساجد الجمعة وفي الكنائس، كما قتل الأبرياء في الشوارع.
هذه الثقافة القائمة على آيديولوجيا دينية متطرفة، وخطاب دوغمائي، لا علاقة لها بالفقر أو الغنى، بالحرية أو الاستبداد، يمكنها أن تنتشر في مخيمات اللجوء، أو على شواطئ فلوريدا الأميركية؛ هناك قبل ثلاثة أعوام تمكنت التنظيمات المتطرفة من تجنيد الشاب منير محمد أبو صالحة، المتحدرة أسرته من أصول فلسطينية، الذي بات يعرف باسم «أبو هريرة الأميركي» ليفجر نفسه في مدينة حلب السورية، ومثله مئات الشباب والشابات من أميركا وأوروبا خصوصاً، الذين أغواهم أبشع تنظيم إرهابي عرفته البشرية، وتركوا بلدانهم التي كانت تضمن لهم العدالة الاجتماعية، والفرص المتساوية، والرفاه الاقتصادي، والديمقراطية.
هذه الثقافة أصبحت مكشوفة اليوم، وعارية، هي منبع الكراهية والحقد والتوحش. لقد نجا طفلٌ منها فأصبح رمزاً للعالم، وسقط في براثنها آخرون...!



قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».