باريس في «حرب شاملة» على الإرهاب وتعتقل أربعة متورطين في تجنيد مقاتلين لسوريا

اجتماع لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي الخميس لمناقشة قضية «الجهاديين العائدين»

باريس في «حرب شاملة» على الإرهاب وتعتقل أربعة متورطين في تجنيد مقاتلين لسوريا
TT

باريس في «حرب شاملة» على الإرهاب وتعتقل أربعة متورطين في تجنيد مقاتلين لسوريا

باريس في «حرب شاملة» على الإرهاب وتعتقل أربعة متورطين في تجنيد مقاتلين لسوريا

تبدو باريس، أكثر من أي وقت مضى، عازمة على تكثيف جهودها للتصدي لظاهرة الإسلاميين الجهاديين العائدين من سوريا، عقب الهجوم على المتحف اليهودي في بروكسل في 24 مايو (أيار) الماضي الذي شنه مواطن فرنسي عائد من سوريا.
وفيما تستمر الأجهزة الأمنية في استجواب مهدي نينموش الذي قبض عليه خلال وصوله بالحافلة من بروكسل يوم الجمعة الماضي، كشف وزير الداخلية الفرنسي عن إلقاء القبض على أربعة أشخاص (ثلاثة في المنطقة الباريسية والرابع في منطقة فار، جنوب فرنسا) على علاقة بشبكات تجنيد الإسلاميين للحرب في سوريا. ونقل الأربعة إلى مدينة لوفالوا (غرب العاصمة) ليجري استجوابهم في المبنى نفسه الذي يحتجز فيه نينموش. بيد أن أصواتا سياسية بدأت تسمع في فرنسا مستهدفة الإجراءات والخطة الأمنية التي أقرتها الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي، عادّة إياها «غير كافية» و«لا تصل إلى مستوى التحدي الكبير»، وإلا كيف نجح نينموش في الإفلات من رقابة أجهزة الأمن والتنقل بحرية والعودة من سوريا وارتكاب اعتداء في العاصمة البلجيكية والرجوع إلى مدينة مرسيليا حيث قبض عليه صدفة؟
وبعد تصريحات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن الجهاديين الإسلاميين، التي كررها ثلاث مرات أول من أمس: «سنحاربهم»، انبرى وزير الداخلية برنار كازنوف بدوره ليؤكد أن «الحرب على الإرهاب ستتواصل في فرنسا وأوروبا من غير توقف أو مهادنة». وقال كازنوف صباح أمس في حديثه لإذاعة «أوروبا رقم واحد»: «لن نترك أية فرصة لهؤلاء الإرهابيين (ليرتكبوا اعتداءاتهم). الملاحقة ستكون شاملة، وستكون هذه حالنا وحال أوروبا، وسنعمل بشكل يتيح لنا أن نقضي على كل الناشطين في هذه الشبكات». وأفاد كازنوف عن اجتماع لوزراء الداخلية الأوروبيين سيعقد في لوكسمبورغ بعد غد لمتابعة هذا الموضوع. وسبق أن حصلت اجتماعات تنسيقية متلاحقة في الأسابيع السابقة في باريس ولندن ولوكسمبورغ، مما يدل على «خطورة» التهديد الذي يمثله الجهاديون الأوروبيون العائدون الذين تقدر أعدادهم بما يزيد على 1500 شخص بينهم نحو 700 فرنسي، حسب ما صرح به رئيس الجمهورية أول من أمس.
ويجسد مهدي نينموش ماديا وعقائديا وفعليا «الخطر» الذي كان ينبه إليه كثير من المسؤولين الفرنسيين والأوروبيين، والذي من أجله وضعت الخطط التي بدت اليوم أنها غير كافية. وذهب الوزير الفرنسي إلى تأكيد أن نينموش «كان بالغ الخطورة»، مرجحا أنه كان سيستمر في اعتداءاته لو لم يلق القبض عليه.
والقلق الكبير من أن تكون حالة نينموش بمثابة «مدرسة» للجهاديين العائدين من سوريا، حيث عادة يلتحقون بالمنظمات الأشد تطرفا. ويرجح أن يكون نينموش انضوى في صفوف تنظيم «داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام)».
بموازاة ذلك، تتخوف باريس من يؤدي تكاثر هذه الأعمال إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الجالية المسلمة في فرنسا أو في أوروبا. لذا فقد حرص كازنوف على التأكيد على أن «الإسلام براء من هذه الأعمال، وما نقوم به ليس حرب ديانات أو حضارات». وأضاف الوزير الفرنسي: «نحن بحاجة لإسلام فرنسا الذي هو إسلام معتدل يحترم قيم الجمهورية، ونحن نحتاج إليه ليساعدنا في حربنا» على الإرهاب. وللتأكيد على ما يقوله، أشار كازنوف إلى أن التقديرات الأولية (بانتظار أن يجيب التحقيق عن الأسئلة كافة) ترجح أن يكون نينموش قد تصرف بمفرده. ويرجح أن يسلم نينموش إلى بلجيكا بعد انتهاء استجوابه من أجل المثول أمام القضاء.
تبين حالة نينموش أمرين متلازمين سبق بروزهما في حالة محمد مراح الذي قتل عام 2012 ثلاثة جنود من الفرقة الأجنبية وأربعة في مدرسة يهودية في مدينة تولوز: الأول، أن السجن هو «المدرسة الأولى» التي يجند فيها الجهاديون، والثاني التداخل بين أعمال الجريمة العادية والأعمال الجهادية. والدليل على ذلك أن نينموش، البالغ من العمر 29 عاما، صدرت بحقه أحكام مختلفة؛ سبعة منها بسبب السرقة، وأخرى بسبب السطو المسلح. وأمضى نينموش خمس سنوات متواصلة في السجن بين ديسمبر (كانون الأول) 2007 وحتى الشهر نفسه من عام 2012، بعدها اختفى أثره في سوريا ليعود منها في مارس (آذار) الماضي.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.