انخراط أميركي في مفاوضات جنيف... ودمشق تقبل «الحبر الروسي» للدستور

ساترفيلد يجتمع بالمعارضة اليوم قبل حضوره اجتماع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن

TT

انخراط أميركي في مفاوضات جنيف... ودمشق تقبل «الحبر الروسي» للدستور

يصل مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى جنيف اليوم (الاثنين)، للمشاركة في اجتماع كبار مساعدي وزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، لإعطاء زخم للجولة الثامنة من مفاوضات جنيف بين وفدي الحكومة السورية و«الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة، في وقت تريثت موسكو في توجيه الدعوة الرسمية لـ«مؤتمر الحوار الوطني السوري» الذي كان مقرراً في سوتشي بين 2 و4 الشهر المقبل، بالتزامن مع قبول دمشق بكتابة الدستور السوري في روسيا.
وبدا أن الدول الغربية تدعم أكثرَ مسارَ مفاوضات جنيف، خصوصاً بعد نجاح المعارضة السورية في مؤتمر الرياض بتشكيل «الهيئة العليا للمفاوضات» ووفد موحد يضم ممثلي الكتل السياسية والفصائل العسكرية يتبنى رؤية سياسية مرجعية. وجرى الاتفاق على تشكيل أمانة عليا من 50 عضواً انتخب منها 36 عضواً لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» برئاسة نصر الحريري، على أن يقتصر الوفد على ستة أشخاص، واحد من كل كتلة سياسية أو عسكرية.
وبعد اجتماعه مع وفد «الهيئة التفاوضية العليا» برئاسة الحريري ونائبه جمال سليمان في جنيف اليوم، يشارك ساترفيلد في اجتماع لكبار موظفي وزارات الخارجية في الدول الخمس دائمة العضوية (أميركا، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا) بدعوة من باريس التي تسعى إلى تشكيل «مجموعة اتصال» من الدول الخمس والدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري. وإذ رفضت واشنطن مشاركة طهران في «مجموعة الاتصال»، تحفظت موسكو على وجود آلية بديلة لرعاية المفاوضات السورية، لكنها لم تعرقل اجتماعات متقطعة للدول الخمس دائمة العضوية.
وعلى عكس الجولات السابقة من مفاوضات جنيف التي حضرها نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، قررت واشنطن إيفاد مسؤول رفيع هو مساعد وزير الخارجية إلى الجولة الثامنة ضمن اهتمام إدارة دونالد ترمب بالبحث عن حل سياسي وتنفيذ القرار 2254. وأعلنت الخارجية الأميركية أمس أن مفاوضات السلام يجب أن تتناول تنفيذ «قرار مجلس الأمن 2254 بما في ذلك الإصلاح الدستوري وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقاً لأعلى المعايير الدولية للشفافية». وهي أمور وردت في صلب تفاهم الرئيسين دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين.
وبحسب المعلومات، فإن الجولة المقبلة من المفاوضات ستتناول ثلاثة ملفات: اتفاق وفدي الحكومة والمعارضة على مبادئ الحل السياسي، وإقرار الآلية الدستورية، والانتخابات سواء كانت برلمانية أو رئاسية والجدول الزمني لكل منها.
ويتقاطع جدول مفاوضات جنيف مع البرنامج المعلن لـ«مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي الذي دعت إليه موسكو، خصوصاً ما يتعلق بتشكيل لجنة دستورية تبحث في تشكيل هيئة تؤدي إلى صوغ دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي. وسعت موسكو إلى غطاء من الأمم المتحدة لهذا المؤتمر الذي كان مقرراً بين 2 و4 الشهر المقبل، لكن انعقاده قوبل بتحديات عدة تتعلق برفض تركيا مشاركة «الاتحاد الديمقراطي الكردي» ورفض إيران «الانتقال السياسي» وعدم قبول دمشق مناقشة الدستور السوري في سوتشي، إضافة إلى تفضيل دول غربية التركيز على مفاوضات جنيف وليس مسار سوتشي.
وبدا في اليومين الماضين أن مؤتمر سوتشي أرجئ إلى وقت لاحق، خصوصاً بعد تفاهم روسي - تركي - إيراني على إقرار قائمة المدعوين إلى «الحوار السوري»، ما نقل التركيز إلى جنيف التي يبدو أن جولتها الثامنة ستتواصل لإنجاز «مفاوضات جوهرية» إزاء البنود الثلاثة (مبادئ الحل، والدستور، والانتخابات)، وإن كان موضوع مشاركة وفد دمشق ومستوى المشاركة لم يكن معروفاً إلى أمس وسط استمرار رفض إجراء مفاوضات جدية مع المعارضة إزاء الإصلاح الدستوري.
وكان لافتاً، أنه بعد تأكد تأجيل مؤتمر سوتشي، أعلنت دمشق ترحيبها بعقد المؤتمر. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية «ترحيبه بمؤتمر الحوار الوطني الذي سيعقد في سوتشي بمشاركة واسعة من شرائح المجتمع السوري». وأضاف: «تعلن الحكومة موافقتها على حضور هذا المؤتمر وما سيتمخض عنه من لجنة لمناقشة مواد الدستور الحالي وإجراء الانتخابات التشريعية بعدها بمشاركة الأمم المتحدة اعتماداً على ميثاقها المبني على احترام سيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها».
ولم يشر البيان إلى إقرار دستور جديد أو انتخابات رئاسية، علماً بأن ألكسندر لافرينييف مبعوث الرئيس الروسي كان قال بعد لقائه الرئيس بشار الأسد في دمشق، إن المؤتمر سيتناول «دستوراً جديداً لانتخابات برلمانية ورئاسية بموجب القرار 2254». غير أن تفاهم ترمب - بوتين اقتصر فقط على الحديث عن «إصلاح دستوري وانتخابات» من دون ذكر تفاصيل.
وانتقدت دمشق سابقاً مبادرة موسكو إلى تقديم مسودة روسية للدستور السوري. وقالت سابقاً إن «الدستور السوري يجب أن يكتب بحبر سوري». كما أن المعارضة انتقدت مبادرة موسكو وشبهته بـ«دستور بريمر» في إشارة إلى الحاكم الأميركي بول بريمر وإقرار الدستور العراقي بعد غزو 2003.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.