شخّص خبراء كرويون الأسباب التي أدت إلى عدم تحقيق الأندية السعودية دوري أبطال آسيا منذ عام 2006، وسط فشل سعودي كروي امتد إلى 12 عاما متتالية، وسط إخفاقات لأندية سعودية في مباريات نهائية جرت عام 2009، و2012، و2014، و2017.
وبيّن الخبراء أن بطولة دوري أبطال آسيا التي غابت كأسها عن خزائن الأندية السعودية لمدة 12 عاما، يمكن أن تعود في حال تم تجاوز كثير من السلبيات التي منعت الأندية السعودية من تحقيقها، وخصوصا فيما يتعلق بخيارات اللاعبين الأجانب المؤثرين، ووجود بدلاء أكفاء، وكذلك تحديد الأهداف المرسومة في كل موسم، والتخطيط السليم الذي ينقص الأندية في غرب آسيا، مقارنة بأندية شرق آسيا التي كان لها نصيب الأسد في العقد الأخير، بحصولها على 11 كأسا، مقابل كأس وحيدة ذهبت لناد قطري.
وبدا فشل نادي الهلال في عدم القدرة على الفوز باللقب الآسيوي، رغم كمية المحاولات طوال الـ16 عاما الماضية، لغزا محيرا لجماهيره وللشارع الرياضي السعودي، إذ إن آخر نسخة فاز بها ببطولة آسيوية كانت كأس السوبر عام 2002، وسط تتالي الإخفاقات بدءا من 2003 وحتى العام الجاري.
وأشار عدد من الخبراء إلى أن الضغوط النفسية لها دور كبير في تفريط الأندية السعودية في الحصاد، وآخرها الهلال الذي تفوق ميدانيا في جميع الأشواط الثمانية التي خاضها ضد فريقي سيدني الأسترالي، وأوراوا الياباني، سواء في المباراتين اللتين أقيمتا في الرياض أو على أرض منافسيه، ولكنه عجز عن تسجيل أكثر من هدف حتى وهو يضم هداف النسخة الأخيرة السوري عمر خربين.
فيما رأى آخرون أن الأندية السعودية تعاني مشكلة كبيرة جراء ثقافة خوض مباريات الذهاب والإياب، والحسابات التي يتوجب السعي للوصول لأفضلها لحصد اللقب، حيث يلحظ الاستعجال في كلا المواجهتين دون اعتبار لرغبة وخطة وطموح الفريق المقابل.
كما تباينت الآراء حول روزنامة هذه المسابقة التي تلعب على موسمين بالنسبة لأندية الغرب، وعلى موسم لأندية الشرق، نتيجة الظروف الخاصة بهذه الدول، مشيرين إلى أن الاتحاد القاري يحدد روزنامته بما يفيد أندية شرق آسيا. واتفق الخبراء على أن أندية شرق آسيا ليست بأفضل فنيا من أندية غرب آسيا وتحديدا السعودية منها، مستدلين بِمَا قدمه الهلال، إلا أن الفوارق تحضر عادة بدرجة تأثير اللاعبين الأجانب ودرجة الانضباط الذي يميز ناديا عن آخر داخل أرض الملعب، وفي مباريات الحسم، فضلا عن التجهيز النفسي والبدني للمباراة.
وقال المدرب الوطني خالد القروني إن العامل الأهم الذي جعل أندية شرق آسيا تتفوق في السنوات الأخيرة هو التخطيط والتركيز على أهداف معينة، كل موسم على حدة، بحيث يكون هناك مهم وأهم، ويتم توفير كل متطلبات تحقيق الأهم والتضحية بالمهم نسبيا، وإن فقد الأهم لا يركن للإحباط، وذلك من خلال الدعم الذي يلقاه من أنصاره.
وأضاف: لنأخذ مثالا في نادي الهلال، هذا النادي خلفه جماهير عريضة، ولا يمكن أن تقبل بالتضحية ببطولة الدوري من أجل التركيز على البطولة الآسيوية وبذل كل الجهود لحصدها، في المقابل فريق أوراوا ضحى ببطولة الدوري في اليابان، وحل سابعا، وجعل تركيزه الكامل على بطولة آسيا، وقدم الغالي والنفيس لأجلها وحقق مراده في نهاية المطاف.
وأضاف القروني: هناك من يتحدث عن أن فصل الغرب عن الشرق كان له أثر سلبي، وهذا كلام غير واقعي، المواجهات في النهائي تكون عبر نظام الذهاب والإياب، ولذا مثلما يخوض الفريق من غرب آسيا في شرقها يحصل العكس، ولكن هناك مشكلة في ثقافة مباريات الذهاب والإياب والحسابات المتعلقة بها والتهيئة النفسية لها، وهذا ما حصل للهلال تحديدا في آخر نسختين. وبين أن الهلال كان أفضل فنيا في المواجهات التي جمعته بفرق شرق القارة، ولكن في النهاية خسر، وهذا يؤكد انعدام الفوارق الفنية؛ بل إن الفوارق في الناديين هي نفسية ومن جانب التخطيط فقط، ولذا ليس مستبعدا أن يغيب الفريق الياباني عن المنافسة على الصعيدين المحلي والقاري لأكثر من موسم مقبل؛ لأنه وضع هدفا واضحا ونجح في تحقيقه. وشدد على أن الحديث عن أن الروزنامة الآسيوية تساعد أندية شرق آسيا أكثر ليس دقيقا؛ لأن كل ناد يشارك طوال فترة البطولة في منافسات تتناسب مع المنافسات في بلاده، وقد يكون الفارق الوحيد أن البطولة الآسيوية تقام على مدى موسمين لأندية غرب آسيا، وعلى مدى موسم لأندية الشرق.
من جانبه بين المحاضر الفني الآسيوي وعضو اللجنة الفنية بنادي الأهلي بندر الأحمدي، أن التخطيط في أندية شرق آسيا له أفضلية واضحة على نظيرتها في غرب آسيا، حيث إن هناك تركيزا على أهداف معينة في كل موسم، وعلى تقديم كل الدعم لنجاح هذه الخطط، وحتى في حال فشلها يتم تقييمها والاستفادة من الأخطاء والدروس.
وأضاف الأحمدي: في شرق آسيا يتم وضع خطط لا تتغير حسب الأهواء وبقرارات ارتجالية، أو ما يمكن أن يطلق عليها قرارات آنية متسرعة؛ بل يتم العمل على إنجاح الخطط حتى الرمق الأخير، وإذا فشلت يعيدون تكرار المحاولات في سنوات لاحقة، ولا يأخذون قرارات متسرعة ومفاجئة، وفي نهاية الوقت المحدد لمراجعة الخطة يقومون بذلك ويطبقون المبدأ المتفق عليه في الحالات التي تتناسب مع وضعهم.
وأوضح أن هناك صعوبة كبيرة من قبل الأندية السعودية في التعامل الإيجابي مع مباريات الذهاب والإياب، وخصوصا في جولات الحسم، فالاستعجال يكون سيد الموقف في العادة، كما أن هناك طغيانا للجانب الفردي في فرق غرب آسيا عكس شرق آسيا التي تعتمد اللعب الجماعي داخل الملعب من قبل اللاعبين، وخارجه من قبل الإدارة وأعضاء النادي، ولذا تحدث مدرب أوراوا الياباني قبل مباراة الذهاب وفي المؤتمر الصحافي عن أن 200 شخص يعملون خلف الفريق ويدعمونه، وهو بكل تأكيد لا يقصد مشجعين يحضرون المباريات، بل عاملين يقدمون عملا كبيرا ومنظما.
وأشار إلى أن أندية شرق آسيا تسعى لجلب أفضل اللاعبين الأجانب وإن كلفهم ذلك كثيرا من المال، ما دام هذا اللاعب الأجنبي يمكنه أن يساهم في تحقيق الخطط الاستراتيجية.
وحول البرنامج الزمني لدوري أبطال آسيا ومدى تأثيره على الأندية السعودية، كون النهائيات منها تقام في الجزء الأول من الموسم الكروي السعودي، قال الأحمدي: لا يوجد تأثير كبير، بل إن فرق غرب آسيا يمكنها تصحيح أوضاعها بكونها تخوض البطولة الآسيوية في موسمين، ولذا يمكن أن تغير في الطواقم الفنية واللاعبين الأجانب والمحليين، فيما أندية الشرق تكون الروزنامة أكثر ضغطا. وبين أن هناك أهمية في خيارات الأجانب وعدم التعاقد مع لاعبين لا يمكن الاستفادة التامة منهم بشكل متواصل على مدى موسمين على الأقل، وتحديدا للأندية المشاركة آسيويا، لبعث مزيد من الاستقرار الإيجابي غالبا.
أما نجم الهلال السابق سعود الحماد، فشدد في بداية حديثه على أن الحظ كان العامل الرئيسي وراء عدم تحقيق الهلال النسخة الأخيرة من دوري أبطال آسيا، فيما كانت عوامل أخرى شهد بها الجميع حرمته من حقه في حصاد لقب النسخة 2014.
وبين أن ضياع اللقبين على الهلال يجب ألا يكون نهاية المطاف في تجديد المساعي لإعادة الكأس للخزائن الهلالية.
وأضاف: على مستوى الأندية السعودية يجب العمل على الجوانب النفسية تحديدا في مباريات الحسم، وتحديدا ما يتعلق بالحسابات في مباريات الذهاب والإياب، فهناك تسرع واضح من أجل الحصاد في المباريات التي تقام في السعودية، والحال نفسه ينطبق على المباريات خارج الأرض، وهذا ما تعمل عليه أندية الشرق.
كما أن الخيارات للاعبين الأجانب يجب أن تكون على أساس الاستفادة منهم على مدى موسمين محليين؛ لأن ذلك يعني وجود الاستقرار في دوري أبطال آسيا الطويل جدا، والذي يحتاج إلى استقرار وتهيئة فنية ونفسية.
وعاد ليؤكد أن المهم أن يكون لدى الفرق السعودية لاعبون بدلاء على مستوى فني عال، ويتم تجهيزهم على مدى موسمين بحيث لا يتأثر الفريق بغياب أي لاعب مهما يكن حجمه في أي ظرف من الظروف، كما هو حاصل في الأندية العالمية التي يكون فيها بدلاء أكفاء، فهناك نجوم بحجم بوغبا الذي غاب عن ناديه مانشستر وجاء البديل الكفء.
وأضاف الحماد: أيضا على مستوى الأجانب يجب أن تحضر أسماء قوية ومؤثرة جدا، ويمكنها الحسم كما فعل الفريق الياباني بجلب لاعبه البرازيلي الحاسم داسيلفا، وأيضا تعاقدات الأندية الصينية وفي مقدمتها شنغهاي مع لاعبين مؤثرين جدا، منهم أوسكار، وغير ذلك من الأمثلة، فبطولة آسيا مهرها غال.
من جانبه أكد علي كميخ المستشار الفني والمدرب السابق، أن النسخ الأخيرة في دوري أبطال آسيا أثبتت أن الفرق السعودية ينقصها التوفيق كعامل رئيسي في المباريات الحاسمة، كما حصل مع الهلال وقبله الأهلي، وغيرهما من الأندية السعودية في دوري أبطال آسيا.
وعاد كميخ ليؤكد أن الأمر لا يقتصر على سوء الطالع والتوفيق؛ بل إن هناك ضياعا في الفرص المواتية نتيجة عدم وجود مهاجمين قناصين أمام المرمى، وكون المهاجمين عملة نادرة، وكذلك الأخطاء الفنية التي يرتكبها المدربون والتي تصل إلى حد الكوارث، من حيث التغيرات في التشكيلة وعدم وجود خط احتياطي قوي ومؤثر.
كما أن في أندية الغرب يكون خوض دوري أبطال آسيا على مدى موسمين، وبدلا من الاستفادة الإيجابية من ذلك يكون العكس، حيث تهدر أموال أكثر على صفقات أقل فاعلية، فيما أندية شرق آسيا تستغل وجود المنافسات على موسم وتقدم كثيرا من الأموال من أجل إنجاح خططها، وفي كل الأحوال يكون هناك هدر مالي في الغرب أكثر من الشرق، مما يدل على ضعف التخطيط.
وأشار إلى أن هناك تعاقدات بالملايين مع مدربين ولاعبين، وقرارات متسرعة تتخذ بالاستغناء عن بعضهم دون أي مبررات وخطط يمكن الرجوع إليها.
ورفض تبريرات تأثير الروزنامة بين الشرق والغرب، مبينا أن خروج الأندية السعودية في الغالب من هذه المسابقة يكون في منتصف الموسم، مما ينفي كل المبررات بوجود تأثير سلبي للروزنامة.
واختصر المدرب الوطني محمد العبدلي الذي عمل لسنوات في الجهاز الفني بنادي الاتحاد الأسباب بالقول: إن الأساس هو ثقافة مباريات الذهاب والإياب التي لا تناسب للأسف حسابات اللاعب السعودي، وطريقة تفكيره في استغلالها كما ينبغي، وأيضا التعاقدات الأجنبية في الأندية، مستذكرا أن الفترة التي فاز فيها الاتحاد بدوري أبطال آسيا كان للأجانب فيها أثر كبير جدا.
وشدد على أن الروزنامة غير مؤثرة أبدا، وأن الاتحاد السعودي ممثلا في لجنة المسابقات لا يقصر أبدا في دعم الأندية السعودية في الأدوار المتقدمة تحديدا في البطولة الآسيوية.
لماذا تخفق الأندية السعودية في «دوري أبطال آسيا»؟
القروني: أنديتنا تفتقد لثقافة الذهاب والإياب... والأحمدي: ابحث عن التخطيط... الحماد: نعاني من سوء الحظ
لماذا تخفق الأندية السعودية في «دوري أبطال آسيا»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة