{أرض الصومال}... رحلة البحث عن الاعتراف

رئيسها المنتخب يواجه تحدياً لتكريس الاستقلال بعد أكثر من ربع قرن من السعي المحموم... يدعمه استقرار أمني فريد تنعم به دولته

الرئيس المنتخب موسى بيحي يحيي أنصاره بعد فوزه  في الانتخابات الأخيرة (رويترز)
الرئيس المنتخب موسى بيحي يحيي أنصاره بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة (رويترز)
TT

{أرض الصومال}... رحلة البحث عن الاعتراف

الرئيس المنتخب موسى بيحي يحيي أنصاره بعد فوزه  في الانتخابات الأخيرة (رويترز)
الرئيس المنتخب موسى بيحي يحيي أنصاره بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة (رويترز)

أمضت جمهورية أرض الصومال (صومالي لاند) المعلنة من طرف واحد، في شمال الصومال، أكثر من ربع قرن، تنتظر الاعتراف الدولي، منذ إعلان انفصالها عام 1991. ولم تفلح السلطات المتعاقبة فيها، في نيل هذا الهدف من أي دولة أخرى في العالم، غير أن أكثر من 20 دولة تتعامل معها باعتبارها واقعاً معيشاً، وتقيم معها علاقات غير رسمية.
ولم تمنع تلك العقبة، الجمهورية الواقعة في شمال الصومال، من التميز في جوانب عديدة، أمنياً واقتصادياً، وسياسياً، وبدرجة عالية، حيث تنعم بالاستقرار والأمن مقارنةً مع بقية مناطق الصومال، بل وتتفوق في بعض الحالات على دول معترف بها دولياً في القرن الأفريقي. وتحتفظ هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 3.5 مليون نسمة، بعلاقات غير رسمية مع العديد من الحكومات الأجنبية التي أرسلت وفوداً بروتوكولية إلى العاصمة هرغيسا، كما تملك إثيوبيا مكتباً تجارياً فيها. وتتمتع بوضع خاص لدى المنظمات الإقليمية والدولية التي تتعامل مع الصومال. ومنذ إعلانها الاستقلال من طرف واحد في 18 مايو (أيار) عام 1991 تتمتع أرض الصومال بالاستقرار السياسي والأمني، ولها أنظمتها الإدارية، والسياسة المستقلة، وتدير المنافذ البحرية والبرية والحدودية بنفسها، كما أصدرت عملة خاصة بها، ولها مكاتب تمثيل في بعض دول الجوار.
شقت هذه الجمهورية ومنذ السنوات الأولى لتأسيسها، طريقاً مختلفاً عن بقية الأقاليم الصومالية، وجاء ذلك نتيجة توافق سياسي وقبلي لسكان هذه المنطقة، حيث لعب فيها زعماء القبائل التقليديون دوراً محورياً في منع الصدامات القبلية، الأمر الذي مهّد لنشوء وضع سياسي مستقر يرتكز على السعي لنيل الاعتراف الدولي. وعلى الرغم من عدم اعتراف أي دولة رسمياً بها، فإن «أرض الصومال» لديها شرطة، وجيش، وعَلم، ونقد خاص بها، وأصدرت جوازات سفر خاصة بها ولكنها غير معترف بها. ولذلك يستخدم معظم السكان الذين يسافرون إلى الخارج جوازات السفر الرسمية المعترف بها التي تصدرها الحكومة الفيدرالية في مقديشو.
أما الدول الخارجية فإنها تتعامل مع أرض الصومال كأمر واقع، ولذلك فهي تحصل على جزء من أموال المساعدات المخصصة للصومال بشكل عام، ولها مكتب تمثيلية غير رسمية في عدد من البلدان. وقد نجحت أرض الصومال في تدويل السلطة بشكل سلمي، حيث إن جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على الحكم منذ إعلان الانفصال عام 1991 تداولوا السلطة بشكل سلمي، بينما تم احتواء النزاعات القبلية المسلحة قبل استفحالها، عكس ما حدث في جنوب البلاد، حيث أدى صعود أمراء الحرب إلى استمرار الحرب الأهلية لنحو عقد من الزمن جرى خلالها أيضاً تدخلات عسكرية أجنبية بدءاً بالولايات المتحدة، ثم الأمم المتحدة، وبعدها الاتحاد الأفريقي ودول منظمة «إيقاد» في القرن الأفريقي.
ونتيجة لهذا الاستقرار السياسي والأمني الذي حققته أرض الصومال فإنها اجتذبت بعض الاستثمارات الأجنبية المهمة كان آخرها توقيع شركة «موانئ دبي» العالمية، اتفاقاً مع أرض الصومال لتطوير ميناء بربرا، مدته 30 عاماً، بتكلفة قدرها 446 مليون دولار. ويدر ميناء بربرا حالياً مصدر رزق للدولة، يغطي 75% من ميزانيتها السنوية. وبالنظر إلى أن أرض الصومال غير معترف بها من قبل المجتمع الدولي، فإنها لا تستطيع الاستدانة من المصارف الدولية كي تستثمر في مشروعات البنية التحتية للدولة، لكنها تغطي هذا الجانب من خلال علاقات غير رسمية مع دول عديدة.
وتهدف شركة «موانئ دبي» العالمية إلى استثمار الميناء بشكل كبير من خلال تحديثه وتوسيعه من أجل المنافسة مع الموانئ الأخرى في المنطقة، كما يشمل الاتفاق أن تستثمر دولة الإمارات أيضاً في ترميم الطريق الذي يربط بين مدينة بربرا الساحلية والحدود الإثيوبية، وهو طريق مهم لنقل البضائع إلى إثيوبيا المجاورة، التي ليس لها منفذ بحري منذ انفصال إرتيريا عنها عام 1993، كما يشمل الاتفاق بين الطرفين اتفاقات أخرى في دعم قطاعات الزراعة والطاقة والكهرباء والسياحة.

الانتخابات الرئاسية
كان الحفاظ على استقلال «أرض الصومال» ونَيلها الاعتراف الدولي، مسألة حاضرة بل ومحورية في حملات المتنافسين الثلاثة على منصب الرئاسة في الانتخابات التي جرت يوم الاثنين السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. وخاض هذه الانتخابات 3 مرشحين من الأحزاب السياسية الثلاثة (يسمح دستور أرض الصومال بإنشاء 3 أحزاب سياسية فقط) هم: موسي بيحي عبده، رئيس حزب التضامن والوحدة (الذي أعلن فوزه رسمياً بالرئاسة يوم الثلاثاء الماضي)، وعبد الرحمن محمد عبد الله عرّو، رئيس حزب «الوطني»، وفيصل على ورابي، رئيس حزب العدالة والتنمية المعروف بـ«أوعد». وأدلى الناخبون المسجلون الذين وصل عددهم إلى 704 آلاف ناخب، بأصواتهم في 1642 مركزاً انتخابياً منتشرة في 6 محافظات في جمهورية أرض الصومال، في مستوى إقبال لم يكن له مثيل في تاريخ الانتخابات في هذا الإقليم (جمهورية أرض الصومال) الواقعة في شمال الصومال.
ولأول مرة كانت هناك سابقة سياسية في أرض الصومال، حيث لم يشارك الرئيس المنتهية ولايته «أحمد محمود سيلانيو» (81 عاماً) في خوض الانتخابات الرئاسية، حيث تنازل لمرشح حزبه. وحكم سيلانيو أرض الصومال لمدة 7 سنوات. وكان فوز موسي بيحي في هذه الانتخابات كمرشح لـ«حزب التضامن والوحدة والتنمية» المعروف اختصاراً باسم «كولمية» –هذا الحزب الذي حكم أرض الصومال منذ عام 2000- متوقعاً إلى حد كبير، وكانت استطلاعات الرأي تضعه في الصدارة، على الرغم من التحدي الشرس الذي كان يمثله المرشح الآخر عبد الرحمن محمد عبد الله عرّو، رئيس حزب «الوطني» الذي استغل الأخطاء السياسية التي قال إن الحزب الحاكم وقيادته ارتكبها خلال فترة حكمه.
وتميزت الانتخابات الرئاسية في أرض الصومال بأن جميع الذين خاضوها بمن فيهم الرئيس بيحي والمرشحان اللذان تنافسا معه، من جيل الوحدة الذين خدموا في الجمهورية الصومالية وتقلدوا مناصب سياسية وعسكرية ومدنية فيها خلال العقود الثلاثة التي أعقبت الاستقلال (الستينات والسبعينات والثمانينات)، فالرئيس بيحي خدم في السلك العسكري أيام حكم سياد بري ووصل إلى رتبة عقيد طيار، وشارك في حرب الأوجادين بين الصومال وإثيوبيا (1977 - 1978).
أما المرشح الثاني عبد الرحمن محمد عبد الله المعروف بـ«عِرّو» (62 عاماً)، رئيس حزب «الوطني» المعارض، فقد كان موظفاً مرموقاً في وزارة الخارجية الصومالية، وتدرج في المناصب الإدارية داخل الوزارة، قبل أن يتم تعيينه قنصلاً في السفارة الصومالية في موسكو، ثم سفيراً للصومال لدى الاتحاد السوفياتي السابق. أما المرشح الثالث فيصل علي ورابي (70 عاماً) رئيس حزب العدالة والتنمية في أرض الصومال، فإنه هو الآخر عمل في الثمانينات مديراً للتخطيط والبناء في وزارة الأشغال العامة في الصومال، قبل أن يتم تعيينه مديراً عاماً للوزارة نفسها.
وفي الوقت الذي يمثل فيه المتنافسون على الانتخابات الأخيرة جيل الوحدة، على غرار جميع رؤساء جمهورية أرض الصومال السابقين، فإن معظم الناخبين المسجلين ينتمون إلى جيل الانفصال الذين فتحوا أعينهم على دولة يطلق عليها «جمهورية أرض الصومال»، أو «صومالي لاند» (التسمية الإنجليزية التي يستخدمها السياسيون والإعلاميون في خطاباتهم). وبناءً على هذه المعادلة فإن القادة الجدد لأرض الصومال أمامهم تحديات جمّة أبرزها تحقيق تطلعات عمرها 27 عاماً كان الشعار المرفوع فيها «نَيل الاعتراف الدولي» هذا الاعتراف الذي ترفضه جميع دول الجوار، وكذلك جميع المنظمات الدولية والإقليمية التي تتعامل مع الصومال -نظرياً على الأقل- بصفته كياناً واحداً، لكن من الناحية العملية تتعامل معها كأنها دولة أمر واقع تختلف عن بقية الصومال. وتعطي الانتخابات الأخيرة في أرض الصومال انطباعاً للجهات المهتمة يخالف ما عليه الوضع في أقاليم الصومال الأخرى، ويعتبر معظم القادة السياسيين فيها أن هذه الانتخابات خطوة مهمة في الطريق الطويل إلى نَيل الاعتراف.
وقد حظيت هذه الانتخابات باهتمام دولي نسبي، حيث استضافت أرض الصومال أكثر من 70 مراقباً أجنبياً من 27 بلداً انتشروا في مراكز الانتخابات، واستُخدمت فيها تكنولوجيا «IRIS» المتطورة للتعرف على بصمات العين للناخبين عند الإدلاء بأصواتهم للحيلولة دون تصويت الناخب أكثر من مرة واحدة، وهذه هي المرة الأولى التي يتم استخدام هذا النظام في انتخابات في أفريقيا. وعلى الرغم من ذلك فإن بعض التجاوزات والخروقات الانتخابية حصلت في مناطق عدة حسب لجنة المراقبين التي قالت إنها سجلت العديد من هذه المخالفات ولكنها لم تبلغ مستوى تؤثر فيه على النتائج العامة للانتخابات.
بعض المراقبين يعتقدون أن النتيجة كانت متوقعة سلفاً وفقاً للتصنيفات القبلية للناخبين، حيث إن ديمقراطية أرض الصومال ممزوجة بالقبيلة، فعلى الرغم من الحملات الانتخابية والمناظرات التلفزيونية بين المتنافسين الثلاثة فإن تأثيرها على اتجاهات الناخبين قليلة جداً. فقد عُقدت أول مناظرة تلفزيونية تُبث على الهواء مباشرة لرؤساء الأحزاب الثلاثة ونوابهم، وبحضور جماهيري كثيف من السياسيين والأكاديميين والمثقفين، تابعها أنصار المرشحين، إلا أن المناظرة لم تزد ولم تنقص ما كان في جعبة كل حزب من الأصوات في ظل سيطرة الانتماءات القبلية على توجهات الناخبين.
وتشابهت وعود المرشحين الثلاثة، بدءاً من الحفاظ على استقرار أرض الصومال، وتخفيض مستوى البطالة، وتطوير البنية التحتية، ومحاربة الفساد في المؤسسات الحكومية، والوعد الأهم الذي يتمثل في جلب الاعتراف الدولي الذي لم يفلح فيه جميع رؤساء أرض الصومال الأربعة الذين سبقوا الرئيس الجديد موسي بيحي في المنصب.
وغالباً ما تكون انتخابات صومالي لاند، مدعاة إشادة وثناء دوليين في كل المناسبات، لكنه من الواضح أنه إعجاب لا يرقى لأن يصل إلى الاعتراف بالإقليم دولةً مستقلةً. لذلك يجد موسي بيحي نفسه مطالَباً بتحقيق هذا المطلب الصعب عبر مواصلة التفاوض مع الحكومة المركزية في مقديشو والسعي أيضاً لدى الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى لانتزاع الاعتراف الذي طال انتظاره. هذا الاعتراف الذي لا تتحمس له هذه الجهات نظراً إلى تبعاته السياسية على المنطقة كلها.

بطاقة تعريف
- تم الإعلان عن ميلاد «جمهورية أرض الصومال» في 18 مايو عام 1991 بعد نحو 3 أشهر من انهيار الحكم المركزي في الصومال بقيادة الرئيس الراحل محمد سياد بري، وجاء الإعلان في أثناء مؤتمر لزعماء القبائل في شمال الصومال نظّمته جبهة الحركة الوطنية الصومالية (SNM) المعارضة لنظام سياد بري، وذلك في مدينة بُرعو شمال البلاد، تحت اسم «مؤتمر برعو للمصالحة وتقرير المصير».
- نص هذا الإعلان على الانفصال عن جمهورية الصومال الديمقراطية (كما كانت تُعرف آنذاك) والعودة إلى حدود ما قبل 1 يوليو (تموز) عام 1960، وهو التاريخ الذي توحد فيه الإقليم الشمالي من الصومال الذي حصل قبل 4 أيام فقط على الاستقلال عن بريطانيا، والإقليم الجنوبي الذي حصل هو الآخر على الاستقلال عن إيطاليا في الأول من يوليو، ليشكلا الجمهورية الصومالية.
- دخلت أرض الصومال منذ استقلالها مرحلة بناء مؤسسات دولة أمر واقع، رغم عدم حصولها على الاعتراف الدولي. فتم إنشاء نظام جمهوري، ومجلس للنواب، ومجلس للأعيان، وحكومة ودستور ونظام انتخابات لتداول السلطة بشكل سلمي، إضافة إلى عملة وطنية وبنك مركزي وعَلم وشعار دولة خاصَّين بها، وكذلك أجهزة أمنية (جيش وشرطة ومخابرات)، ونظام إدارة متكامل كله مستقل عن الدولة الصومالية.
- تقع أرض الصومال (صومالي لاند) في أقصي شمال غربي الصومال تحدّها جيبوتي من الغرب، وإثيوبيا من الجنوب، وإقليم بونتلاند الصومالي من الشرق. وتملك أرض الصومال ساحلاً طويلاً على خليج عدن يمتد بطول 740 كم. وتبلغ مساحتها نحو 137600 كم2.
- يبلغ عدد سكان جمهورية أرض الصومال نحو 3.5 (3 ملايين ونصف المليون نسمة) حسب الإحصاءات التقديرية غير الرسمية. وينتمي غالبية السكان المحليين إلى العرق الصومالي، ونحو 55% من السكان من البدو الرُّحّل أو شبه الرُّحل وسكان البادية، بينما يعيش 45% من السكان في المناطق الحضرية وأهمها العاصمة هرغيسا التي يقدَّر عدد سكانها بنحو 650 ألف نسمة، وأبرز المدن الأخرى مثل بورعو وبورما وبربرة وعيرغابو ولاس عانود.
- يسمح الدستور الرسمي في أرض الصومال بوجود 3 أحزاب سياسية فقط تتنافس على الحكم، والأحزاب المعترف بها هي: حزب التضامن والوحدة والتنمة (Kulmiye): وهو الحزب الحاكم خلال الفترة من 2010 حتى 2017. زعيمه خلال نفس الفترة هو السيد موسى بيحي عبده، الذي فاز في الانتخابات التي أُجريت يوم 13 نوفمبر 2017. والحزب الوطني (Waddani): بزعامة عبد الرحمن محمد عبد الله المعروف بـ«عرّو»، رئيس مجلس النواب السابق في أرض الصومال. حل في المرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة. وحزب العدالة والتنمية (UCID): ثالث حزب سياسي في جمهورية أرض الصومال. زعيم الحزب هو المهندس فيصل علي ورابي، وحل هذا الحزب في المرتبة الثالثة في الانتخابات الأخيرة.
> فيما يتعلق بالعلاقة مع الحكومة المركزية في مقديشو، فإن مقديشو تَعتبر أرض الصومال جزءاً لا يتجزأ من الجمهورية الصومالية، ولذلك أُعطيت القبائل الساكنة في أرض الصومال تمثيلاً في مجلسي البرلمان الفيدرالي (مجلس الأعيان ومجلس الشعب) إلى جانب مشاركتهم في الحكومة ومؤسسات الدولة الأخرى، لكن أرض الصومال تقول إنه لا علاقة سياسية لها إطلاقاً مع حكومة مقديشو، وإن الأعضاء الذين ينتمون إلى أرض الصومال المشاركين في المؤسسات الفيدرالية لا يمثلون إلا أنفسهم. وكانت هناك مفاوضات طويلة بين الطرفين كان آخرها برعاية تركية، لكن هذه المفاوضات لم تسفر عن نتائج تذكر لأنها لم تبحث القضايا الجوهرية الخلافية بين الجانبين، إذ إن أرض الصومال تصر على التعامل بين الطرفين على أساس دولتين جارتين، بينما تطالب الحكومة المركزية في مقديشو بأن يكون التعامل على أساس دولة واحدة وبحث مطالب أرض الصومال في هذا الإطار، ولم يفلح الوسيط التركي في التقريب بين الطرفين حتى الآن، وتم تعليق المفاوضات، ومن المتوقع استئنافها مطلع العام المقبل.



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».